في حلقة لبرنامج خواطر لأحمد الشقيري، كان يجري تجربة مصورة عن مدى الأمانة في المجتمع العربي، فقرر أن يضع صندوقاً في أتوبيس للنقل العام بالقاهرة، وبدلاً من أن يمر كمسري – الشخص الذي يُحصّل التذاكر – يدفع له الناس، سيدفعون هم بإرادتهم في الصندوق.
ولمن لا يعرف الأتوبيس في القاهرة هو علبة متحركة دائماً، مزدحم يصعد وينزل الناس فيه باستمرار، حتى إن الكمسري يسأل مرات عدة عمن دفع لكثرة الوجوه المتغيرة التي يلاقيها، إذاً لا يوجد رقيب عليك ولن يلحظ أحد من دفع ومن لم يدفع، لهو أمر مغرٍ لأي وغد يحترم نفسه.
لكن النتيجة جاءت مفاجئة للتوقعات التي قالها الراكبون أنفسهم عن التجربة، ففي واقع الأمر أن نسبة 97% من الناس دفعوا في الصندوق دون أن يسألوا ولا أن يراقبهم أحد، 97% من الناس اختاروا أن يكونوا أمناء أمام أنفسهم قبل غيرهم.
أكثر ما لفت نظري في هذه التجربة ليست النتيجة، بل سيدة جاوبت حين سُئلت عن توقعها للنتيجة: لا محدش هيدفع.
يشير لها أحمد الشقيري للصندوق ويقول: الصندوق مليان الناس دفعت.
تصر السيدة على أن ذلك غير صحيح بلهجة ضاحكة، تصر على أنها تعيش مع أوغاد لا يتصفون إلا بالحمق وقلة الأمانة، تصر على أن تجلد ذاتها حتى لو أمسكت الوقائع من يدها السوط، والحقيقة أن هذه السيدة لم تكن وحدها، توسع السوشيال ميديا أكد لي أنها ليست وحدها أبداً.
الخلاصة
إن التفكير قبل التعليق سيغير الكثير من الأمور، وأهمها نظرتنا إلى أنفسنا، ليس نفاقاً ولا اختباءً من الواقع، فقط يكفي ألا نجلد ذاتنا دون تريث أو تفكير.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.