عندما يواجه طفلك صعوبة في النوم، يبدو لك في كثير من الأحيان كما لو أن جميع الأطفال في شتى بقع العالم ينعمون بنوم أفضل من نوم طفلك، في حين الواقع يبين أن الرضع والأطفال الصغار الذين ينعمون بنوم سهل خلال الليل كله، يشكلون أقلية صغيرة جداً.
النوم حالة لا يمكن التنبؤ بها في السنوات الأولى من العمر، وبدلاً من اتباع النوم منحنى ثابت وتحسن مستمر، فإنه غالباً ما يتقهقر ويزيد سوءاً. الحقيقة المحزنة، هو أن "النوم الجيد" (أو بعبارة أخرى، النوم الهادئ طيلة الليل) لا يتحقق في كثير من الأحيان إلا عند بلوغ الطفل السنة الثالثة من العمر، فلا عجب إذن، أن يلجأ الكثير من الوالدين المنهكين، نتيجة محاولاتهما التحايل في تصديهما لاضطراب نوم أطفالهما، في ظل ظروف حياتية متميزة مثلما يفرضها العالم الصناعي الحديث (وهما أمران على خلاف كبير مع بعضهما البعض)، يلجأ الوالدان إلى التدريب على النوم في محاولة منهما لإصلاح وضع أطفالهما.
المعضلة في هذه الحالة تكمن في هذه الرغبة من الوالدين لإصلاح شيء لم يمسه في واقع الأمر أي عطب. التدريب على النوم يرقى إلى معاقبة الرضع والأطفال الصغار على مشاكل لا علاقة لهم بها، بحيث يُتركون في حالة بكاء، ويوضعون جانباً عندما لا يزالون في حاجة إلى عناق، ويحرمون من وجبات الحليب عندما يتضورون جوعا، ويُتجاهلون عندما يكونون في أمَس الحاجة إلى العطف وتهدئة روعهم، ولا أعتقد في الواقع أن هذا ما يريده الوالدان لأطفالهما، غير أن حالتهما المنهكة لا تترك لهم خياراً آخر، أو هذا ما يعتقدونه.
في الواقع، هناك العديد من الطرق الكفيلة بتحسين نوم الرضع بلطف دون اللجوء إلى تدريب على النوم على الإطلاق، فيما يلي 8 من هذه الطرق:
إضاءة مناسبة للنوم
بحث سريع على صور جوجل عن" ضوء الليل للأطفال" يزودك بالعديد من نماذج المصابيح وعروض الأضواء الجذابة والمصممة بشكل جميل، غير أن 99٪ منها تعوق النوم.
الكثير من الوالدين لا يدركون أن الإضاءة لها تأثير رئيسي على النوم، فالضوء الذي يقع على الجانب الأزرق من الطيف يعيق فرز هرمون النوم، الميلاتونين، ويخادع الجسم، من خلال جعله يعتقد أننا في الصباح، وبالتالي يوهمه بأنه حان وقت للاستيقاظ، وليس الضوء الأزرق الواضح هو وحده سبب هذه المعضلة، فمعظم أصناف الضوء الأبيض هي في الواقع من صنف الضوء الأزرق، وخاصة المصابيح الموفرة للطاقة وأضواء الهالوجين، والأمر كذلك أيضاً بالنسبة للضوء الذي يبدو أخضر وأزرق أو أرجوانيا أو وردياً، أي تحديداً الألوان المستخدمة، في معظم الأضواء المستعملة ليلاً أثناء نوم الأطفال.
أظهرت الأبحاث أن الضوء لكي لا يعيق النوم، يجب ألا يحتوي سوى على مستويات منخفضة جدا من الضوء الأزرق. وبطبيعة الحال، اعتاد أسلافنا على إضاءة لياليهم بالنار والشموع، وكلاهما يقع على جانب اللون الأحمر من الطيف، ويمكننا تكرار هذا التأثير باستخدام الضوء الأحمر في الليل.
وإذا كنتَ غير مولع بالضوء الأحمر (العديد من الأطفال الصغار يربطون بين اللون الأحمر والوحوش، أو الخطر، ومن الصعب جداً قراءة قصة قبل النوم تحت الضوء الأحمر)، يستحسن في هذه الحالة اقتناء لومي بيدبوغ، وهو أول ضوء ليلي من نوعه في العالم، ينطوي على مستويات جد منخفضة من الضوء الأزرق، في حين يُظهر توهجاً بلون أبيض / ولون الخوخ. يُظهر البيدبوغ أيضاً حالة خاصة بلون غروب الشمس، يتضاءل بلطف في غضون 15 دقيقة، وهو جد مناسب للأطفال الصغار والأكبر سناً. وتعتبر جاذبية البيدبوغ بمثابة خاصية أخرى مفيدة، تضاف إلى خصائصها المساعدة على النوع.
درجة حرارة غرفة النوم
منازلنا الحديثة تكون في الغالب معزولة بشكل جيد، تحافظ على الحرارة وتوفر لنا المال بتخفيف كلفة فواتير الوقود. تسمح التدفئة المركزية بتسخين البيوت بسرعة وكفاءة أيضاً، وهذا باستطاعته، بل يسبب مشكلة بالنسبة للنوم.
تتراوح درجة حرارة الغرفة الأمثل لأفضل نوم بين 15 و18 درجة مئوية، أو 60 إلى 65 درجة فهرنهايت، وخلافاً لما يظهره ميزان الحرارة في معظم غرف الرضع، فإن درجة حرارة 18 مئوية / 65 فهرنهايت ليست أفضل درجة حرارة للنوم – فهي في الواقع أقصى حد يقع ضمن النطاق الأمثل! ومحاولة تبريد غرفة النوم إلى مستوى معين داخل هذا النطاق الأمثل من شأنه أن يساعد فعلاً على النوم. وإذا كنت تقيم في بلد حار، وتستعمل مكيف الهواء، فليس من الحكمة تخفيض درجة الحرارة كثيراً، لكن تخفيض المكيف بدرجة واحدة أو اثنين يستحق التفكير فيه، المقصود ليس أن يكون الطفل بارداً في الليل، وإنما الهدف من كل هذا أن يكون "الجسم دافئاً، والغرفة باردة". تفصيل في الموضوع يتبع لاحقاً!
رطوبة غرفة نوم
إذا وضعنا درجة الحرارة جانباً، يمكن لتكييف الهواء والتدفئة المركزية أن يسببا مشكلة بالنسبة للنوم بطريقة أخرى، مثل التصرف بشكل فوضوي مع رطوبة الغرفة.
فكل ما من شأنه أن يجفف بيئة النوم قد يعني أن الطفل سوف يستيقظ بشكل متكرر ليطالب بوجبات من الحليب.
وبينما يأخذ الشخص البالغ كأساً من الماء ويضعه بجوار سريره احتياطاً، يكون تصرف الرضع والصغار مختلفاً، من خلال الاستيقاظ والبكاء من أجل الحليب لإطفاء عطشهم، وهذا لا يعني أن تثبيت درجة الرطوبة سوف يوقف حاجة الطفل إلى الإطعام ليلاً، كلا، لكنه سوف يجنب تلك الوجبات الليلية الإضافية المرتبطة بالرطوبة الزائدة، وقد يخص هذا الأمر بشكل أكبر الأطفال الذين يتنفسون عبر الفم، الذين ينامون بأفواههم مفتوحة.
تتراوح أفضل نسبة رطوبة للنوم بين حوالي 30-50٪، وفي حالة استخدام مكيف الهواء أو التدفئة المركزية، جدير بك وضع جهاز مرطب في الغرفة.
الفراش وملابس النوم
هل تتذكر أننا ناقشنا في النقطة الثالثة، مسألة "غرفة باردة، وجسم دافئ"؟ هنا إذن مجال الحديث عن لباس طفلك. في بعض الأحيان يمكن لإضافة طبقة من الملابس، مثل سترة طويلة الأكمام، أو رفع من سمك غلاف نسيج حقيبة النوم للأطفال أن يساعد حقاً على النوم.
عموماً، إذا كنتَ توجد في منطقة تكون فيها درجة حرارة الغرفة الأمثل، ربما تحتاج إلى طبقتين أو ثلاثة في سمك حقيبة النوم للطفل.
وبينما يمكن أن تساعد حقائب النوم الأطفال على الشعور بالراحة، من خلال تجنب البطانيات الفضفاضة والأغطية التي تسقط من السرير (لا أوصي بها قبل سن الرابعة)، يمكنها أيضاً أن تعيق النوم عندما يتدحرج الطفل ويقع حبيس كمية ضخمة من الأغطية حول رجليه، هناك أيضاً بعض الأطفال الذين لا يتحملون تغطية أقدامهم بأي شيء، وهذا في الواقع أمر غير مستغرب لأننا في الغالب ننام بشكل أفضل، عندما تكون أقدامنا مكشوفة دون غطاء عليها. ولهذا السبب، أوصي دائماً بحقائب نوم ذات أرجل منفصلة وأقدام مكشوفة، مثل هذه، أو هذه (نصيحة: انزع الجوارب!).
موسيقى قبل النوم
إذا كنت تغني لطفلك لمساعدته على النوم، أو تستخدم المحمول، أو الحيوانات المحشوة التي تلعب الموسيقى لمدة خمسة عشر أو عشرين دقيقة في وقت النوم، قد يسبب ذلك استيقاظ طفلك أكثر.
لماذا؟ دورات نوم الرضع والأطفال الصغار قصيرة جداً، وتستمر لمدة 40-60 دقيقة، بحسب سن الطفل. في نهاية دورة النوم هذه، قد يحدث واحد من ثلاثة أشياء:
1. ينتقل الطفل مباشرة إلى دورة نوم جديدة. 2. أو يستيقظ تماماً ويحتاج في هذه الحالة إلى مساعدتك لبدء دورة نوم جديدة، أو 3. يستيقظ الطفل قليلاً، ولكن ليس بشكل كامل، وإذا كان كل شيء على ما يرام، يدخل في دورة جديدة بشكل مستقل. وفي الحالة رقم ثالثة، يكون من المهم النظر في الأشياء الثابتة المعتادة في الغرفة، إذا كان الطفل ينام مثلاً عن طريق الموسيقى، فمعنى ذلك، أن الموسيقى لا بد أن تكون حاضرة باستمرار أثناء الليل كله.
في نهاية دورة النوم، يحتاج الطفل الذي استيقظ قليلاً إلى سماع نفس الأصوات التي على أنغامها أخلد للنوم، وفي حالة عدم سماعه ذات الموسيقى، قد يسبب له هذا التغيير الحاد في المحيط، استيقاظاً كاملاً، يحتاج على أثره إلى مساعدتك.
تسعى بعض الشركات تجاوز هذه الحالات من خلال تصميم مشغلات الموسيقى تنطلق بواسطة الضوضاء والحركة، وهذه الوسائل نادراً ما تحقق الغرض، ولا أوصي بها؛ لأنها "تصل إلى إدراك" الطفل في وقت متأخر جداً، عندما يكون مستيقظاً تماماً، وفي حالة اضطراب وبكاء.
ويكون الطفل قد استيقظ بالفعل وبشكل كامل لحظة انطلاق الموسيقى من جديد. إذا كانت من عادتك أن تغني لطفلك من أجل النوم، جدير بك تسجيل أغنيتك، وتشغيلها بشكل مستمر طوال الليل، أو التفكير في تشغيل مقاطع من موسيقى ألفا خاصة للأطفال تستعمل طيلة الليل.
يتم تسجيل الموسيقى ألفا للأطفال من أجل الحفاظ على معدل نبض مريح، حوالي 60 في الدقيقة، تشمل هذه الموسيقى عناصر من الضوضاء البيضاء، وضربات القلب والموسيقى البسيطة المتكررة.
هذه موسيقى ألفا من اختياري (توجد أيضاً على اي تيونز). شغل الموسيقى خلال وقت النوم المعتاد ثم أوقفها في صباح اليوم التالي.
إذا كان لديك طفل أكبر سناً (2 سنتين أو يزيد)، ينام بسهولة، لكن هدفك هو السعي إلى جعله ينام بشكل مستقل في بداية الليل، من المفيد إذن أن تجرب معه بدل ذلك، تسجيلات تأمل للأطفال. هذه موسيقى ألفا من اختياري (توجد أيضاً على آي تيونز).
رائحة غرفة النوم
ويأتي ذلك من النقطة الخامسة. إن أكثر روائح العالم التي يرتاح لها طفلك هي رائحتك، ولو كان ممكناً وضع رائحتك في زجاجة، ورشها حول غرفة نوم طفلك، فإن ذلك سيشعره بكل تأكيد براحة لا مثيل لها.
تضع الكثير من النساء ملابس من المسولين فوق ملابسهن الأخرى لامتصاص رائحتهن، ثم يتركن هذه القطعة من الموسلين بالقرب من الطفل، أو قميص أو ملابس النوم، لكن إذا كانت هذه الوسيلة تحقق الغرض بشكل جيد بالنسبة للبعض، فالأمر مخالف بالنسبة للبعض الآخر – حيث يحتاج ومعظمهم إلى أكثر من ذلك، وللحصول على أكثر من ذلك، هناك حاجة إلى تحديد رائحة خاصة، وهذا يعني، أنك تحتاجين إلى تبني رائحة وجعلها رائحتك الخاصة بك دون سواك.
وأسهل طريقة والأكثر فاعلية للقيام بذلك، هي أن تختارين الزيوت العطرية التي تفضلينها (وتكون آمنة للاستخدام في محيط الرضع والأطفال الصغار)، تُعتبر الخزامى والبابونج جيدة بشكل كبير للنوم، خاصة في حالة خلطها معاً. وينصح وضع بعض من هذا الزيت على رائحة / عطر يستعمل كل يوم لمدة شهر أو نحو ذلك ثم قم برشها من خلال ناشر الروائح في غرفة نوم طفلك لمدة ساعة أو ساعتين قبل النوم. يمكنك الحصول على بعض أنواع أجهزة النشر العطور التي تضيف إلى وظيفة رش الروائح، زيادة رطوبة الجو، فضلاً عن نشر أضواء ليلية حمراء، وهي مقتنيات تستحق الشراء.
ملاحظة، ينصح بهذا فقط عند بلوغ طفلك على الأقل 12 أسبوعاً من العمر، أما قبل هذه السن، من الأفضل حجب عنه أي رائحة ما عدا رائحتك الطبيعية.
روتين وقت نوم ثابت
يُجمع العلماء على أنه لو كان هناك شيء واحد له أكبر تأثير على نوم الطفل، فذلك الشيء هو تحديد روتين وقت نوم ثابت.
إذا كان تحديد وقت نوم طفلك في كل ليلة أمراً مهماً، لتنظيم إيقاع الساعة البيولوجية للطفل (ساعة الجسم)، فالأهم منه هو أن تفعل الشيء نفسه في نفس الترتيب كل ليلة، على سبيل المثال إعداد حمام، يليه تدليك، ثم قراءة قصة، يتبعها رضاعة طبيعية أو بالزجاجة.
حاول الحفاظ على روتين وقت النوم بكل هدوء ومرح (هذه الفترة هي أصلاً تهيئ الطفل استعداداً للنوم!)، لكن قبل أن تبدأ روتين وقت النوم، حاول أن تقضي 30 دقيقة على الأقل من الوقت للعب، خاصة إذا كنت تعمل أو لديك أكثر من طفل واحد. إن أخذ القليل من الوقت لإعادة الربط مع الطفل، قبل بدء وقت النوم، له تأثير إيجابي كبير على النوم. إن وقت النوم هو في حد ذاته مهم، وخاصة للأطفال الصغار والأكبر سناً.
يبدو أن لدينا في الثقافة الغربية هاجساً يتعلق بتوقيت السابعة مساء بالنسبة لوقت النوم، في حين تشير البحوث إلى أننا بذلك ربما نضع أطفالنا في الفراش في وقت مبكر جداً، وأن وقت أكثر ملاءمة بيولوجيا يكون حوالي 7: 45-8: 15 مساء (الوقت الذي يهدف إلى خلود الطفل للنوم، وليس لبدء روتين وقت النوم).
وقد يؤدي وضع الطفل على السرير قبل أن يكون الجسم جاهزاً للنوم من الناحية الكيميائية، إلى مقاومة النوم، والمزيد من الاستيقاظ ليلاً وبداية صباح باكر.
وجبات خفيفة قبل النوم
بالنسبة للأطفال الأكبر سناً (المعتادين على أطعمة صلبة – أي تناول ثلاث وجبات يومياً لمدة شهرين أو أكثر) والأطفال الصغار، فإن تقديم وجبة خفيفة قبل النوم يمكن أن يساعد على النوم.
لا بد من تقديم الوجبات الخفيفة قبل بدء روتين وقت النوم، أي قبل حوالي ساعة من خلود الطفل إلى النوم.
الوجبات الخفيفة لا تملأ البطون الجائعة فحسب، بل يمكنها أن تساعد أيضاً من وجهة نظر كيميائية.
إن إدراج وجبة خفيفة تحتوي على التربتوفان، وهو حمض أميني يؤثر على إنتاج هرمونات النوم، هو خيار عظيم.
تشمل مصادر التربتوفان المناسبة للطفل، الجبن والبيض والمكسرات والبذور والخبز الكامل / الخبز من الدقيق الكامل.
إن وجبتي الخفيفة المفضلة قبل النوم تتشكل من زبدة اللوز على خبز محمص من القمح الخالص، فوقه القليل من شرائح الموز.
اتباع هذه النصائح الثماني قد لا تشجع بشكل سحري طفلك على النوم خلال الليل، ولكن نأمل أن يكون لها تأثير إيجابي، دون الحاجة إلى التدريب على النوم.
إذا كنت ترغب في حلول أكثر لطفاً تخص قضايا نوم الطفل، انظر إلى كتاب النوم اللطيف Gentle Sleep Book ( الخاص بالأطفال بين 0 و5 سنوات) ولماذا نوم طفلك يهم Why Your Baby's Sleep Matters (خصيصاً للرضع بين 0 و12 شهراً).
يمكنك أيضاً الاطلاع على المزيد على صفحتي على فيسبوك Facebook Page، حيث أدير دورات أسئلة وأجوبة شهرية حول النوم.
* هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية من "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.