كلٌّ منا يمر بامتحانات إلهية أو كرب، لكن تختلف ردود فعلنا من شخص لآخر، وهذا حسب قوة إيماننا ويقيننا بأن كل ما يصيبنا فيه خير.
هناك من يسقط عند أول ابتلاء ويضعف بسبب خسارته شيئاً دنيوياً، فتجده يلوم الله على ما أصابه، ولطالما كرر البعض هذا السؤال: لماذا يا ألله؟! لماذا أنا؟! أنا أصلّي وأصوم وأزكي وفلان أقل مني عبادة ويذنب في حقك، فلماذا أنا وليس غيري؟!
ينسى العبد منا أننا عباد الله، وأن الله خاطبنا قبل مئات السنين وقال: "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".
وهناك من يشتد به الكرب فتجده صابراً على ما أصابه، قلبه لا يكفُّ عن الدعاء بالفرج، ولكن عقله يبحث عن الخير في هذا الأمر وسبب تأخر الفرج، وهذه طبيعة النفس البشرية.
أما الفائز من هذا كله، من باع الدنيا بأكملها ورضي بما قسمه الله له دون أدنى تفكير أو شك، وتجده يدعو لآخرته كأنه يعلم أن هذه الدنيا الفانية لن تنفعه بشيء.
لو تدبرنا مليّاً آيات سورة الكهف التي نقرأها أسبوعياً، فسنجد أن الله لن يحرمك من شيء إلا إذا كان به شر لك، وكن على يقين بأنه سيعوِّضك خيراً منه.
أما حرمان تلك العائلة من ابنها؛ فلأن بقاءه سيكون فيه شقاء لأهله، وفقدانهم له سيكون خيراً لهم. وأما الجدار الذي بُني في قريةٍ رفضت استضافتهم، فهو يشبه الخير الذي نعمله ولا نلقى جزاءه؛ فيصيبنا الحزن لعدم تلقينا المعاملة الحسنة جراء ما فعلنا.
بل كل ما علينا قوله حينها إن الله سخرنا لخدمة أناس لا نعرفهم ونحتسب الأمر كله لله، وإن فعلت خيراً فلا تنتظر من أحد جزاء ولا شكوراً.
وأما السفينة، فهي كل شيء ظننا أن فيه خيراً لنا وتمسَّكنا به فلم يكتمل، كن على يقين بأن عدم حصولك على ما تريد كان فيه خير لك، ولو علمت الغيب لاخترت ما اختاره الله لك.
إذا كان أنبياء الله نالوا من الحزن والابتلاءات نصيباً؛ أيوب صبر على مرضه وخجل أن يدعو الله بالشفاء؛ يوسف نال من إخوته ما نال وفارق أباه وصبر على سجنه؛ إبراهيم صبر على النار؛ أما نبينا الكريم فصبر على أذى عمه وقومه، كل هؤلاء الأنبياء احتسبوا الأمر لله وهم على يقين بأن كل الأقدار التي كتبها الله لهم هي خير لهم.
هذه الدنيا فانية، ولن يجد الإنسان طعم الراحة إلا حينما يؤمن بأن كل ما يصيبه في هذه الحياة هو إما خير وإما خير؛ لأنه وببساطة، كل شرٍّ أصابك كان وراءه شر أكبر منه، وكل خير مُنع عنك كان وراءه شر.
وختاماً، لن نستشعر طعم الطمأنينة والسكينة والأمان، ولن نتخلص من الخوف والفزع الذي يحوم حول مخيلتنا، إلا بعد أن نخطو أول خطوة في الجنة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.