الغضب ليس مرضاً لحسن الحظ، وإنما حال يُمكن السيطرة عليه كأي شيء في العالم، ومع بلوغك وتقدمك في السن، سينبغي عليكِ طوال الوقت السيطرة على مشاعرك.
فإن السعادة المفرطة ستُعتبر طفولة مبالغ فيها، والحزن الشديد سيعد اكتئاباً يحتاج علاجاً، والغضب البالغ إهدار تام للطاقة.
ودائماً ما يسمع المرء: تناسي الأمر.. حصل خير.. اهدئي.. الأمر لا يستحق.
حسناً، عليكِ الآن معرفة أمر مهم: الغضب أهم وأخطر المشاعر التي تملكين على الإطلاق، أشد من الحزن نفسه، فإنه يعني بطبيعة الحال أن شيئاً ما يحتاج تعديلاً أو توقيفاً.. إما على الفور، أو على المدى البعيد كتغيير جذري في حياتك.
إليكِ ما ينبغي فعله أثناء الغضب:
1) اغضبي:
نعم، قد مُنحتِ عدداً كبيراً من المشاعر وأُودِعت فيكِ؛ لذا استخدميها.
كتمان الغضب – على عكس ما هو متوقع – ليس سلوكاً صحياً على الإطلاق، وقد يقودك لأمراض الدم والقلب على المدى البعيد، ناهيكِ عن الأمراض النفسية مثل نوبات الهلع.
وهكذا، كلما ضبطتِ نفسك تحاولين كتم غضبك، تذكري ألّا تفعلي؛ لأنه بهذه الطريقة لن يذهب، هو فقط سيختفي لبعض الوقت ثم يعاودكِ بأشد ما يمكن.
وهذا لا يعني بالطبع أن تنفّسي عن غضبك بصورة غير لائقة، ولا يتعارض مع فريضة كظم الغيظ، كل ما هنالك أن عليكِ فقط السماح له بالظهور لا كتمانه وكبته كأنه ليس هناك.
2) افصلي المشاعر عن التصرفات:
قد يُهيّأ لكِ أنك على وشك حمل فأس وتحطيم كل الجمادات والرؤوس في طريقك.. لكن لا.. لا تفعلي من الحرِج جداً أن تأخذي خطوةً للوراء للشعور بالغضب كاملاً وتركه يأخذ وقته ومساحته التامة. القيام بأي تصرف في نفس التوقيت لن يسفر سوى عن مزيد من التوتر والغضب والشحناء.
بعد مُضيّ بعض الوقت وهدوئكِ النسبي، قد تجدين التالي:
الموقف لم يكن ذا قيمة كبيرة.
سوف يقودك لأشياء أفضل على المدى البعيد.
الأمر يحتاج أكثر من مجرد فوران لحلّه.
3) اعلمي السبب:
دائماً ما يبدأ الغضب بأسباب بسيطة جداً (من مستصغر الشرر) ويبدو كمثل إشعال عود من الكبريت.
مثل أن يعاملك أحدهم بطريقة مهينة ثم تتضخم مشاعرك وتظهر على السطح. وهذه هي اللحظة التي يبدو فيها الغضب أمراً محرجاً خاصةً حينما يكون في العمل مثلاً أو مع شريك الحياة.
عليكِ أن تحددي بالضبط ما الذي يُشعرك بالغضب:
إساءة المعاملة.
رفع الصوت عليكِ.
الإهمال.
التأخير.
القيام بأمر ما بصورة خاطئة.
4) هدئي من روعك بالنشاط:
أفضل منفذ للغضب هو النشاط البدني، استخدمي غضبك كوقود لنمط حياة صحي أكثر.
جرّبي عدداً من التمارين والأنشطة لمعرفة أيّها أكثر فاعلية في تخفيف حدّة غضبك. بعض الأشخاص يفضّلون رياضات عنيفة مثل الملاكمة والركض والضغط، وبعضهم يفضّلون الأنشطة الأكثر هدوءاً (ونفعاً) كالمشي والتنظيف!
ابحثي عن ذلك النشاط – أي نشاط – يخفف من حدة غضبك، حتى وإن كان الثرثرة مع بعض الأصدقاء.
5) أخّري رد فعلك:
نعم، هذه النصيحة معروفة، لكن دعينا نكررها على مسامعك: حينما تشعرين بالغضب، ولا تريدين أخذ رد فعل وقتي الآن (لا يستحب أن تفعلي إطلاقاً).. خذي نفساً عميقاً، وازفريه مع العد حتى الرقم عشرة وردّدي عبارات من شأنها التهدئة من روعك.
كرّري هذا حتى تشعري أنك استعدتِ تركيزك.
6) شتّتي نفسك:
حينما تقومين بتشتيت انتباهك لأي شيء آخر، فهذا سيساعدك على التركيز على اللحظة الراهنة وترتيب مشاعرك وأفكارك.
مثلاً:
فكّري في لحظة لطيفة أو موقف فكاهي.
اقرئي كتاباً أو مقالاً.
شاهدي مقطعاً مسلياً.
اجلسي في مكانٍ هادئ وبعيد.
توضّئي وصلّي ركعتين.
اذكري الله.. ضعي ورداً بمائة مرة من ذكر معين كالتسبيح مثلاً أو الاستغفار.
7) قومي بواجبك:
إذا كان شعورك بالغضب نابعاً من شيء أو حادث لا تحكم وسيطرة لكِ عليه مثل خسارتك لترقية أو عدم حصولك على الترتيب المرجوّ أو غيره.. فإن عليكِ القيام بواجبك قبل أخذ رد فعل.
انظري لأبعد من الموقف نفسه: هل كان هذا – بصدق! – بسبب تقصير أو إهمال منكِ؟ أو انظري في نوايا الشخص المُسيء مثلاً، قد تجدين في أغلب الوقت أن أحدهم لم يقصد إيذاءك على الإطلاق، وأن الأمر برمّته سوء تفاهم أو سوء تقدير.
كل شيء يحدث تحت تصريف الظروف أو الأسباب أو التأثيرات، من المهم النظر لكل الأبعاد والزوايا حتى تتمكّني من استيعاب كل وجهات النظر، فإنه ما من شيء يُقلل الغضب مثل التعقّل.
إذا ما زلتِ تشعرين بغضب: اسألي بعض الأشخاص الذين مروا بذات الموقف كيف تخطّوه وتعاطوا معه.
8) لا تلعبي دور الضحية:
أسوأ ما يمكنك فعله في الحياة هو أن تلومي الكون كله على مشاكلك ومعاناتك.
عليكِ أن تتحملي المسؤولية الكاملة عما هو من جانبك، أي كيف ستقومين بالتصرف مع الشخص المُسيء مثلاً أو الإساءة بشكل عام، وهذا ما سيقوم – بالمناسبة – بتشكيل شخصيتك وكيانك فيما بعد.
لا تسألي: لم يحدث هذا لي أنا بالذات؟.. اسألي: ماذا أفعل الآن؟
9) جدي ملاذاً آمناً:
ينبغي أن يمتلك الجميع مكاناً أو منطقة للذهاب إليه للتفكير أو الاسترخاء. لا ينبغي أن يكون حديقة أو طريقاً نائياً. ربما غرفة مثلاً أو مطعماً هادئاً.
عندما تشعرين بالغضب فإنكِ تكونين مُستهلكة عاطفياً وجسدياً، فإذا سمح لكِ الموقف بالانقطاع والذهاب لبقعتك الآمنة، فلا تترددي.
لعل كل ما تحتاجينه بالأساس لتخطّي الموقف هو تهدئة نفسك والنظر للأمر من جوانب عدة.
10) تمهّلي قبل أن تتسرّعي:
قبل أن تتخذي قراراً بمواجهة أحدهم أو الخوض في شجار عظيم، عليكِ فقط التوقف والتركيز على ما ينبغي عليكِ قوله من عدمه.
قد يعذركِ البعض على حميّتك، لكن لا تتوقعي الكثير.
حدّدي واضطبي ما تريدين الحديث فيه والمواجهة بشأنه، وقبل كل شيء، عليك التأكُّد من أن هناك حقاً ما يستحق وأن كل الأنباء صحيحة ولا لَبس ولا سوء فهم هنالك.
11) ناقشي غضبك مع شخص موثوق:
عندما تمرين بيوم قاسٍ، أو تمتلكين شخصاً أو سبباً يجعل من حياتك قنبلة موقوتة من التوتر والشحن، فإن عليك البحث عن شخص موثوق لمناقشة المشكلة معه.
ربما يكون صديقاً أو فرد من العائلة أو زميل عمل.. حتى وإن لم يقدّموا نصيحة محددة، مجرد مشاركتك الأمر وعرضه بصوتٍ عالٍ مع شخص آخر قد يجعل فرصة النجاح في حله أكبر.
12) اكتبي رسالة:
بعد حصولك على نقاش حاد مع مَن أساءوا عليكِ.. قومي بكتابة رسالة طويلة مفصّلة تحتوي كل تفصيلة آلمتكِ وأغضبتكِ.
اتركي الرسالة في خانة الهامش، وكلما تذكرتِ شيئاً اكتبيه وابلغي في ذكر كل التفاصيل.
والآن: احذفيها. ولا تقومي بإرسالها. صدقيني، هذا سوف يحسّن الأمور. وستجدين أنكِ شخصياً بتِّ أكثر هدوءاً.
13) اصنعي قائمة:
قومي بكتابة قائمة بكل الأشخاص – الأشياء – المواقف التي تثير غضبك، وكوني دقيقة ومُفصّلة قدر المستطاع.
الآن قومي بتقييم وتحديد أيهم أكثر أثراً عليكِ، وأسألي نفسكِ إذا كان هناك طريقة من خلالها بإمكانكِ التعامل مع الأمر، أو أن عليكِ قطعها نهائياً.
هذه القائمة ستمكّنك من تحديد كيف ينبغي عليكِ الشعور تجاه بعض المواقف والأشخاص، وكم تبلغ أهميتها عندك حتى لا تستنزفي نفسكِ في الاهتمام بها.
14) اقطعي كل محفّزات الغضب:
ربما يُحفّزكِ مثلاً ويجعلك متأهبة للشجار والصراخ: الحر! أو المشي الطويل، أو التسوق في أوقات الزحام، أو الصوت العالي.
عليكِ تحديد – باستخدام القائمة التي قمتِ بها – بقطع أو التقليل مما يضايقك ويجعل روحكِ مختنقة وعلى شفا حفرةٍ من فقدان أعصابك.
15) غيّري من ديكور مكانك:
لن تصدقي ذلك، لكن نعم.. البيئة القاتمة الاستاتيكية والمعتادة تجعل المرء ضيق النفس والبال كثيراً.
اقتطعي وقتاً لتحريك السرير والمكاتب والكراسي واللوحات، بإمكانك إضفاء لمسة جمالية من عندك كبعض اللوحات الجديدة والإضاءات الثانوية وغيرها.
وأخيراً..
استخدمي الغضب كحافز لتغيير حياتك، لا ينبغي أن تُقيدكِ كل تلك التفاصيل الصغيرة أو الكبيرة عن القيام بما تحبين وأن تحيَي الحياة التي تتمنين دوماً لنفسك.
أنتِ في المقام الأول، أنتِ ومسؤولياتك ورعيتك وعباداتك هي ما ينبغي عليكِ القلق بشأنه، لا أقل ولا أكثر.
"لا تغضب، ولك الجنة" – حديث صحيح.
والآن، هل لديكِ إقتراح آخر تشاركيننا إياه عن كيف تسيطرين على غضبك؟
– تم نشر هذه التدوينة في موقع الهانم
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.