شُبهات حول قرآنية المعوذتين

كيف نصوّب تلك الرواية وقد ثَبَت بالروايات الصحيحة التي تكاد تصل لدرجة التواتر المعنوي، قراءة عاصم عن زر عن ابن مسعود، وفيها المعوذتان، فهل نصدق طريق الرواية؟ أم طريق القرّاء والنقل الشفهي المعتبر؟!

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/12 الساعة 02:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/11 الساعة 20:52 بتوقيت غرينتش

تُثار كل برهة من الزمن شبهات حول القرآن الكريم، وذلك بالاستدلال ببعض الروايات الحديثية التي ربما انتُزعت من سياقها، أو ربما لا تصحّ سنداً، أو متناً، أو ربما مخالفة لأبجديات الوحي الشريف، ومعالم الدين وأركانه، وهو ما سنناقشه علمياً ومنهجياً في هذه الدراسة حول قرآنية المعوذتين؛ حيث استدل البعض بعدم قرآنيتهما من رواية واردة عن ابن مسعود، رضي الله عنه.

***
أولاً: النسبة إلى ابن مسعود

من الشبهات التي اعترت القول بثبوت القرآن وانتفائه التام عن الزيادة والنقصان، ما زعمه البعض من إنكار عبد الله بن مسعود لقرآنية المعوذتين!

واعتمدوا على حديث رواه الإمام أحمد، من حديث زر بن حبيش، قال: "قلت لأبي بن كعب: إنّ أخاك يحكّهما [المعوذتين] من المصحف، فلم ينكر. قيل لسفيان: ابن مسعود؟ قال: نعم، وليسا في مصحف ابن مسعود، كما يرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يعوّذ بهما الحسن والحسين، ولم يسمعه يقرأهما في شيء من صلاته، فظنّ أنهما عُوذتان، وأصرّ على ظنّه وتحقق الباقون كونهما من القرآن، فأودعوهما إيّاه" [1].

ونلاحظ في هذا الحديث أنّ الأمرَ لم يكن مشتهراً حتى في زمان ابن مسعود، أو بُعيده، بدليل أنّ زر بن حبيش يسأل استفهاماً أو استنكاراً، بدليل قوله: "فلم يُنكر"! وبدليل قول القائل لسفيان بتعجب: ابن مسعود! قال: نعم. ولو كان مشتهراً متداولاً ما تعجب، إذن فالحديث ليس من المتواترات الضرورية عند الأمة، فضلاً عن أن يرتقي للتواتر النظري.

وليس في هذا الحديث ولا في غيره تصريحٌ من ابن مسعود نفسه بأنّ المعوذتين ليستا من القرآن! وهناك فارق بين الحكّ من المصحف، وبين إنكار القرآنية بالكُليّة.

وهذا الحديث لم يثبت بطريقٍ قطعي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ولعلّ هذا ما جعل السيوطي رحمه الله، يقول: (ومن المشكل على هذا الأصل -تواتر القرآن- ما ذكره الإمام فخر الدين، قال: نُقل في بعض الكتب القديمة أنّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن) [2].

قلت: ونصّ الإمام الرازي هو: (نقل في الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة من القرآن، وكان ينكر كون المعوذتين من القرآن، واعلم أن هذا في غاية الصعوبة؛ لأنا إن قلنا إن النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون سورة الفاتحة من القرآن فحينئذ كان ابن مسعود عالماً بذلك، فإنكاره يوجب الكفر أو نقصان العقل، وإن قلنا إن النقل المتواتر في هذا المعنى ما كان حاصلاً في ذلك الزمان فهذا يقتضي أن يقال إن نقل القرآن ليس بمتواتر في الأصل، وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة يقينية، والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل كاذب باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة) [3]. فلك أن تتأمل قوله: (نُقل في بعض الكتب القديمة).

ولو كان الأمرُ مشتهراً أو ثابتاً بسندٍ صحيحٍ لما عزا فخر الدين الرازي إلى الكتب القديمة، ونقل السيوطي -نقل إقرارٍ- عنه كذلك، ويعضد ذلك أنّ البخاري ترك زيادة الحكّ من المصحف، مع أنه روى الحديث.

ومشكلة هذه النسبة إلى ابن مسعود:
1- لو قلنا: إنّ النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن، فإنكاره يوجب الكفر.
2- وإن قلنا: لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان، فيلزم أنّ القرآن ليس بمتواتر في الأصل [4].

***

ثانياً: التشكيك في النسبة إلى ابن مسعود

1- قال الفخر الرازي في الجواب على هذا الإشكال: (وإلا غلبَ على الظنّ أنّ نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقلٌ باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة) [5].
2- وكذلك شكّك القاضي أبو بكر الباقلاني في تلك النسبة فقال: (لم يصحّ عنه أنّها ليست من القرآن، ولا حُفظ عنه، إنّما حكّها وأسقطها من مصحفه إنكاراً لكتابتها، لا جحداً لكونها قرآناً؛ لأنّه كانت السنّة عنده ألا يكتب في المصحف إلا ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإثباته فيه، ولم يجده كتب ذلك ولا سمعه أمَر به) [6].

3- وقال النووي: (أجمع المسلمون على أنّ المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأنّ من جحد شيئاً منها كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح) [7].

4- وقال ابن حزم: (هذا كذب على ابن مسعود وموضوع، وإنّما صحّ عنه قراءة عاصم عن زِرّ [8] عنه، وفيها المعوّذتان والفاتحة) [9].
5- وقال العلاّمة أبو شهبة: (والجواب: أنّ هذه الروايات غير صحيحة، وأغلب الظنّ أنها مدسوسة على ابن مسعود) [10].

قلت: وعلاوةً على التشكيك في نسبة هذا إلى ابن مسعود يُمكن أن نلاحظ الآتي:
1- قواعد التعارض والترجيح تقتضي عدم الالتفات إلى مثل هذا الحديث، على فرض التسليم به وصحته؛ لأنّه آحاد، والآحاد لا يردّ ما هو أقوى منه، ولا يُقدَّم عليه [11]، وفقاً لقواعد الترجيح.

2- اتفاق مصاحف الصحابة على كتابتهما [12]، وذلك ما نقله السيوطي في قرآنية البسملة، ونقْلها في مصاحف الصحابة أكبر دليل على تواترها.

3- لم يُصرّح ابن مسعود بأنهما ليستا من القرآن، بل كل ما فعله على فرض الصحة، هو عدم الكتابة في مصحفه الخاص، وهو ما التفت إليه العلاّمة النووي رحمه الله فقال: (قال: ويحتمل ما روى من إسقاط المعوذتين من مصحف ابن مسعود أنّه اعتقد أنه لا يلزمه كتب كل القرآن، وكتب ما سواهما، وتركهما لشهرتهما عنده، وعند الناس) [13].

فهناك فارق بين إسقاطهما من المصحف الخاص به، وبين دعوة الأمة إلى حذفهما من المصاحف؛ فالمصحف الخاص به لم يشترط على نفسه أن يكتب فيه كل ما هو قرآن، وكان يُدخل فيه التفاسير والفقه على هامشه، فهذا لأنه مصحفه الخاص.

وليس كالمصحف الإمام في مهمته ووظيفته الموجهة للأمة كلها، ومن ثم فلن تُشوش الأمة بمصحفه الخاص، لكن لو قال للمسلمين: احذفوا المعوذتين من القرآن، فهذا شيءٌ آخر! بل إنّ تلامذة عبد الله بن مسعود المقربين منه والملازمين له فقها وإفادة لم ينشروا ذلك عنه، ولم يحتفظوا بنسخة من مصحفه ذلك، ولم يستنسخوا لأنفسهم نسخة منه، ولو كان مصحفه مخالفاً في مضمونه لمصاحف الأمصار والمصحف الإمام لفعلوا ذلك بلا شكّ، ولوَجدنا أمراً خطيراً ينتهكُ ما فعله عثمان رضي الله عنه في أمر المصحف: كُنّا سنجدُ أن أتباع ابن مسعود وتلامذته لا يقرأون إلاّ من مصحف أستاذهم ابن مسعود، ويستنسخون منه، ويحتفظون به، وكذلك تلامذة وأتباع الإمام عليّ كرم الله وجهه، وكذلك كل المدارس الفقهية والعلمية التي أسسها الصحابة في الأمصار!

فما فائدة ما فعله عثمان إذن؟! وهذا لم يحدث ولا توجد أي دلالات تاريخية على حدوثه، فليس معنى ذلك إلاّ كذب تلك الرواية.

4- لم يثبت أنّ ابن مسعود اعترض على المصحف الإمام أو وصفه بالزيادة والنقصان، ولم يثبت أنّ الصحابي الجليل اعترض على عمل اللجان الرسمية في عهد أبي بكر وعثمان، وهذا يدلّ على أنّه كان يقصد المصحف الخاص به، لا مصحف الدولة الرسمي الذي جمع ودُوّن كاملاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثمّ أُعيد تكراره في عهد الخليفتين أبي بكر وعثمان.

5- أسس ابن مسعود مدرسة علمية، فقهية وقرآنية، وله تلامذته بالمئات من التابعين، الذين لازموه وتلقّوا عنه العلوم، وسألوه في الحضر والسفر، ودوّنوا أقواله، ورصدوا أفعاله، ولو صحّت تلك النسبة إليه بهذه الكيفية لطار الأمر وذاع، وانتشر في ربوع الدولة الإسلامية، وليس مجرد رواية آحاد، لكنّهم لم يبالوا لأنهم عرفوا أن الصحابي الجليل إنّما قصد مصحفه الخاص به، ومن حقّه أن يكتب فيه ما شاء-على عرفهم وعادتهم في المصاحف الخاصة وقتئذ- ويثبت ما يشاء، ويحذف ما يشاء؛ لأنّه مصحف غير رسمي، بمعنى أنّه ليس بحجة على الأمة، وليس بفرض على الجماهير، بيد أنّه مصحف خاص، لكتابة الخواطر في هامشه، وما يعتري الإنسان من مدارك للآيات، وفهم للعبارات والنصوص.

6- عدم وجود ما يُسمى بمصحف ابن مسعود، ولو كان مخالفاً حقّاً للمصحف الإمام لاحتفظ به تلامذته، وواظبتْ عليه مدرسته التي أنشأها وأسسها، وصار لها روّادٌ وأتباعٌ وتلاميذ.

7- كيف نصوّب تلك الرواية وقد ثَبَت بالروايات الصحيحة التي تكاد تصل لدرجة التواتر المعنوي، قراءة عاصم عن زر عن ابن مسعود، وفيها المعوذتان، فهل نصدق طريق الرواية؟ أم طريق القرّاء والنقل الشفهي المعتبر؟!

8- يقول ابن كثير محاولاً إيجاد مخرج لهذه النسبة: (وهذا مشهورٌ عند كثير من القراء والفقهاء أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتواتر عنده، ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك، إلى قول الجماعة؛ فإنّ الصحابة رضي الله عنهم، أثبتوها في مصاحف الأئمة، ونفذوها إلى سائر الآفاق كذلك، ولله الحمد والمنّة) [14].

قلتُ: هكذا نرى الإمام الحافظ ابن كثير يبرر رجوع ابن مسعود عن قوله بسبب كتابة المصاحف على أعين من الصحابة -وهو منهم- وإرسالها إلى المدن والأقاليم، من غير نكير، أو معارضة ظاهرة من ابن مسعود، مع علمه أنّ مصحفه بعد إرسال تلك المصاحف إلى الأمصار لا معنى له، ولا من التزكية والانتشار والقبول، ولو كان مصحفه مخالفاً لما عليه الأئمة لذاع اعتراضه واشتهرت مناهضته.

9- قد يكون الإسناد مُركّباً أو معلولاً، وهل هناك علّة خفيّة في المتن أكبر من مخالفة الثابت المعلوم المتواتر، ومناقضة إجماع المسلمين، ومخالفة القرآن؟! إذا لم تكن هذه علّة في الحديث تستوجب ردّه فما هي العلّة إذن؟! [15] ولذا نجدُ نحارير الأمة من أمثال الباقلاني والرازي والنووي، والسيوطي يرفضون الحديث.

يقول الإمام العلم أبو بكر الباقلاني: (فإنْ قيل: لولا أن كلامه معجز لم يشتبه على ابن مسعود الفصل بين المُعَوّذتين وبين غيرهما من القرآن؟ وكذلك لم يشتبه دعاء القنوت في أنه هل هو من القرآن أم لا؟ قيل: هذا من تخليط الملحدين؛ لأن عندنا أن الصحابة لم يخْفَ عليهم ما هو من القرآن، ولا يجوز أن يخفى عليهم القرآن من غيره: وعدد السور عندهم محفوظ مضبوط، وقد يجوز أن يكون شذ عن مصحفه، لا لأنه نفاه من القرآن، بل عوّل على حفظه الكلّ إياه.

على أن الذي يروونه خبر واحد، لا يسكن إليه في مثل هذا، ولا يعمل عليه، ولو كان قد أنكر السورتين على ما ادعوا، لكانت الصحابة تناظره على ذلك، وكان يظهر وينتشر؛ فقد تناظروا في أقل من هذا، وهذا أمر يوجب التكفير والتضليل، فكيف يجوز أن يقع التخفيف فيه؟ وقد علمنا إجماعهم على ما جمعوه في المصحف، فكيف يُقدح بمثل هذه الحكايات الشاذّة المولّدة في الإجماع المقرر، والاتفاق المعروف؟!

ويجوز أن يكون الناقل اشتبه عليه؛ لأنه خالف في النظم والترتيب، فلم يثبتهما في آخر القرآن، والاختلاف بينهم في موضع الإثبات غير الكلام في الأصل، ألاَ ترى أنهم قد اختلفوا في أول ما نزل من القرآن!) [16].

وقد ردّ الباقلاني -في موضعٍ آخر- ما روى عن ابن مسعود في ذلك ردّاً طويلاً مقنعاً، ومن قوله في ذلك: (أمّا دعوى من ادّعى أنّ ابن مسعود أنكر أن تكون المعوذتان قرآناً منزلاً وجحد ذلك، فإنّها دعوى تدلّ على جهل من ظنّ صحتها، وغباوته، وشدّة بعده عن التحصيل، وعلى بُهت من عرف حال المعوذتين وحال عبد الله وسائر الصحابة؛ لأنّ كل عاقل سليم الحسّ يعلم أنّ عبد الله لم يجحدهما ولا أنكرهما، ولا دفع أن يكون النبي تلاهما على الأمة، وخبر أنهما منزلتان من عند الله، وأنه أمر بأن يقولهما على ما قيل له أولهما، وكيف يمكن ابن مسعود أو غيره من الصحابة جحد ذلك وإنكاره، وذلك مما قد أعلنه الرسول وأظهره، وتلاه وكرره، وصلى به، وجهر به في قراءته، وخبر أنّه من أفضل ما أنزل عليه، وكشف عن ذلك وأبانه) [17].

قال ابن حجر: (وهذا تأويل حسن، إلاّ أنّ الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك؛ حيث جاء فيها: ويقول إنهما ليستا من كتاب الله، نعم؛ يمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف، فيتمشى التأويل المذكور) [18].

ولو سلّما جدلاً بصحّة الرواية، فإن الإمام الباقلاني يردّ على مثل هذا بقوله: (واعلموا رحمكم الله أنه ليس المعتبرُ في العلم بصحة النقل والقطع على ثبوته بأن لا يُخالف فيه مخالف، وإنما المعتبرُ في ذلك مجيئه عن قومٍ بهم يثبت التواتر وتقوم الحجةُ، سواء اتُفق على نقله أو اختلف فيه، ولذلك لم يجب الإحفال بخلاف السمنية في صحة الأخبار، وقولهم إنه لا يُعلم بها شيءٌ أصلاً، ولم يجب أن يبطل النقل، أو يُشك في صحته بعد ظهوره واستفاضته. وعدم الخلاف عليه إذا حدث خلافٌ في صحته لم يكن من قبله. ولغير ذلك من الأمور، وإذا كان ذلك كذلك سقط ما فصّلوا به بين الأمرين. فإن قال قائلٌ: ولو صرنا إلى أننا لا ندري أيضاً أن هذا هو مصحف عثمان والجماعة على وجهه وتأليفه أم لا، ما الذي كان يمنعنا ويصدُّنا عن ذلك؟ قيل له: يمنع منه أن فيه جحداً للضرورات، وأن قائل ذلك صائرٌ بمثابة من جحد وجودَ عثمانَ في العالم، وأن يكون كان له مصحف جمع الناس عليه، ومنعهم من غيره، وأن يكون ولي الخلافة، وقُتل بالمدينة، إلى غير ذلك من الجهالات، فإن نقل مصحفه بمثابة نقل وجوده وخلافته وقتله) [19].

وعلى كلّ حال فلو كانت هذه الرواية ثابتة في نفس الأمر لانتشرت وأُذيعت، واشتُهرت ولَثَبتت من طرق عدّة، لا بطريق الآحاد.

وفذلكةُ القول أننا لا نقبلُ بهذه الروايات على ظاهرها هذا، ولا يمكن أن نقدم على المتواتر رواية آحاد لا نعرف هل أخطأ الراوي أو نسي، أو غفل، أو تُكلّم فيه من حيث الضبط، أو لا؟!

وباستخدام قواعد ترجيح النصوص عند تعارضها، وجب علينا أنْ نقدم القرآن الثابت المتواتر على هذه الرواية الموضوعة.

والخلاف نظري بين المثبت لرواية ابن مسعود، وبين المنكر لها، فالذي أثبتها لا يقرها ولا يؤمن بمضمونها بل يذهب لتأويلها، لعله قصد كذا، لعلّ جزءاً من الرواية لم يصل إلينا، لعلّ جانباً من السياق لم يُروَ! والفريق الآخر يردّها بكُليتها لمخالفتها لما هو أقوى منها، وشذوذها عن السياق القرآني، وعمّا اجتمعت عليه الأُمّة، ومخالفتها لعمل الفقهاء في كل عصر، ومصر، وهذا كافٍ في ردّ الرواية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – مسند الإمام أحمد 5/130، برقم: 21220، وبرقم 21221، وحسّنه الشيخ شعيب، في تحقيقه للمسند 35/113. ومسند أبي داود الطيالسي 1/73، رقم 541. والشافعي: في السنن المأثورة 1/168، والأم 7/189، ومسند الحميدي 1/185، رقم 374. والمعجم الأوسط للطبراني 2/27، رقم 1121، و4/332، رقم 4351. والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة، جماع أبواب القراءة، باب في المعوذتين 2/394 رقم 3851، وفي شعب الإيمان 2/510 رقم 2558. ورواه البخاري لكنه لم يذكر: "يحكهما من المصحف": كتاب التفسير، باب تفسير سورة قل أعوذ برب الفلق، 4/1904، رقم 4692. قال الهيثمي: (قلت: هو في الصحيح، خلا حكهما من المصحف، رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح) مجمع الزوائد 7/149. وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[2] – الإتقان للسيوطي 1/239.
[3] – تفسير الرازي 1/190. ط/دار إحياء التراث العربي- بيروت.
[4] – انظر: الإتقان للسيوطي 1/239.
[5] – تفسير الرازي 1/190. والإتقان للسيوطي 1/239.
[6] – الانتصار للقرآن، للباقلاني، 1/61، ط/ ابن حزم بيروت، الإتقان للسيوطي 1/240.
[7] – الإتقان للسيوطي 1/240.
[8] – زر: بكسر أوله، وتشديد الراء، هو ابن حبيش بمهملة وموحدة، ومعجمة مصغر ابن حباشة، بضم المهملة بعدها موحدة، ثم معجمة. الأسدي الكوفي أبو مريم، ثقة جليل، مخضرم، مات سنة 82، وهو ابن مائة وسبع وعشرين. [تقريب التهذيب 215، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 130].
[9] – الإتقان للسيوطي 1/240.
[10] – المدخل- أبو شهبة، ص 286.
[11] – المدخل – أبو شهبة، ص 287.
[12] – تفسير ابن كثير: 8/ 417، ط/ المكتبة التوفيقية.
[13] – شرح النووي على مسلم 6/109.
[14] – تفسير ابن كثير 8/417.
[15] – راجع: كتاب "رد الحديث من جهة المتن" د. معتز الخطيب، الفصل الثالث: "مقاييس رد الحديث عند الأصوليين"، تقديم: العلاّمة القرضاوي، ط/ الشبكة العربية للأبحاث والنشر 2011م. قال ابن حجر: (ومن جُملة دلائل الوضع أن يكون الحديث مخالفاً للعقل بحيث لا يقبل التأويل، أو يكون منافياً لدلالة الكتاب القطعية". الباعث الحثيث ص 96. فالأولى إذن أن يُردّ حين يطعن في الكتاب نفسه لا في الدلالة فقط.
[16] – إعجاز القرآن، أبو بكر الباقلاني، تحقيق: السيد صقر، ص 291، ط/دار المعارف.
[17] – انظر: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، هامش ص 98.
[18] – فتح الباري، ابن حجر، 8/571. قال الشيخ هادي معرفة: (هذا التأويل الأخير أيضاً لا يلتئم مع قوله: "لا تخلطوا القرآن ما ليس منه"). – التمهيد في علوم القرآن 1/315-. وقد يكونُ هذا الخطاب موجّها لكُتّاب الوحي في اللجنة الرسمية، أو ربما لم يبلغ ابن مسعود هذا الخطاب، وقام بخلط القرآن بغيره. وهذا هو ما أكّده الشيخ هادي معرفة نفسه في موضع آخر بقوله: (ربما كان ابن مسعود يزيد في لفظ النصّ زيادات تفسيرية، كانت أشبه بتعليقات إيضاحيّة أدرجت ضمن النصّ الأصلي)، التمهيد 1/319.
[19] – الانتصار للقرآن، الباقلاني 1/97، ط/دار ابن حزم، 2001م.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد