لا شكَّ أننا إذا أردنا السفر إلى بلد ما، فإننا نحرص على إيجاد لغة للتواصل مع أهلها، فالدخول إلى بلد ما مثلاً لا يكفي لفهمه فعلاً.
ولكن إذا أحببنا أحداً هل نحرص بنفس الوعي على فهم لغته الخاصة في الحب؟ إذا كانت الإجابة نعم، فالسطور القادمة ستساعدك عزيزي القارئ في تحقيق هذا الهدف إلى حد كبير.
إن الإنسان بطبيعته كائن باحث عن الحب، يستلذ بقرب الحب وسريانه في جسده، ويفرح باستقباله بالطريقة التي يفهمها هو لتلمس قلبه، وتحاكي مشاعره واحتياجاته بطريقة فعالة بالنسبة له.
نعم ليس للحب تعريف واضح محدد، ولكن أهم ما يميزه أنه شعور صادق حقيقي، ليس فيه خداع أو تراجع، لكن دعونا نكُن أكثر موضوعية وواقعية تجاه فكرة الحب.
إن أهم نقطة في فكرة الحب هي كيفية التعامل معه وكيفية إرساله واستقباله ثم كيفية الحفاظ عليه. السؤال الآن: هل يمكن فعلاً استمرار الحب؟ هل يمكن أن يبقى متوهجاً؟ الإجابة العلمية لهذا السؤال هي أن الحب يمر بمراحل، وهذه المراحل تحتاج إلى جهد، قرار، رعاية، مسؤولية ومحاولة. كيف؟ نعم في البداية قد تحصل على الحب دون مقابل، لكن هل يستمر دون مقابل؟
د. غاري تشابمان في كتابه " لغات الحب الخمس" الذي عنونه بقوله (السر في الحب الذي يستمر)، أوضح أن كل المشاكل التي قام بدراستها ومعالجتها كمصلح اجتماعي وأسري تتلخص في أن المحبين يحبون في البداية بصدق، ولكنهم مع الوقت يتوقفون عن إتقان لغة الحب التي يفهمها الطرف الآخر، وأن مشاكل الانفصال أو الطلاق أو الخيانة في غالبيتها مرجعها شعور أحد الطرفين بأنه فقد الحب.
يُبين د.غاري في كتابه أن لكل إنسان لغته الخاصة في استقبال الحب، لقد لخّص لغات الحب في خمس لغات، هذه اللغات بالنسبة لصاحبها كفيلة بإبقاء خزان الحب الخاص به ممتلئاً مشبعاً لا يفرغ أبداً، ولغات الحب هي:
1- كلمات المديح، الغزل، الإطراء، التشجيع.. إلخ، حيث يشعر الشخص الذي يفهم الحب بهذه الطريقة بأنه محبوب، وتوقف هذه الكلمات يعني بالنسبة له أن الحب الموجه له توقف.
2- الوقت الفعال : حيث قضاء وقت يتخلله نشاط ما أو هواية يدل بالنسبة للشخص المستقبل بأنه محبوب ومهم.
3- الهدايا : فاستقبال الهدايا والتذكارات الملموسة تعطي الشعور بالرضا والحب والامتنان.
4- تقديم الخدمات والمساعدة: حيث يشعر من يستقبل الحب بهذه الطريقة أن يد المساعدة تعني الحب وأن من يخدمه أو يساعده بشيء ما يوده ويحبه.
5- اللمس : كالاحتضان، مسك اليد، التربيت على الكتف، تسريح الشعر كل هذه اللفتات تفهم من يستقبل الحب عن طريق اللمس أنه محبوب.
قد يتساءل القارئ ويقول كلنا نحتاج كل ما سبق لنستقبل الحب فكيف نحدد؟ نعم لكن هناك أولوية في لغة الحب التي يفهمها كل واحد منا إذا دققنا قليلاً سنفهم كيف نستقبل الحب، هناك شيء إذا حصل نشعر برضا بكمية الحب التي نستقبلها وبعدها تتساوى كل الطرق في نظرنا.
سؤال آخر: كيف نعرف لغة الشخص الآخر بالحب لنخاطبه بها؟
الجواب كما يوضحه الدكتور أن طريقة تقديم الحب لدى الشخص هي بالأغلب طريقة استقباله لها، فمثلاً الشخص الذي يتجه نحوك ليحتضنك هو يريد منك أن تبادر باحتضانه يوماً ما، لغة الحب عند هذا الشخص هي اللمس. أو إذا دعاك طفل ما للعب معه أو ليريك كيف يرتب ألعابه مثلاً هو يقول لك لغتي في الحب هي الوقت الفعال.. صديقك الذي يحضر لك الهدايا لا بد أن تتذكره بنفسه الطريقة، أمك التي تمدحك دائماً تنتظر منك أن تمدحها وهكذا.. والأمثلة كثيرة المحب، الزوج، الأخ، الأب، الأم، الصديق.
لغاتنا في الحب تختلف وعلينا معرفتها وتعلمها إذا كنا نرغب في إنشاء علاقات فعالة سوية جميلة حقيقية ومشبعة لجميع الأطراف، وهنا قد نفهم قول الله تعالى لتجسيد العلاقة بين الزوجين بالمودة والرحمة؛ حيث إن المودة في اللغة بذل الجهد لإرضاء المحبوب فهي درجة أعلى في الحب، المودة هي الفعل الملازم الذي يعني المسؤولية والالتزام والإصرار.
نعم الحب "مش بس حكي" فالمحبة إصرار على الاحتفاظ بذلك الشخص في حياتنا وإرضائه؛ حيث يتطلب الموضوع الفهم والفعل والمحاولة.
هدفي من نشر هذه المقالة هو نشر ثقافة المودة والحب والتأكيد أن العلم لا ينحصر في جانب معين، فعلاقاتنا الإنسانية بحاجة لتثقيف وتعلم وإدراك وتنوير.
والتنوير لنشر المحبة بين الناس حاجة ملحّة لا تتوقف، دُمتم بحب ومودة ورحمة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.