حصار باتمان

الحق لا يبالي بالمعارضة إلا إذا أراد أن يستفيد منهم، وشرط في ذلك ألا يمسسهم بضر، إن كان الحق يتبعه كثرة فلا يعني أنه حق، وإن كان الحق يتبعه قلة فلا يعني أنه باطل، لكن دائماً تكون معارضة الحق قلة "باطلة" ما لم يشعر الحق بأن القلة مجرد أرقام لا تؤثر إن صاحت، ويكون الحق باطلاً إن كان الحق يخشى صياح القلة؛ لذا فإن الدولة التي وقع عليها الحصار هي الحق؛ لأن الدول المحاصرة تؤيد اعتقال إحداها لمشايخها ودعاتها

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/22 الساعة 05:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/22 الساعة 05:32 بتوقيت غرينتش

ثمة أمور أصبح من الصعب استيعابها، بِتنا نفتقر أبجديات الحياة من مسكن ومأكل ومشرب، كذلك أبسط الحقوق الإنسانية كـ(العدل، الحق، الحرية.. إلخ)، كثير من الناس لا ينالون نصيبهم منها، هذا إن لم يكن الغالبية منهم، إن مجريات الأحداث الآن أصبحت مختلفة تماماً عن سابقها، فالآن الحق يسجن لأنه حق، والباطل حر طليق؛ لأنه باطل!

أصبح من الصعب تحقيق العدالة والمساواة، أو إن شئت فقل "منصفات الإنسان" بين الناس، ولأن السبيل الوحيد للعيش برفاهية وكرامة في الحياة هو "الخيال"، أصبحنا ندمن الخيال ونعيش تفاصيله أكثر من الواقع.

ملحوظة: كل ما سيتم ذكره لا يمت للأحداث الجارية أو الواقع بشكل عام بِصِلة.

أولاً: السينما أكثر ما يطبَّق فيها العدال

إن العدالة الإنسانية هي من أهم مطالب الإنسان الأولية بعد الأبجديات، السينما العالمية والعربية دائماً نلاحظ أن الخير ينتصر فيها، إن الشر مهما كانت قوته يهزم، فمثلاً: في فيلم "X-Men" كانت قوة الشر فيه تبدو أقوى، لكن تطبيقاً لمبدأ العدالة فكان سيفهاً أقوى؛ لذلك قليلاً ما نلحظ انتصار قوى الشر، وكأن العِبرة من ذلك هي "العدالة لا تطبق في الحياة لأنها خيال" من هذه العبرة بدأنا نحب الأبطال الذين صنعتهم السينما كـ"سوبرمان، باتمان، كابتن أميركا… إلخ".

إن الإنسان لا بعتنق فكراً أو عقيدةً إلا إذا كان على ثقة بأنها الحق، وأنها ستفي بحاجاته وستشبع رغباته؛ لذلك منذ الطفولة وإلى أن هرم العظم ما زال هناك من هو مؤمن بظهور أحد هؤلاء الأبطال.

ثانياً: الواقع لا يقبل الأبطال

إن الشتات الذي أصبح العالم يحياه، جعل الأمور تزداد تعقيداً، إن السعي وراء الحكم، والسعي خلق أقاويل مزيفة، والسعي وراء السيطرة والنفوذ جعل النفوس تشتعل ناراً، ازداد لهيب الفرقة، بل وصل الأمر إلى الإخوة، ثمة فريق يسعى إلى فرض نفوذه على منطقة معينة يزعم أنها في الأصل مِلكه، بدأ ذلك الفريق بخطوات ممنهجة عملية السيطرة، فمن ضمن تلك الخطوات التي تقريباً بدأها من عام 2011 هي التفرقة، فقد بذل قصارى جهده في التفرقة بين الإخوة من 2011 إلى أن سيطر على غالبية الدول إلا دولة واحدة، دولة واحدة لم ترضخ، وقفت كالشوكة في الحلقوم، كانت البطل الذي لم يقبله الواقع، فحُوصرت تلك الدولة من أشقائها، لا أحد يعلم ما هو مصيرها، ما الذي ينتظهرها؟، هل ينتصر الخير هنا معلناً أن العدالة والخير يطبقان في الواقع كما السينما؟ أم ستميل موازين المعركة لقوى الشر فتنتصر؟ فيحقق الواقع ما قلَّ تحقيقه في السينما.

ثالثاً: الحق لا يبالي بالقلة

الحق لا يبالي بالمعارضة إلا إذا أراد أن يستفيد منهم، وشرط في ذلك ألا يمسسهم بضر، إن كان الحق يتبعه كثرة فلا يعني أنه حق، وإن كان الحق يتبعه قلة فلا يعني أنه باطل، لكن دائماً تكون معارضة الحق قلة "باطلة" ما لم يشعر الحق بأن القلة مجرد أرقام لا تؤثر إن صاحت، ويكون الحق باطلاً إن كان الحق يخشى صياح القلة؛ لذا فإن الدولة التي وقع عليها الحصار هي الحق؛ لأن الدول المحاصرة تؤيد اعتقال إحداها لمشايخها ودعاتها؛ لأنهم فقط دعوا الله أن يوفق ذات البين، الذي جعلهم يشعرون بصيحات القلة.

رابعاً: مَن هو باتمان؟

باتمان هو شخصية كارتونية بطولية، تم إسقاطه وتشبيه دولة به، وذلك من وجهة نظري الشخصية، باتمان هنا ضئيل الحجم، عالي القدر، ذو مكانة عالية، باتمان هنا احتوى الذين لم يجدوا المأوى في أوطانهم، نصر المظلومين، دافع عن الحق، باتمان لم يعامل إخوانه الذين يحاصرونه إلا بما هو فيه من جود وكرم، كان الأخ الأكبر الذي احتضن وما زال يحتضن إخوته الأصغر منه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد