هي مأساة إنسانية بشعة تلك التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا الذين يبادون جماعياً بأبشع الطرق كل يوم منذ زمن بعيد، في ظل صمت عالم لا يفعل شيئاً سوى الفرجة التي تختتم في حدها الأقصى بالاستنكار المحتشم، والذي لا أراه سوى ضوء أخضر للاستمرار في تلك الجرائم.
هذا الصمت الذي سيظل وصمة عار تنضاف لأخرى لطخت مجتمعاً دولياً لطالما تغنى بالدفاع عن حقوق الإنسان والمضطهدين، جاعلاً منها مجرد وسيلة لخدمة مصالح سياسية أحياناً، واحتلال دول عديدة أحياناً أخرى.
في خضم كل هذا، نرى كل يوم غضباً كبيراً في منصات التواصل الاجتماعي على صور مأساوية تصلنا من هناك، مع الإشارة إلى وجود العديد منها التي فيها مغالطات لا أدري لماذا تمرر رغم كون الصور الحقيقية كافية لكسر حتى القلوب الأشد تحجراً والتي لا تقوم بشيء سوى الإضرار بقضية ذلك الشعب المضطهد، هذا الغضب الذي في غالبه يحمل نداءات عديدة للمطالبة بتدخل الدول الإسلامية نصرة للمسلمين الذين يبادون أمام أنظار العالم كل يوم.
لكن الأمر هنا يصير مبكياً مضحكاً، فكيف يتأمل الناس في مجتمعاتنا تدخلاً ممن رأوا ويرون كل يوم مجازر تتعرض لها شعوب مجاورة من مسلمين مثلهم في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها؟ كيف وهم يرون كل يوم ما يواجهه الشعب الفلسطيني الأبيّ وحيداً أمام آلة وحشية إسرائيلية للأسف أصبحنا نراها أرحم من آلات قمعية عربية استخدمت حتى السلاح الكيميائي ضد شعب أعزل؟
المؤسف أننا كلما رأينا مجازر في حق المسلمين في شتى بقاع العالم نجدنا ننتظر تدخل الدول الغربية، كوننا صرنا على يقين تام بأن دولنا العربية والإسلامية أصبحت منهمكة في التناحر فيما بينها، أو في تحصين دواخلها ضد أي تحرك قد يضر بمصالح هذه الحكومات العاجزة أحياناً حتى عن إصدار بيانات استنكار أو شجب، فحتى هذه الأخيرة أصبحت تحكمها الشروط التي يجب أن تتوافر في ذلك الشعب المضطهد، مذهبها، ديانتها، توجهها وغيرها من حسابات أقل ما يمكن أن توصف به بأنها عار على أمة أعزها الله بدين الإسلام وأذلوا أنفسهم بجهلهم وحقارتهم.
أما الحديث الذي نصادفه كثيراً هذه الأيام عن كون الأمر وردة فعل المجتمع الدولي كانت ستكون مختلفة لو كان شعب الروهينغا يدينون ديانة أخرى، فهذا دون شك صحيح، لكن العيب الأول فينا لا فيهم؛ لأننا نحن من أصبحنا ننتظر تدخل الآخرين لوقف تلك الجرائم؛ لأننا نحن من تشتتنا وأصبحنا نرى في بعضنا أعداء، ولأننا نحن للأسف من أصبحنا نرى جرائم يرتكبها مسلمون في مسلمين، جيش دولة في شعبه، بل شعب في فصيل آخر من نفس الشعب فقد لاختلاف رأي أو مذهب، فأصبح قتلانا مجرد أرقام، وأصبحنا رخيصين لا يهز تعرضنا لمأساة ما نفس أحد، كيف ونحن أول من صار يشمت في أخيه العربي والمسلم.
أملنا الوحيد في الله، هو الوحيد القادر على نصرتهم، والتخفيف من محنتهم، أما دولنا العربية والإسلامية فهي للأسف مشغولة جداً، لا وقت لديها، ليس بسبب البناء والنهوض والتطور والتوعية، بل بسبب التقاتل وحياكة المؤامرات ضد بعضهم البعض، وفي الحفاظ على الجهل الذي يحمي هؤلاء الحكام من المساءلة.
فيا شعب الروهينغا، يا كل المضطهدين في العالم، لكم الله.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.