هل جهاد النكاح زنا مشروع في الإسلام؟!

دعنا أولاً نذكر كم عدد المرات التي ذكرت فيها كلمة (النكاح) في القرآن الكريم، وما المقصد منها، أو ما هو تعريفها، لقد ذكرت كلمة النكاح 23 مرة في 19 آية، في 6 سور هي: (البقرة 6 مرات، النساء 7 مرات، النور 5 مرات، الأحزاب 3 مرات، القصص مرة واحدة، الممتحنة مرة واحدة)

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/06 الساعة 11:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/06 الساعة 11:31 بتوقيت غرينتش

لقد انتشر في الآونة الأخيرة ما يسمى (بجهاد النكاح)، وأصبحت عبارة تطلق على كل ما يحاول إحياء شريعة الجهاد، بل لقد وصل الحال إلى تبني النظام لهذه العبارة، وترويجها في عقول الناس، عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وإلصاقها بكل جماعة إسلامية معارضة للنظام القائم، كما حدث سابقاً في (رابعة)، وكما يروج الإعلام بأن جهاد النكاح يرجع تاريخه إلى فترات الفتح الإسلامي.

لا أعلم حقاً كيف يعتقد الإنسان المسلم أن الإسلام يحث على ما يسمى بـ(جهاد النكاح)، ولا أعلم من أين وجدت هذه العبارة؟ وما الهدف من ترويجها بهذا الكم؟ هل الهدف هو تشويه الإسلام!

إما بث الكراهية في نفوس المسلمين من عقيدة الجهاد في سبيل الله ورسم صورة المجاهد في عقول الناس على هيئة شيطان خنزير يسعى إلى الشهوات! ومن الممكن الهدف يكمن في الترويج لفكرة أن الإسلام وضع المرأة في أدنى المراتب وجعلها أداة للتمتع وتفريغ الشهوات!!

كل شيء محتمل، ولكن ما لا يتحمله مسلم غيور على دينه وعقيدته أن يستمع إلى هذا التشويه ويظل لا يحرك ساكناً، وليس الغرض من كتابة هذا المقال هو تفريغ الغضب وإلقاء التهم وإعلان الرفض، وإنما الغرض هو (المحاورة)، لقد أعلن قلمي عن محاورة القارئ حتى يصلا إلى نقطة تلاقٍ يتمجد فيها العقل ويصبح المنطق هو سيد الموقف.

دعنا أولاً نذكر كم عدد المرات التي ذكرت فيها كلمة (النكاح) في القرآن الكريم، وما المقصد منها، أو ما هو تعريفها، لقد ذكرت كلمة النكاح 23 مرة في 19 آية، في 6 سور هي: (البقرة 6 مرات، النساء 7 مرات، النور 5 مرات، الأحزاب 3 مرات، القصص مرة واحدة، الممتحنة مرة واحدة)، وليس الهدف هنا هو تفسير كلمة النكاح في كل آية، ولكن ينبغي تعريف هذا المصطلح على وجه العموم؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، والعرب تقول: تزوج من بني فلان: أي نكح فيهم، وتقول: تزوج امرأة وزوجه إياها، وزوجه بها: أنكحه إياها.

وقال الأزهري: وأصل النكاح في كلام العرب: الوطء، وقيل للتزوج نكاح؛ لأنه سبب الوطء، فإذا قالوا: نكح فلان فلانة، أي: تزوجها.

ومن هنا يمكننا القول: إن الزواج يعبر عنه بلفظ النكاح؛ لأن النكاح لا يختلف لغة عن الزواج، وقد يطلق النكاح على العقد مجازاً؛ لأنه سبب في الوطء وبذلك يكون النكاح مشتركاً لفظياً بين العقد والوطء.

وهذا يعني (الزواج = النكاح)، أما فيما يخص الجهاد عندما يتم ذكر هذه الكلمة يتراوح في الذهن "الجهاد في سبيل الله"، الجهاد من أجل الدفاع عن الأرض والدين والشرف، ولا أعلم كيف يتم تجنيس هذه الكلمة بهذا الشكل حتى يصبح الزنا جهاداً، وتضحى المرأة المسلمة زانية أو عاهرة باعت جسدها باسم شيء ليس له صلة بالإسلام، سواء من قريب أو بعيد، كما أن الجهاد لا يقتصر على ذلك، وإنما هناك ما يسمى بجهاد النفس من الوقوع في الشرور، فعلينا إذاً أن نجاهد أنفسنا ونمحو هذه الخرافات من عقولنا ونطهر قلوبنا من هذه النجاسة، وأن نكف عن ترديد ما يسمى (جهاد النكاح) كالببغاوات دون تعقل وتفكر في الأمر.

لا أعلم كيف يتم لصق (جهاد النكاح) بالإسلام الذي شرع النكاح وجعل له قواعد وأسساً تتبع، ومن يخالف ذلك يصبح النكاح باطلاً، فالنكاح لا يتم إلا بالعقد وللعقد في الإسلام شروط من دونها يسقط ويصبح باطلاً، وإذا بطل العقد لا يجوز الوطء، ومن يفعل غير ذلك يدخل تحت بند الزنا، كما حرم الإسلام أي علاقة جنسية خارج إطار الزواج، فكيف يحلل ذلك ويطلق عليها (جهاد النكاح)، وإن النكاح في الإسلام ليس الهدف منه إقامة علاقة جنسية فقط، وإنما أيضاً إقامة بيت مسلم وأسرة مسلمة وعلاقات إنسانية تتعاون على البر والتقوى والتلاحم في تشييد المجتمع وبنائه والمحافظة عليه، تخيل معي عندما تصبح العلاقات بين الرجل والمرأة غير محكومة بما فيها العلاقات الجنسية! تخيلت.. أتمنى أن تصل لك هذه الفكرة.

أضحك كثيراً عندما أجد رجالاً يطالبون بالحرية الجنسية للمرأة، وأضحك أكثر عندما أجد نساء يطالبن بذلك أيضاً، لقد تركوا حرية الفكر وقيمتهم الإنسانية وتشبثوا في حرية الجنس ولا أحد من هؤلاء النسوة يدرك أن هؤلاء الرجال لا يهتمون بأمرهن، وإنما يهتمون بكيف تخلع المرأة رداء الحياء عن روحها وقلبها أولاً حتى تقدر على خلع الرداء عن جسدها حتى يستطيع التمتع بها دون مقابل أو تحمل عبء أو تكاليف أو جهد أو مسؤولية.

يروجون لفكرة الشيوعية، وهي كما قال أفلاطون سابقاً يجب أن تكون (نساء محاربينا مشاعاً للجميع فليس لواحدة منهن أن تقيم تحت سقف واحد مع رجل بعينه، وليكن الأطفال مشاعاً بحيث لا يعرف الأب ابنه ولا الابن أباه)، فتصبح المرأة مباحة للجميع دون قيد، ثم يقولون إن هذه قمة الإنسانية لا أعلم أين الإنسانية في التعامل مع إنسان على أنه أداة لتمتع مباح للجميع لا يملك من أمره شيئاً!

ثم نتساءل هل (جهاد النكاح) جزء من هذه الشيوعية التي يريدون أن تصل إلينا ولكن تحت ستار الدين؟! ولكن ما هو مؤكد أنه ليس له صلة بالدين الإسلامي الذي حرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وأعطى للمرأة حقوقاً وجعل الزواج منها يتطلب واجبات يقوم بها الرجل للمرأة التي أراد الزواج منها، وليس ذلك فقط بل جعل العلاقة بينهما تقوم على المودة والرحمة يتجمد فيها معاني الإنسانية وليست مقتصرة على الشهوة والمادة.

ولا أعلم حقاً كيف يعمل عقل البشر حتى يصل به الأمر بأن الرجل عندما يخرج ليجاهد في سبيل الله ويضحي بنفسه في سبيله أن يكون عقله مشغولاً بالدنيا ومتاعها؟!

لا أعلم حقاً كيف بمَن يطالب بلقاء الله يسعى إلى ارتكاب المحرمات والمعاصي ويقيم علاقة جنسية مع امرأة لا تحل له؟!

لقد وهب الله للإنسان العقل، وقليل مَن يستخدمه، ولكن انحراف العقل وارد؛ لأنه أساس القلب، وإذا كان القلب مريضاً فيصبح العقل فاسداً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد