الموصل تنهض من كتاب محروق

مهرجان القراءة الأول في الموصل، كانت شمساً ساطعة اكتسحت الغيوم، ونسيماً عليلاً أنعش الأرواح، وبدأ بها شباب الموصل الرحلة لبناء الفكر من جديد، لتعمير الإنسان، ولإنشاء جيل يؤمن بأن النور أمل والعلم طريق التغيير.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/24 الساعة 06:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/24 الساعة 06:52 بتوقيت غرينتش

كأول الغيث الذي ينهمر على أرض ميتة بور، ينعشها ويحييها فتهتز ذراتها معلنة عودة النبض من جديد، وتربو على أكتافها أولى البادرات، تشق صلابة الموت الذي أحاق بها، ثم تبزغ بزوغ أول أشعة الشمس لتنير، فتزهق معها عتمة الليل البهيم.

بالأمس كانت اقرأ، تلك الحروف التي ارتجَّ بها غار حراء، وحملها قلب أطهر الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إلى كل العالم وكل البشر، ليزيح بها، وفقط بها، الدمارَ الفكري والعتمة الذهنية وعوق العقول.

وهذه كتلك في البداية وعند كل بداية ستكون اقرأ، وها هي هنا في الموصل في أول مهرجان كانت اقرأ هي الأولى.. مهرجان القراءة الأول في الموصل، كانت شمساً ساطعة اكتسحت الغيوم، ونسيماً عليلاً أنعش الأرواح، وبدأ بها شباب الموصل الرحلة لبناء الفكر من جديد، لتعمير الإنسان، ولإنشاء جيل يؤمن بأن النور أمل والعلم طريق التغيير.

فمن على أطلال الكتاب المحروق، وبالقرب من بقايا مكتبة عريقة معطاءة سجَّل الفكر الحر والعقل السليم حضوره في الموصل لأول مرة، بعد أن كان حبيس السواد والجهل والظلم.

كان تجمعاً فريداً من نوعه يشهد برفضه لكل الخروقات التي تطال العقل، وتعتبره منطقة محرمة عصية على الاحتلال والدمار، وتعلنه حراً يريد النهوض.

باقرأ بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنسان الذي أقام حضارة عظيمة، في وادٍ غير ذي زرع، وأرسلها سلاماً لكل الأرض، فبها كانت أولى درجات سلم القيام، وكأنهم على خطى الحبيب سائرون، يغرسون كغرسه في أرض أردتها الحرب حطاماً، وأسقطت أحلامها خراباً.

ذلك الغرس هو الكتاب، وعما قريب سينبت الغرس ويكبر ويزهر لتخرج معه حياة أخرى بطعم آخر، وروح توّاقة وسفينة جديدة ترسو على جودي أحلامنا، فتنقذها من طوفان أغرق الحياة والفكر.

وبينما يتصارع الساسة والدول لإعلان الموصل مدينة منكوبة، كانوا هم الأساس والسبب والمسبب فيما حدث لها ليستجدوا أموالاً لإعادة بنائها.

سبقهم شباب الموصل، وبدأوا مسيرة عزيزة لا تذهب بماء الوجه، ولا تستجدي عطاءً من أحد، بل تُعلي قدر الإنسان، وتعز قيمته، وتوجّه بإعادة تشكيل وإعمار جيل جديد، كلنا أمل أن يحافظ على هذه البذرة، وما ينبت ويثمر منها.
اقرأ الأمس..
هي اليوم، طوق النجاة..
وأوكسجين الحياة.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد