حياة الكتابة أجمل وألذّ وأمتع

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/12 الساعة 03:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/12 الساعة 03:53 بتوقيت غرينتش

لا نكتب ليَمدحنا الآخر، أو يمنّ علينا بصفة أو يمنحنا شرف لقب لا يضيف لنا شيئاً ذا قيمة، قد تكون آراء وأفكار وانطباعات القارئ في غالب الأحيان شيئاً آخر سوى الذي تبنّاه الكاتب في قرارات نفسه، الحروف الأبجدية لا تكفي لحل المشاكل الفكرية لذلك فإننا لا نكتب من أجل نظرية أو فكر معين، لا نكتب لنُبرمج العقول ولا نكتب لنخلق عبودية وعدمية كاملة، وأيضاً لا نكتب لنغدو كتاباً وإنما لنقترح ونتقاسم ونتعايش ونخلق ثورة باطنة وظاهرة تجاه كل المعارف والعلوم.

يصعب علينا إرضاء جميع الأذواق، فكل شيء يتغير، ولا شيء باقٍ على طبيعته وطبعه فمع كثرة الكتابة والقراءة الاحتياجات اليومية والاحتكاك يتغير المعنى وتعاد البنية ويتطور المثال الأعلى وتختلف الأيديولوجيا، كيف لا والحقيقة دائمة التبدل هي الأخرى!

إذن ما الفائدة من الكتابة إن لم تكن إرادة من أجل الحياة؟

كل منا يفهم الحياة على طريقته الخاصة، تجد ثلة من الناس تبحث عن لذة الجسد منساقةً في رحلة البحث عن الشبع، ومحاولة إسكات الشهوة كيفما كانت: أكل، جنس، سلطة، والثلة الأخرى رحلة حياتها تتمركز حول العقل والحرية عن طريق خلق الأفكار وصناعة التاريخ، وبناء فكر وجيل جديد لا يمجد لذة الجسد.

تختلف الآراء وتنسج الخيوط في كل الاتجاهات، دون أن أحس أجدني تارةً أهرول مرتمياً في حضن لذة الجسد، وتارةً أسارع الزمان والمكان هناك متسكعاً مع قلمي، مجموعة من الأحداث والتجارب تستفزك وتدفعك للكتابة، بعضها تشاهده عن بُعد، وبعضها تعيشه وتعيه، أما البعض الآخر فتقرأه… هكذا يفهم كل منا الحياة على طريقته الخاصة، وإذا فهمت نفسك فأنت في بداية الطريق نحو عالم جميل ممتع ولذيذ.

على العموم أهم ما في الكتابة هو أن تصان كرامتك، أن لا تمس مهما حدث، ومهما حصل، فألم وعذاب الكتابة يفوق بكثير ألم الولادة والفراق… إذا لم تصدقني فجرّب أن تحمل ورقة وقلماً وتبدأ المحاولة.

في رحلة الحياة تجد نفسك مارّاً باختبارات عديدة يقاس فيها مدى صبرك وحبك، ووفائك ونضجك. ثم ستتوه بين دوامة الخيال والكذب ومتاهة الحقيقة والواقع…

اكتب بعشوائية وفوضى كلما سنحت لك الفرصة على أي شيء تجده أمامك؛ على هاتفك النقال، على مواقع التواصل الاجتماعي، على حاسوبك المحمول، على مناديل ورقية، أغلفة الروايات، ظهر الفواتير، ورق الشمواه، اكتب فحيث الكتابة هناك أمل.

اكتب فبين الأسطر حلاوة، ولحظات سعادة تشحن الجسد، وتحمس العقل، وتحقن فيك دماءً جديدة من أجل الحياة والمتعة.

على متن قطار كان متوجهاً إلى مدينة الدار البيضاء، وبينما كنت منشغلاً بقراءة إحدى روايات إرنست همنغواي "الشيخ والبحر"، دخل سائح ياباني إلى المقطورة بعدما استأذن، وبمجرد جلوسه بقليل أخرج من حقيبته رواية كانت تحمل اسم "كافكا على الشاطئ"، من تأليف هاروكي موراكامي، واسترسل في القراءة، بعد مدة من الزمن دار بيننا حديث غني ومشوق بخصوص الكتابة والقراءة، صراحةً أحسست بنشوة جميلة، حوار عميق وتعايش ثقافي، تحدثنا بالفرنسية والإنكليزية، لقنته بعض الكلمات بالعربية وأخذت منه كلمات باليابانية، شخص حيوي، كاريزما رائعة حدثني عن مجموعة من الأعراف والتقاليد والحكم الخاصة ببلده، كفلسفة الين يانغ والقردة الحكيمة الثلاثة، وبعض تعاليم الشينتو.

سأنقل لكم بعضاً من كلماته التي علقت بذهني وطفت على سطح قلبي:

"نعيش فعلاً أحسن لحظات حياتنا في القراءة والكتابة، أتمنى أن أقرأ إحدى كتاباتك في يوم من الأيام. فكر في الأمر فهو يستحق المحاولة، ولتتأكد أن النجاح والفشل خطان مستقيمان متوازيان يلتقيان في اللانهاية".

حاولت دائماً إيجاد إجابات لحد كتابة هذه الأسطر.. كل ما يمكنني قوله: ما لنا من محيص في الحياة والموت، الحب والكراهية، النجاح والفشل، الفرح والحزن، الصواب والخطأ، القراءة والكتابة، الذاتي والموضوعي، المعصية والتوبة، الفقر والغنى، المعرفة والجهل، الوجود والعدم، الين واليانغ، الجنة والنار..

إذا كان في اعتقادك أنك ستجد شيئاً قيماً وعظيماً كوصفة الخلود أو إكسير الحياة، فأنصحك ألا تتابع قراءة المقال، لا مجال للمزايدة فالضغط يولد الانفجار والمجاملة تولد النفاق.

كل ما تبحث عنه موجود بداخلك ما عليك إلا أن تزيل غمامة الغموض لتصل إلى المادة الخام التي تسكنك ، عش الحياة تحدى حدودك وثِق بنفسك وبقدراتك وتعود على مجاراة الفشل، وأصرّ على الإصلاح والتغيير نحو الأفضل فطريق النجاح مليء بالعقبات، عليك أن تؤمن بنفسك فأنت شخص عظيم.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد