أثارت التصريحات داخل تونس حول موضوع المواريث جدلاً كبيراً في الوسط الإسلامي، وفقاً للجدل الدائر فإن تونس سوف تتجه إلى إجراء تعديلات في قوانين تتعلق بإرث المرأة ومسألة زواج المسلمة بغير المسلم، وبدلاً من أن ترث المرأة نصف ما يرث أخوها مثلاً، سوف ترث مثله وفقاً لقوانين وضعية كما يجري الحال في الغرب.
يقال إن العلمانية هي فصل الدين عن الدولة، لكننا إذا سألنا ببساطة عن كلمة تضاد لكلمة "علماني" فلن تكون سوى "ديني"، المسألة ليست فصلاً إذاً بل يمكن اعتبارها "تحدياً" أو "تعديلاً" أو "تهميشاً"، وما ينفك العلماني يشتكي قائلاً: وما الذي أقحم الدين في المسألة؟! أنا لا أعدله ولا أهمشه، أنا أتحدث في موضوع آخر!
لكن الحقيقة تقول إنه لا يوجد موضوع آخر، لو أردنا فقط أن نتحدث عن الحقيقة وليعتنق كل شخص ما يريد دون إنكار الحقيقة.
– أنت كشخص علماني لا تعادي الدين ولا تكرهه ولكنك ببساطة ترفضه!
– وما الذي فرضه عليّ أصلاً؟
دعنا نتأمل أنك تسير الآن في درب وحولك بعض النباتات الخضراء الجميلة
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا..) (فاطر: 27).
وبينما أنت تسير أردت أن تركب فرساً لتكمل مشوارك:
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (النحل: 8).
ثم توقفت لتأكل بعض الفاكهة:
(فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) (المؤمنون: 19).
ثم حل الليل وأضاء لك القمر في السماء طريقك:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (يونس: 5).
بعد ذلك جلست تستريح وأشعلت بعض النيران:
(أفرأيتم النار التي تورون * أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون * نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين) (سورة الواقعة).
وبينما أنت كذلك وسوست لك نفسك ودارت في مخيلتك الأفكار:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (سورة ق: 16).
بعد ذلك كله خلدت للنوم:
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (القصص: 72).
هذه مجرد حكاية بسيطة، القرآن هو كل ما حولك، وكل ما حولك مفروض عليك، النباتات والشمس والقمر، وأيضاً كل ما بك من نوم وفكر وأحلام وخيال.
وإن كان هذا القرآن نفسه يقول أن ترث ضعف ما ترثه أختك شقيقتك كما ذكر في آيات الميراث في القرآن، سنفترض أنه لديك آراء أقوى وأجدر، فالسؤال هو: هل ركبت الفرس وتناولت الفاكهة وأضأت طريقك في الظلام بفكرك وآرائك؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.