تغفيلة لفظ

قد يكون الكاتب أخطأ ولم يضع اللفظ المُقرب إلى وجدان شخصيته (الشاب المهاجر) ووضع اللفظ المُقرب لوجدانه هو، فشخصية الشاب تلك ببنائها الوجداني الذي عرضه الكاتب في عمله يجعل لفظ "بلدي" أقرب إلى وجدان شخصية الشاب من لفظ "وطني"، فقد يكون لفظ "وطني" قريباً لوجدان الكاتب نفسه، وأن الكاتب في أثناء كتابته نسي وغلبه وجدانه وطباعه، فغفل وكتب ما يكون أقرب له ولم يكتب ما يجب أن يكون أقرب إلى طبيعة شخصيته التي رسمها وبرعَ في بنائِها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/26 الساعة 08:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/26 الساعة 08:02 بتوقيت غرينتش

قد يخطئ كاتب ويورد على لسان إحدى شخصيات عمله الأدبي ألفاظاً يفضلها هو، والتي يشعر بها في وجدانه هو، فنرى شخصية شاب نشأ وشبّ في حيٍ بسيط، بجانب أنه تلقى تعليماً ضعيفاً يكاد يجعله يقرأ ويكتب، كما أنه لم يعمل على تثقيف نفسه، فثقافته تأتي من حارته وبعض الشيء من تلفازه.

قرر الشاب هذا أن يخرجَ ويهاجر إلى خارج مصر لكثرة التخبطات والسقطات التي مر بها، ويسافر لهولندا ويفتتح مطعماً بعد عمل وجهد متواصل، نراه نجح وحقق ما كان يريد، وفي لحظةٍ يحنُ إلى وطنه، ويمتلئ قلبه بشغف العودة إليه، فيعبر كاتبنا عن هذا الشغف بقولٍ على لسان شخصية الشاب تلك، وهو جالسٌ مع رفيق له مصري المنشأ مثله: "والله يا أخي أبويا وأمي وحشوني نفسي أشوفهم همّا وباقي العيلة، ريحة النيل وحشتني، وطني وحشني".

قد يكون الكاتب أخطأ ولم يضع اللفظ المُقرب إلى وجدان شخصيته (الشاب المهاجر) ووضع اللفظ المُقرب لوجدانه هو، فشخصية الشاب تلك ببنائها الوجداني الذي عرضه الكاتب في عمله يجعل لفظ "بلدي" أقرب إلى وجدان شخصية الشاب من لفظ "وطني"، فقد يكون لفظ "وطني" قريباً لوجدان الكاتب نفسه، وأن الكاتب في أثناء كتابته نسي وغلبه وجدانه وطباعه، فغفل وكتب ما يكون أقرب له ولم يكتب ما يجب أن يكون أقرب إلى طبيعة شخصيته التي رسمها وبرعَ في بنائِها.

وقد يكون لفظ "وطني" قريباً إلى وجدان شخصية الشاب المهاجر، وقد وضع الكاتب تفسيراً مسبقاً لقرب ذلك اللفظ لوجدان شخصيته التي رسمها، فمن عناصر قوة الكاتب هو إيراده لألفاظٍ متماشية ومتناسقة مع بنائِه المسبق للشخصيات التي يرسمها، كل شخصية يأتي على لسانها اللفظ الذي يناسب الشخصية وبناءها.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد