تستمر أزمة أقلية الروهينغا في بورما وتتوالى أحداثها المأساوية وتتفاقم يوماً بعد يوم، وتتجه نحو المجهول؛ بسبب تخاذل المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حازم ضد ميانمار (بورما سابقاً)، وممارساتها التعسفية ضد عرقية الروهينغا، والتي امتدت زهاء 7 عقود ونصف العقد تقريباً.
وقد وفقني الله -تعالى- لزيارة مخيمات اللاجئين الروهينغيين في بنغلاديش في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017، والممتدة من قرية "شافروديب" إلى أطراف منطقة "كوكس بازار" البنغلاديشية على سواحل خليج البنغال، وهذه الزيارة هي الخامسة بالنسبة لي على مدى 5 أعوام.
وخلال مدة سفري الأخير -التي امتدت 10 أيام- زرت أكثر من 12 مخيماً للاجئين الروهينغيين، أُنشئت حديثاً بعد اندلاع أزمة 25 أغسطس/آب الماضي، ومن أبرز الأهداف التي سافرت من أجلها، الوقوف التام والتعرف على أبرز احتياجات الناس، والخلوص إلى مرئيات عن العمل الإغاثي ومقترحات تطويره في المستقبل بإذن الله تعالى.
وبعد اختيار عيّنات للدراسة هناك، سواء من مخيمات أو عوائل أو أفراد، وإجراء دراسة فاحصة للوضع؛ خرجت بالأمور الآتية:
أولاً: الايجابيات
1. الدعم السياسي الكبير من حكومة "شيخة حسينة واجد" رئيسة وزراء بنغلاديش والتعاطف الرائع والجميل من الشعب البنغلاديشي للاجئين الروهينغيين؛ نتج عنه سهولة وصول الجمعيات والمنظمات العالمية وكذا الأفراد من فاعلي الخير، وضمان وصول المساعدات لمستحقيها عبر آليات وتنظيمات ممتازة.
2. التنظيم المتميز لجيش بنغلاديش لتوزيع الإغاثة وتنظيم الحشود البشرية والمركبات ووضع آلية مرتبة في إيصال المعونات إلى مستحقيها، بدءاً باستقبالهم عند نقطة الفرز وإرسال مندوب من أفراد الجيش مع كل قافلة إغاثية، وتوزيع مسبق لأرقام كل أسرة محتاجة عبر عُمَد الأحياء، وانتهاءً بتوزيع المواد الإغاثية عبر صفوف منتظمة، مع فصل تام بين الرجال والنساء.
3. توافر جميع المواد الإغاثية والطبية والعينية في بنغلاديش؛ وكفى ذلك مؤونة شحنها من دول خارجية، وهذا بالإضافة إلى توافر وسائل المواصلات التي تنقل تلك المواد إلى المخيمات.
ثانياً: السلبيات
1. التكرار في توزيع مواد إغاثية معيّنة للأسر؛ مما كان سبباً في تكدسها لدى اللاجئين.
2. اعتماد أكثر القوافل والجمعيات على توزيع المواد الغذائية فقط دون النظر إلى الاحتياجات الضرورية الأخرى لدى اللاجئين، كالمواد الطبية ودورات المياه وغيرها.
3. قلة وصول المساعدات إلى اللاجئين الذين يسكنون في مخيمات بعيدة عن أطراف الشوارع، وأكثر اللاجئين الجدد سكنوا داخل الغابات وفوق الجبال؛ مما يعني أن أصحاب المواد الإغاثية لا يصلون هناك.
ثالثاً: المرئيات والمقترحات
تتلخص مرئياتي ومقترحاتي للعمل الإغاثي للاجئي الروهينغا في بنغلاديش في الآتي:
1. إنشاء هيئة عالمية لإغاثة الروهينغا تحت إشراف منظمة التعاون الإسلامي "OIC" وبتنسيق من حكومات الدول التي وصل إليها لاجئون روهينغيون، وبالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين "UNHCR"؛ لتتولى تنظيم العمل الإاغاثي الإنساني للروهينغا في كل مكان، وخاصة بأراكان وفي بنغلاديش؛ وذلك لضمان وصول المساعدات إلى الجميع عبر آلية تنظيمية وحصص أسبوعية أو شهرية.
2. دراسة الاحتياجات الأساسية للاجئين، وتنظيم العمل الإغاثي، وتلافي الازدواجية الحاصلة والتكرار في أنواع المواد الموزعة.
رابعاً: الاحتجاجات
أولاً: مشروعات مستدامة
1. مشروعات بناء: بناء دورات مياه وأماكن للاستحمام، وخاصة للنساء، وبناء مساجد ومصليات، وبناء مدارس، وبناء دور لتحفيظ القرآن الكريم، وبناء مستوصفات، وحفر آبار ارتوازية، وإيصال الماء إلى سفوح الجبال.
2. مشروعات دعوية: التكفل برواتب أئمة المساجد والدعاة ومدرسي التحفيظ؛ حيث إن هناك مصليات لا توجد بها أئمة ومدرسو القرآن؛ بسبب عجز الناس عن دفع رواتبهم.
3. مشروعات تعليمية: طباعة كتب ومقررات دراسية، والتكفل برواتب المعلمين والمعلمات.
4. مشروعات تأهيلية: تأهيل الشباب والنساء وتدريبهم على أعمال مهنية وحرفية؛ لتهيئتهم لسوق العمل وجعلهم يعتمدون على أنفسهم، وتأهيل نفسي للأطفال والنساء الذين تعرضوا لصدمات نفسية وشاهدوا المآسي، والذين تعرضوا هم أو أهاليهم للتعذيب، ومن فقدَ والديه أو أولاده، وخاصة الأيتام والأرامل.
ثانياً: مشروعات مؤقتة
1. مشروعات إغاثية: توزيع سلال غذائية، والاحتياجات المنزلية من فَرش وحصير ولمبات تعمل بالماء، ومواقد للنار، وأوانٍ منزلية، وملابس وأحذية.
2. مشروعات الكسوة: توزيع ملابس وأحذية للرجال والنساء والأطفال، وخاصة الملابس الداخلية.
3. مواد للرُّضَّع
والله الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
للمزيد عن شؤون الروهينغا تابعوا قناة Rohingya VisionTV
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.