حنظلة هو أشهر الشخصيات التي رسمها ناجي العلي في كاريكاتيراته، ويمثل صبياً في العاشرة من عمره، أدار حنظلة ظهره للقارئ وعقد يديه خلف ظهره عام 1973م. أصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي، كما أصبح رمزاً للهوية الفلسطينية. يقول ناجي العلي إن الصبي ذا العشرة أعوام يمثل سنه حين أجبر على ترك فلسطين، ولن يزيد عمره حتى يستطيع العودة إلى وطنه، إدارة الظهر وعقد اليدين يرمزان لرفض الشخصية للحلول الخارجية، لبسه لملابس مرقعة وظهوره حافي القدمين يرمزان لانتمائه للفقر.
ظهر حنظلة فيما بعد بعض المرات رامياً الحجارة (تجسيداً لأطفال الحجارة منذ الانتفاضة الأولى)، وكاتباً على الحائط. أصبح حنظلة إمضاءً لناجي العلي، كما ظل رمزاً للهوية الفلسطينية والتحدي حتى بعد موت مؤلف الشخصية.
متى نرى وجه حنظلة؟
اسم أبي مش ضروري..
أمي.. اسمها نكبة.
أختي الصغيرة اسمها فاطمة، نمرة رجلي ما بعرفها لأني دايماً حافي، محسوبك إنسان عربي وبس.
وعن حنظلة يقول ناجي:
"ولد حنظلة في العاشرة في عمره، وسيظل دائماً في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء. وأما عن سبب تكتيف يديه، فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأميركية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبعاً. وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة، أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته" – ناجي العلي.
أريد أن أرى وجه حنظلة هل نظرات عينيه غاضبة منكسرة، حادة قد تكون مشاكسة مغامرة، عاجزة، متعجرفة قوية مثابرة، ربما تحمل القضية الخذلان، الرجوع، العجز، الاستسلام.
أخشى أن يتخطى العاشرة من عمره، أخاف على ذلك الصغير ألا يعود إلى وطنه، أيا حنظلة أنت أمل لا يغيب عن عيون الأطفال، يستمدون منك المقاومة والمغامرة، كم طفلاً يعيش واقع حنظلة من فاقد لوالده بسبب موته أو اعتقاله لقضية تسكن في وجدانه، الجميع يحارب كل صباح؛ ليحصل على طعام وشراب، وأنت نازح هنا مرقع الثياب حافي القدمين تعبر عن قضية، أنا هنا معك أبوح فقط بما يجول في خاطري، فأنا لي رفيق صغير يمتلك نفس روحك الوثابة، هو صغير في العمر أخذت بالأمس أحكي له قصتك وقضيتك، هو عاشق للرسم عندما حدثته عنك، أبلغني أنك يجب أن تعود وتلوح لنا بعلامة النصر، لا تعود يا حنظلة عندما ننتصر، عد لنا الآن فنحن في حاجة إليك لأن تنمو في نفوس الصغار، قال لي رفيقي: يجب أن تعود مبتسماً، فأطفال هذا الزمان سلب منهم الوطن والطفولة، لقد رسم لك رفيقك الصغير شيئاً لترتديه في قدميك، هو ما بيعرف نمرة رجلك؛ لكن كان رافضاً أن تكون حافياً يا حنظلة؛ لأنك قضية تعيش في نفوس الصغار، فحنظلة قنديل يضيء في نفوس القادة الملهمين الصغار، الوطن يعود بأطفال كحنظلة أصحاب قضية، هو شيء يتوغل في نفوسهم، يخرجهم من فكرة الأنا إلى (نحن)، يحزم أمتعتهم للعودة إلى الوطن، فنحن لم نخلق نازحين لاجئين في الأوطان، كل الدروب لنا كل العقول لنا كل الأفكار لنا، فكل الأوطان فلسطين يا حنظلة (الأنا) دارت علينا فلم تبق فينا أملاً أو قضية أو مقاومة، عد إلينا يا حنظلة، الوطن هو شهيقك وزفيرك الذي لا يقضي نحبه بالتكرار ولا بالخذلان، كلنا حنظلة فكم كبير صار يلهث وراء لقمة العيش ودربه القطيع المتمرد على عدد أرغفة لا تسمن ولا تغني من جوع، الأفكار لا تموت يا حنظلة، أمك تدعى نكبة، فنحن نعيش في ماراثون النكبات بين نكبات الأوطان، ونكبات الأمومة التي أصبح الدور فيها كضيوف شرف لنكبة الوطن، فالأطفال هم القضية الحقيقية، ليس الرجال بأعدادهم، ولكن برجولتهم التي تزرع وتروى من شجرة الكرامة والعزة والقضية.
ليت عنوان الوطن.. عودة حنظلة.. وأخته فاطمة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.