فيمينست وأفتخر

ما الذي أحدث هذه الفوضى وبدَّل هذا التجانس والتناغم العجيب؟! ومن الذي أقنع الطرفين، بعد أن كانا جسداً واحداً، بأنهما قد أصبحا طرفين يرى كل منهما بغيته ربما في تحرر بعضه عن بعض؟!

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/27 الساعة 04:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/27 الساعة 04:17 بتوقيت غرينتش

لنحلِّق بعيداً عن المعنى الذي قد يتبادر إلى الذهن عن مصطلح "الفمينيزم"؛ أي النسوية والأنثوية، وما قد يلصق به من جمعيات أو حركات تُعنى بتحرير المرأة وما لها من أهداف وما يقابلها ويجابهها من فتاوى وتحليلات ومواقف.

التمركز حول الأنثى
ربما لا يعلم الكثيرون أن هناك اختلافاً بين الفيمينزم وحركة تحرير المرأة التي اهتمت عقوداً بحقوق المرأة، سواء كانت سياسية كحق التصويت والترشح في الانتخابات، أو اجتماعية كبعض القوانين الخاصة بالأسرة، أو غير ذلك من الحقوق المختلفة.

أما الفيمينزم فيعنى كثيراً بما يُطلق عليه التمركز حول الأنثى، أي تمركز الأنثى حول نفسها مكتفيةً بذاتها، قد يفسره البعض بأنه انتزاع الأنثى من دورها الطبيعي بعيداً عن مؤسسة الأسرة ودورها كأم، وقد يصفه البعض بأنه تمركز ناشئ عن الإصابة بخيبات كثيرة، سواء كانت شخصية أو محيطة.

وهل للمرأة حقوق كي تُطلب؟!
ربما أسهمت العديد من حركات تحرير المرأة في حصولها على كثير من الحقوق التي كانت منتزَعة منها، بسبب العادات والتقاليد البالية التي ابتعدت كثيراً عن مبادئ وروح الدين، ولكن جنحت كثير من هذه الحركات والجمعيات، عن عمد أو غير ذلك، إلى التطرف في مطالبها، سواء كحقوق أو كطريقة الحصول عليها.

دعونا نعترف بأننا نحيا في ظل مجتمعات ضُيعت فيها كثير من الحقوق، ليس للمرأة فحسب، ولكن لكل من يفرط في حقوقه أو لا يستطيع أن يحصل عليها إلا بـ"القوة"، وهذه القوة ليست بالضرورة قوة الساعد والسلاح، وإنما من الممكن أن تكون قوة المنطق أو قوة العقل أو قوة العاطفة.

نأتي الآن للسؤال الهام: هل للمرأة حقوق تستحق أن تناضل من أجل الحصول عليها؟
قبل أن نجيب عن هذا السؤال يجب أن نعرف أولاً لماذا يتم طرحه، فهناك فجوة آخذة في الازدياد يوماً بعد آخر، ليس بين الرجل والمرأة، ولكن في فهم أو محاولة فهم كل منهما للآخر. وبطبيعة الحال، بما أن القوة والغلبة عند معسكر الرجال، فإن المواجهة والتحدي يأتيان من معسكر النساء.

صراع أزلي
ربما نحتاج إلى دراسة ماذا حدث، فالأمر كان معدّاً بشكل بالغ التعقيد، ليس منذ يوم أو يومين ولكن منذ بدء الخليقة، كيف خلق الله آدم وخلق حواء من ضلعه وهو نائم، ليعلم أنها جزء منه فيُحسن احتواءها وتعلم أنها منه فتسكن إليه وتطمئن؟

ما الذي أحدث هذه الفوضى وبدَّل هذا التجانس والتناغم العجيب؟! ومن الذي أقنع الطرفين، بعد أن كانا جسداً واحداً، بأنهما قد أصبحا طرفين يرى كل منهما بغيته ربما في تحرر بعضه عن بعض؟!

لن أعرج تاريخياً لتحليل الأحداث والأشخاص والحركات التي ربما قد تكون أسهمت في حدوث تلك الفجوة، والبعد عن الفطرة التي كانت ستحيل ذلك الصراع الحادث إلى جنة على الأرض، يخفف فيها كل آدم وكل حواء بعضهما عن بعض، عوضاً عن الجنة التي قد طُردوا منها.

تطرف وتطرف مضاد
لنهبط قليلاً إلى أرض الواقع بكل ما فيه من سوء، وكيف أصبح منطق القوة هو الذي يحكم العلاقات الإنسانية، من الذي سلب حواء قواها، سواء كانت عاطفة أو احتواء أو كيداً حتى؟ من الذي أقنعها بأن تستخدم سلاح آدم نفسه والذي ربما يجيده هو وإن أساء استخدامه، ولكن هي لن تجيده أبداً؟

ستبقى دائماً وأبداً في صراع، ولكنه صراع خاسر.. لماذا؟ لأنها أساءت اختيار الميدان والسلاح.

فإذا ارتضينا واتفقنا على أن هذا صراع لا ينتهي فيبنغي أن نفهم طبيعة "العدو"؛ لنعرف كيف نهزمه ونُثخنه الجراح.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد