يخجل الكثير منا من الحديث عن الجنس؛ لأنهم يصنفون الحديث عنه من باب (قلة الحياء)، وخاصة إذا من تحدثت عنه (فتاة)، فيتم وصفها من قِبل الناس والمجتمع بأنها (فتاة فاجرة)، ولا أعلم لماذا حقاً؟! خاصة أن الجنس فطرة إنسانية وضعها الله في الإنسان، فلماذا نخجل منه إذاً؟!
تعيش الفتاة طوال حياتها يُزرع في قلبها الكراهية من الجنس وكأنه شيء دنس مقزَّز لا يجوز الاقتراب منه أو الحديث عنه أو مجرد التفكير فيه؛ لأن ذلك يعتبر جرماً! ولكنها مطالَبة عندما تتزوج بأن تمارسه مع رجل غريب عنها وتكون بارعة في ذلك حتى تعفَّ زوجها، يالسخريه!
وعندما تتزوج الفتاة تكون معاشرة زوجها واجبة عليها وحقاً له، فيكون هو الفاعل وهى المفعول به، ثم يذكر أن الله خلق النساء لكي يستمتع بهن الرجال، ولا أدرك هل يعلمون قوله تعالى: "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن". فلقد كان الاستمتاع مشتركاً بينهما، فإن كان للرجل حق الاستمتاع بزوجته فالزوجة لها حق الاستمتاع بزوجها أيضاً.
وأيضاً عندما تتزوج الفتاة ويكون لديها رغبة في معاشرة زوجها تستحيي أن تطلب منه ذلك، ويكون ذلك من باب (الحياء)! إنها ثقافة مجتمع تربَّى على كيفية كبح المشاعر والرغبات ببراعة، بما أنه حق لها أن تطلب ذلك كما هو حق له في ذلك أيضاً، ولكن هناك ثقافة أخرى في مجتمعنا؛ وهي أن المرأة يجب أن تكون هى المرغوب فيها وليست الراغبة، وكأن الرجل ليس لديه أدنى مشاعر حتى تظهر زوجته أنها راغبة فيه أيضاً، أو ما يسمى "التقل صنعة" فيجب على الزوجة أن تُظهر لزوجها أنها ليست راغبة فيه؛ حتى لا "يزداد غروراً" وتكون هى دوماً مرغوباً فيها.
ما يقتل العلاقة الجنسية بين الزوج والزوجة هو الروتين والملل الذي يتسرب إلى القلب ويولد مشاعر سلبية؛ فتصبح العلاقة الجنسية بينهما واجباً يتم أخذه وحقاً يتم إعطاؤه، لا أحد يشعر بالآخر، فبدل أن تكون هذه العلاقة مكاناً يهرب به كلاهما من ضغوطات الحياة؛ حتى يحظوا بلحظات من السعادة والحب معنا، تكون هذه اللحظات ثقيلة على قلب المرأة وتفريغ شهوة بالنسبة للرجل.
عندما تتزوج الفتاة، وخاصة في ليلة الدخلة، ينتظر الأهل البشارة السارة بأن ابنتهم شريفة؛ حتى تطمئن قلوبهم، وكأن ليس لديهم أدنى ثقة بطهارة ابنتهم! ولا أعلم لماذا يسمح الزوجان بتدخل الأهل في علاقتهما، التى من المفترض أن تتسم بالخصوصية التامة؟! وبعد أسبوع من الزواج، يتم طرح السؤال المعتاد (هل أنت حامل؟)، وكأن الزواج إثبات لشرف البنت وفحولة الرجل ومكان للتناسل لا أكثر، حتى أصبح الزواج بالنسبة للمرأة "إنجاب طفل فتصبح أماً، وللرجل إثبات فحولته ورجولته وتفريغ شهوته"!
لقد أردت طرح بعض الأفكار والمشاكل من خلال كتابة هذا المقال، وأطرح هذا التساؤل: هل حقاً العلاقة الجنسية بين الزوجين تناسل أم تواصل؟!
نعم، هي تناسل عندما أجد فتاة تبحث عن زوج؛ حتى تنجب طفلاً وتصبح أماً لأن القطار قد فات، وعندما أجد شاباً يبحث عن الزواج؛ حتى يحظى بالجنس المشروع، في حين يتلاشى الهدف الأساسي من الزواج وهو المودة والرحمة ووجود الألفة والحب بين الزوجين ووجود تواصل إنساني تعبر عنه الروح عندما تتحد وتتعارف والجسد عندما يشتاق كل منهما للآخر ويريدون معرفة ولمس تفاصيلهم الصغيرة ليكونوا كياناً واحداً متحداً يعبرون من خلاله عن كل لحظات التعب والمشقة في هذه الحياة.
وتكون هذه اللحظات التي يكونون فيها معاً هي جنة الله على هذه الأرض فينشط القلب ويتورد الدم في جميع أنحاء الجسد وتسعد الروح، من هنا تصبح العلاقة الجنسية بين الزوجين تواصلاً وليس تناسلاً.
ومن المؤكد أنني لست ضد التناسل وإنما أرفض جعله أساس العلاقة الجنسية بين الزوجين، فيجب أن تكون العلاقة بين الزوجين علاقة تواصل، كل منهما لديه الرغبة في التواصل مع الآخر، ليس بالجسد فقط، وإنما تكون البداية من خلال الروح والمشاعر التي تدفع كل منهما إلى الرغبة في التواصل الجسدي.
أوجه حديثي هذا إلى كل امرأة: لا تخشي أن تعبري عن رغباتك لشريك حياتك ولا تتزوجي أحداً ما لم توجد مشاعر وتلاقٍ فى الأرواح ولا تضعي حياتك على المحكّ من خلال الروتين والواجبات والحقوق ولا تجعلي من العلاقة بينكما شيئاً حيوانياً؛ بل سمي بها إلى الإنسانية، فالحيوانات تمارس أيضاً الجنس، ولكن من دون مشاعر ولا اختيار ولا رغبات، فهي بالنسبة لها عملية إكلينيكية عكس البشر الذين وضع الله لهم أقوى محفز جنسي وهو العقل، ومن خلاله يختار ويعبر عن مشاعر القلب.
على الزوجين أيضاً -حتى تكون العلاقة بينهما علاقة تواصل- أن يتحدث أحدهما مع الآخر عن رغبات كل منهما وأن يعبرا عن مشاعرهما ما يحبونه وما يكرهونه، أن يكون فى حديثهما عبارات من الأمان والأطمئنان والحب، حتى تسموا هذه العلاقة وتكون مكان أجمل يرغب كل واحد منهما إلي الهروب إليه معنا حتى ينعمون بالسعادة .
كما أن العلاقة الجنسية بين الزوجين يجب ألا تكون فاعلاً ومفعولاً على الإطلاق، وإنما يكون كلاهما فاعل في هذه العلاقة، التغيير من كليهما مطلوب ومحبب.
أن تعبر الزوجة عن رغباتها لزوجها ليس قلة حياء، والثقافة الجنسية لكل منهما ليست شيئاً إباحياً، نحن لا ندعو إلى مشاهدة أفلام إباحية وإنما ندعو إلى القراءة والتثقيف الجنسي؛ حتى نعيش حياة أفضل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.