الطرطور

الطرطور أو "الخروق" كما يسميها إخواننا في بلاد الشام "هو مصطلح يستخدمه الرجال والنساء على حد سواء لانتقاد الرجال بشكل خاص، لا يفرق بين متزوج وأعزب، ولا بين ملتزم وغير ملتزم، ولا بين عربي وعربي؛ لأنه على الأغلب مصطلح عربي، والرجل الحقيقي في نظر المجتمع الذكوري هو الذي لا تمسه هذه الكلمة بسوء، خاصة لو كان هذا الرجل عربياً!

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/13 الساعة 06:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/13 الساعة 06:34 بتوقيت غرينتش

الطرطور أو "الخروق" كما يسميها إخواننا في بلاد الشام "هو مصطلح يستخدمه الرجال والنساء على حد سواء لانتقاد الرجال بشكل خاص، لا يفرق بين متزوج وأعزب، ولا بين ملتزم وغير ملتزم، ولا بين عربي وعربي؛ لأنه على الأغلب مصطلح عربي، والرجل الحقيقي في نظر المجتمع الذكوري هو الذي لا تمسه هذه الكلمة بسوء، خاصة لو كان هذا الرجل عربياً!

فإن كان في بيت والده ومنعه والده من الذهاب مع أصحاب السوء الذين ينتظرونه عند مدخل بيته ضحكوا عليه، وأرسلوا له رسالة نصية على جواله مكتوب فيها: "هههههههههه يا خروق روح اشرب الحليب ونام بحضن الماما"، وإذا ما تذمر لأمه لعدم ذهابه معهم، قالت له: "ما انت طرطور لأصحابك لازم إذا قالوا لك تروح معهم.. تروح!"، وإذا ما تزوج وجد من يُسمعه هذه الكلمة، بدل الشخص الواحد أشخاص عدة، فإن كان سعيداً مع زوجته ويحبها ويهتم بها قالوا عنه.. طرطور!

وإذا جلس مع طفله الصغير يُطعمه ويهتم به في غياب والدته التي خرجت لتتفسح مع صديقتها وتأخذ استراحة من مسؤولية الأطفال قالوا عنه.. طرطور! طبعاً طرطور هنا قد يسمعها من أكثر من شخص من أمه وأصحابه وأخواته، وقد تأتي من جيرانه أيضاً!

وإذا ما تراخى قليلاً مع طفله المراهق مراعياً المرحلة الحرجة التي يمر بها قالوا له: "يا أخي شد عليه لا تكن طرطوراً"، وإذا كان باراً بوالديه ويطيعهما بما يرضي الله قالوا عنه "طرطور"، وإذا كان مهذباً لا يرد الإساءة بالإساءة قالوا: من يوم يومه طرطور وخروق!

هل الرجل بهذه السهولة قد يصبح طرطوراً؟ أو هل حقا كلمة طرطور دوماً تعني الإهانة؟! أو أنهم يرددونها على مسمع الشخص الطيب كي يشحنوه دون شعور على شخص يحبه فينقلب عليه؟!

لا يا أخي الطرطور -أقصد الطيب- ليس كل من قال هذه الكلمة عَنى فيها خوفه عليك، وأنه من حبه لك لا يريد أن يراك طرطوراً، فكثير منهم يتمنى لو كان مكانك، لكن من عجزه قال لك هذه الكلمة؛ كي ينغص عليك فرحة التعاون والحب والمودة بينك وبين غيرك من الناس.

لماذا لم يقولوا عن الذي خان زوجته إنه طرطور لنزواته وشهواته وغرائزه؟! ولماذا لم يقولوا عن الذي يقهر زوجته بأن يتزوج عليها "دون سبب منطقي" فقط ليقهرها ويذلها بأنه طرطور لنظرة المجتمع من حوله؟! بل على العكس يسمعونه كلمات المديح والإطراء، وبأنه رجل ابن رجل، وأن المرأة لا تأتي سوى بالعين الحمراء!

لماذا لم يقولوا طرطوراً عن الذي قلّد أصحابه بالشيشة والدخان وتعاطي الحشيش فقط ليجاريهم وكي لا يقولوا عنه "خروق"؟!

لماذا لم يقولوا عن الذي يضرب امرأة سواء زوجة أو أخت أو ابنة "طرطور" وهو الذي يشبع غروره الذكوري الذي شحنه المجتمع حوله به ويُظهر عضلاته على من هو أضعف منه جسدياً؟!
لماذا لم يقولوا عن السارق إنه طرطور للمال بدلاً من أن يعتبروه "حربوق"؟!

الطرطور في أغلب الأحيان هو شخص طيب القلب يحب من حوله، ولا يحب أن يُغضب أحداً؛ لذلك يحاول إرضاء الجميع قدر استطاعته، لكن جزاءه في النهاية لا يتعدى كلمة "طرطور".

لذلك يا عزيزي الرجل الطيب لا تلتفت لكلماتهم كثيراً ما دام ما تفعله لا يغضب الله، ولا تجعلهم يشحنونك بسوء نواياهم دون أن تشعر، فيجعلوك مثلهم كي لا تكون خارج قطيعهم.. وتذكر دوماً أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك، فاترك ما لا يدرك، وأدرك ما لا يترك!

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد