حين تواصلت معي الدكتورة منار طنطاوي، زوجة الصحفي والباحث المصري هشام جعفر، حول الاستقرار على يوم محدد لبدء حملة بعنوان "أشوف النور"؛ حيث سيروي الآخرون حكاياتهم مع هذه الشخصية التي أكملت عامين من السجن ظلماً وبهتاناً، والدليل أنها ما زالت تدرج تحت "العنوان العريض" إياه "الحبس الاحتياطي".
يمكن وقياساً مع ما عاشته وتعيشه هذه الأسرة الرائعة التي تستحق مكانة أرفع وأعظم، نظير خدماتها الجليلة علمياً وأكاديمياً وتربوياً لهذا البلد الذي صار "يبتلع" أبناءه الواحد تلو الآخر، أن يكون خبر الحملة أمراً "عادياً" في ظل هذا الكابوس القائم، لكن أن تمر ساعات قليلة وأفتح صندوق الرسائل كي أجد رسالة أخرى "صادمة"، مفادها أن "شيخ الإصلاحيين" في مصر تعرض للاعتداء أثناء عودته من "جلسة التجديد" يوم الثلاثاء 12 سبتمبر/أيلول، فهذا "منعطف" آخر يجعلنا أمام واقع مخزٍ لا يجدر السكوت عنه.
أي خبر مروع هذا الذي وصلني؟ وكيف سأكتب عنه وأنا أشعر بالعجز القاتل الذي يشل تفكيري قبل حركتي؟
أن يصمت العالم بأسره على التنكيل بهشام جعفر وأسرته واللعب على وتر الأعصاب والتأجيلات ومسلسل الانتهاكات الطويل العريض الذي استنزف صحته المتهرئة أصلاً وزادها تدهوراً أمر وأن يتم الاعتداء على قامة مصرية يشهد الصغير قبل الكبير بكفاءتها فتلك "جريمة كبرى" لا يمكن تجاوزها أو "هضمها" تحت أي طائل ولا أي عنوان آخر.
وهنا سأتساءل : كيف يشعر تلاميذ هذا الرجل وهم يستقبلون هذا النبأ الكارثي؟ وما إحساس زملاء هشام جعفر حين يفتحون مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام "القليلة" التي تجرأت على طرح قضيته وهم يطالعون هذا الموضوع؟
قد أبدو قاسياً في الحكم على البعض، لكنني أستغرب حقاً ألا يعمّ هذا التطور الخطير ولا يعمم عبر كل السوشيال ميديا ووسائل الإعلام؛ لأننا ندق ناقوس الخطر على "إنسانيتنا" ووفائنا وأخلاقنا وقيمنا التي تربينا عليها، هل لهذه الدرجة بلغت بنا الخسة أن نتجاهل مَن علمنا ومَن عرفناه "إنساناً" بمعنى الكلمة قبل أن يكون نعم الأستاذ والأخ والناصح؟
وهنا سأعود لنقطة الإعلام وأوجه التحية للإعلاميين معتز مطر وهيثم أبو خليل اللذين تناولا القضية وتطرقا لخبر الاعتداء وكذا حملة "أشوف النور"، ولكن أين اختبأ الآخرون يا ترى؟ وكيف يمكن أن "نحترم" إعلاماً يتنكر لأبنائه من أجل "مصلحة" أو منصب أو حتى كنوع من الوفاء لنظام مستبد قمعي؟
المؤكد أن قضية هشام جعفر جعلتنا نقف على حقيقة هذا الزمن البشع القاسي، ولكن ما أعيه جيداً أنني وآخرين مثلي لن نقف مكتوفي الأيدي وسنظل نردد أن حبل الظلم قصير، وكما قال الكبير محمد الماغوط يوماً: "الطغاة كالأرقام القياسية لا بد أن تتحطم في يوم من الأيام".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.