بينما كنت أقرأ كتاباً حول الكواكب والنجوم، وفي غفلة من الزمن رأيتني أسبح في عالم غريب يملأه الظلام الحالك، وفجأة رأيت ألواناً متلألئة تتصاعد تدريجياً إلى الأعلى وتُصدر أصواتاً جميلة على نغمات موسيقية متناسقة والتي تجذبني إليها بقوة وأنا فاقدة السيطرة على نفسي.
وفي تلك الأثناء، وجدت قدميّ ويديّ تتحولان إلى خطوط ألوان متلوْلِبة برّاقة. اندهشت، خفت من غرابة شكلي الجديد، وبينما أنا في ارتقاء إلى الأعلى؛ إذ اكتشفت عالم النجوم الذي لم يسبق لي أن رأيت جماله الساحر الذي بهرني بألوانه وطريقة صنعه المبدع؛ إذ سمعت أصواتاً تناديني من بين نجوم العالم الجديد: يا موجة نور الضياء اقتربي، اقتربي واكتشفيني، أنا العالم الذي بحثتِ عنه طويلاً، تعالي واكتشفي أسرار الكون وإبداع الخالق سبحانه في صنعنا.
وبعدها، اندفعت بقوةٍ للأعلى، وبينما أنا أصعد بتلك القوة الخارقة التي لا أعلم مصدرها إذ يتبادر إلى أذنيّ صوت رقيق يتلو بتلاوة خاشعة قوله تعالى: "وهو الذي جعل لكم الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدَّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب، ما خلق الله ذلك إلا بالحق نفصل الآيات لقوم يعلمون"، وقوله تعالى: "تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً".
بعدها، انقطع الصوت عني وبدأت أفكار تتراكم حولي دون أن أعرف مصدرها؛ الشيء الذي جعلني بدأت اكتشاف هذا العالم الرائع، أُوحي إليّ من خلال الآية الكريمة أن الشمس هي السراج، وأجابني منادٍ قائلاً: نعم؛ لأن السراج يحرق الزيت ويُصدر الضوء والحرارة، والشمس تقوم بالعمل ذاته، حيث إنها تحرق الهيدروجين، وتدمجه لتصدر الضوء والحرارة.
فقلت: وماذا عن القمر؟، فأجابني القمر قائلاً: أنا لا أقوم بأي عمل من هذا النوع؛ بل أنا المرآة التي تعكس الأشعة الشمسية الساقطة عليّ، فأردُّ جزءاً منها على الأرض، ولا تنس أن حجم الأشعة المنعكسة مني للأرض ليس ثابتاً؛ بل هو في تغير دائم بنظام دقيق.
عاد الصوت من جديد وتلا قوله تعالى: "تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً". وقوله تعالى: "وجعل فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً".
ثم بعدها مباشرة، تراءى لي حجر غريب يسقط فقلت: وما هذا؟، فقال المنادي: إن سقوط هذا الحجر أثبته الله -تعالى- في هذه الآية الكريمة، وتلا قوله تعالى: "وإن يروا كسْفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم".
فقلت: وما معنى كسفاً؟، قال: (الكِسْفُ) هو قطعة من الحجارة ولا يمكن رؤية هذه الحجارة الكائنات الموجودة على الأرض؛ بل يرون الغيوم والسحب الناتجة عن احتكاكها بالغلاف الجوي واحتراق أجزاء منها، فيرون السحب الدخانية، وهذا ما وصفه الله في الآية التي ذكرتها لك منذ قليل.
فقلت: وما ذلك الضوء الذي اختفى بسرعة؟، فقال: نعم، ذلك يسمى الشهاب، حيث يقول الله تعالى: إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب"، فقلت بسرعة: "ولماذا سمى الله هذه الأجسام بالشهاب الثاقب؟، فأجابني: إن الشهب ما هي إلا حجارة تسبح في الفضاء، فإذا ما اقتربت من الغلاف الجوي للأرض حاولت اختراقه، ولكن الغلاف الجوي يتصدى لها ويحدث احتكاكاً كبيراً ينتهي بتبدد هذه الشهب واحتراقها. أما كلمة (ثاقب)، فتشير إلى السرعة الهائلة التي يسير بها الشهاب، يقول الله تعالى: "ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين، وحفظناها من كل شيطان رجيم، إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين".
وبدأت قوة تجذبني للأسفل وتقول لي النجمة: "لقد اكتشفت الآن جزءاً صغيراً من هذا العالم المليء بالعجائب والمعجزات الربانية، لكن يكفيك ما عرفته الآن، فالله تعالى يناديك الآن (…)".
جعلتني كلمات النجمة في حيرة من أمري؛ كيف أن الله يناديني؟! ثم بدأت أرى النور والأضواء تختفي مني وعادت إليّ قدماي ويداي، وكل جسمي عاد كما كان، ثم أخذتني ورمتني بقوة لأعود إلى عالمي الذي أخفى عني كل هذه الحقائق، فقد كنت قاب قوسين أو أدنى من السقوط من فوق سريري، ثم استيقظت من غفوتي على صوت رباني نديّ، إنه أذان صلاة الفجر؛ صلاة الفجر التي جعلتني أفكر في سؤال: يا ترى، ما هي أسرار صلاة الفجر التي ما زلت أجهلها؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.