أدرك تماماً بأنني أتحدث بالنيابة عن نفسي وأعي تماماً المشاكل المجتمعية التي نعاني منها كأفراد في الدرجة الأولى، وكنساء في الدرجة الثانية، وأعلم أن بنات جنسي سوف يجلدنني وسوف يقمن بمهاجمتي، ولكن لا أستطيع سوى أن أعترض، وأن أقول بأن بنات جنسي أصبحن بيادق في لعبة هن الخاسرات فيها.
انتشر في الآونة الأخيرة مقالات ومدونات، وحتى وصلت للقوانين التي تطالب بالمساواة المجردة بين النساء والرجال، وأنا لا أعترض على ضرورة الوعي بالحقوق والواجبات، وأن كل فرد في المجتمع بغضّ النظر عن الجنس لا بد أن يعلم حقوقه، وعليه أن يقدم واجباته في سبيل إنجاح مجتمعنا، وخلق مجتمع متكامل يخلو من الشذوذ، والمشاكل الاجتماعية التي تنخر في مجتمعنا، حتى أصبح الطلاق والانفصال حلاً لمشكلة عابرة، وأصبح العزوف عن الزواج مبدأ، وله مؤيدون وزادت الهوة وغاب التواصل بين الجنسين، وأصبحت عبارة مثل: "عانس مستقلة مادياً أفضل من متزوجة تستعطف زوجها"، من العبارات المتداولة بين الفتيات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
قد تكون النماذج السيئة للمتزوجين أو النساء المتزوجات اللاتي سبقننا سبباً في هجوم الكثير من الفتيات على فكرة الزواج والرجال وأصبحت الكثير من الفتيات يرفضن فكرة الزواج جملةً وتفصيلاً، ويعتقدن بأن العيش كعزباء يضمن لها السعادة الأبدية، وأعي تماماً بأن هذا التوجه ليس سوى آلية دفاع للمطالبة بدور المرأة ضد المجتمع الذي سلبها الكثير من حقوقها، وفرض عليها الكثير من الواجبات، فأصبح الرجل يشكل هاجساً وعدواً للمرأة، والسبب وراء عدم نجاحاتها وفشلها في الحياة؛ ليكون الرجل السبب الوحيد وراء كل المشاكل التي تعاني منها النساء من وجهة نظرهن.
لذلك فإن الكثير من الفتيات العربيات ينظرن للرجل الشرقي نظرة الاحتقار والكراهية، ولكن من ناحية أخرى ينظرن للرجل الغربي بأنه الرجل المنشود، وأنه لا بد للفتاة أن تتزوج من رجل غربي؛ كي يعطيها الاحترام والحرية التي تريد، وهو ما لا يمكن أن تجده في الرجل الشرقي!
المرأة اليوم هي عدو نفسها، بحيث أصبحت الأفكار التي تتملك البعض كالجسد المريض الذي لا يستطيع التفريق بين أعضائه وبين المرض الذي يهاجمه، بعض الفتيات اليوم يقمن بمهاجمة أنفسهن ومهاجمة الفطرة التي خلقنا عليها، فنحن خلقنا ذكراً وأنثى لنسكن لبعضنا، ولنكون سنداً لبعضنا، فالمرأة تحتاج الرجل كما يحتاجها، والرجل ليس فقط الزوج فقد يكون الأب والأخ والابن والصديق، وتختلف علاقتنا بالجنس الآخر وتتنوع، ولكن ما لا مفر منه بأننا نحتاج بعضنا البعض، ولا يمكن لأحد من الجنسين الاستمرار وعيش حياة سوية دون الآخر، بعيداً عن الشذوذ الذي انتشر في مجتمعنا، والعلاقات التي تظن الفتيات أنها تغنيهن عن العلاقة السوية السليمة مع الرجل.
الرجل والمرأة هما أساس الإنسانية، ولا يمكن أن تتقدم أمتنا سوى بعلاقة سوية مبنية على الاحترام المتبادل بين الطرفين، وأفراد يتفهمون واجباتهم وحقوقهم على حد سواء، وأرفض هذا الهجوم الذي لا يفرق بين شخص وآخر، ويستهدف ليس فقط الرجال، بل يطال الفتيات المتزوجات، وبتنا نعيش في مجتمعات لا تحترم القرارات الشخصية، وأصبحت تضع لنا قوالب وقوانين للحياة وقواعد لا بد أن نلتزم فيها حتى يظن الآخرون أننا نعيش الحلم، وأننا سعداء في حياتنا، وأصبحنا نلام على اختياراتنا ونوصم بسببها، ونرى مطالب بتغيير الطبيعة البشرية وتوجهات ليس لها علاقة بالمساواة ولا بالواقع.
المرأة لا ينقص من شأنها الزواج ولا يزيد، ولا ينقص من سعادتها المتطلبات الزوجية ولا المهنة التي تمارسها، فاختيار البقاء في المنزل وتربية الأبناء عمل لا يستهان به، ولا يمكن أن يصنف المرأة أو يقلل من شأنها، وهو اختيار فردي وحرية شخصية للمرأة وللزوجين، وسواء اختارت العمل خارج المنزل أو غيره من القرارات، فليست المرأة العاملة أكثر كرامة من المرأة التي تختار البقاء في المنزل والتفرغ لرعاية الأطفال، وليست هذه المرأة أقل شأناً من غيرها، وكل واحدة تلعب دوراً لا يستهان به وتمارس حريتها، ولكن المرأة التي تهاجم غيرها من النساء، وتحاول أن تفرض آراءها وأسلوب حياتها على غيرها هي التي تحتاج للتعريف بمفهوم الحرية، وكذلك الأمر بالنسبة للباس أو أسلوب الحياة، فالمرأة لها الحرية في اختيار لباسها، فهي إن اختارت النقاب أو الحجاب أو عدمه، هذه حياتها واختياراتها، ولا ينتقص منها شيئاً.
الفكرة ليست بالمساواة أو عدمها، أو أفكار المجتمع وممارسته المشكلة بأن الأفراد سواء ذكور أو أناث لا يدركون أن أساس الحرية هي إعطاء الحرية للغير، والمطالبة بها بقدر الاهتمام بأخذها، وأن حريتنا لا تبدأ إلا عند احترام حرية وقرارات الآخرين، ولا يمكن لمجتمعنا أن ينهض إلا بعلاقة سوية بين الرجل والمرأة، مبنية على الاحترام، ومراعاة الفروق الجسدية والفكرية والرحمة بين الطرفين.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.