رمضان شهر العبادات والطاعات، شهر المغفرة والتوبة، شهر نجدد فيه نيتنا مع الله ونتقرب فيه أكثر إليه، شهر يمنحنا فرصة جديدة لمحاسبة النفس الأمّارة بالسوء، شهر يعيد إلينا أرواحنا التي فقدناها في هذه الدنيا الفانية، نصوم فيه عن كل الذنوب والمعاصي، نستغفر عن ذنوب سوَّلت لنا أنفسنا فعلها بقصد أو بغير قصد، ونتوب عن فعلها راجين من الله الثبات، نصل الرحم ونتسامح مع الناس عسى أن يقبل صيامنا، نتصدق ونطعم المساكين ليتضاعف أجرنا، نقرأ القرآن ونقوم الليل ليستجاب لدعواتنا..
هناك من ينتظر رمضان ليطهّر قلبه ويهذّب نفسه ويجدّد نيته؛ لكي تكون كل الأعمال التي يقوم بها خالصة لله عز وجل.
وهناك من ينتظره ليقضي اليوم كله وهو نائم ويستيقظ على أذان المغرب ليفطر فقط، دون صلاة ولا أية عبادة ويحسب نفسه صائما!!
هناك من ينتظره ليسهم ويتبرع لتحضير موائد الرحمن؛ لإطعام المساكين وعابري السبيل.. وهناك من من ينتظره، فقط ليصور مائدة الإفطار ويتباهى بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وهناك من تنتظر رمضان لتأخذ خطوة في طريق الاستقامة وترتدي الحجاب.. وهناك من رأى فيه الوقت المناسب للإقلاع عن التدخين ويبدأ في الصلاة.
وهناك من تنتظره؛ فقط لأنها تستطيع الرجوع إلى البيت متأخرةً دون أن تعاتب، وهناك من لا يرغب في قدومه..
هناك من ينتظره ليشاهد برامج دينية ليتعرف على الإسلام وسُنة نبينا أكثر ويستفيد أكثر.. وهناك من ينتظره ليشاهد المسلسلات.
اختر من تريد أن تكون من الآن، فهذا الشهر هو شهر الله، والصيام هو العبادة الوحيدة التي اختصها الله له؛ إذ نُقل عن أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ".
إن كنت تنوي الصيام فصُم لله عز وجل، فالصيام ليس الإمساك عن الأكل والشهوات فقط؛ بل عدم الغيبة والنميمة، والتعبد إلى الله، وتطهير القلب من الحسد والغيرة…
مع بداية هذا الشهر الفضيل، اجلس مع نفسك جلسة عتاب ومحاسبة، حاول أن تختار الهدف الذي تريده والطريق الذي تودّ أن تسلكه، ثم حدد إحداثياتك في هذا الطريق لترى كم تبعد عن هدفك… كل هذا لتجد نفسك بعد رمضان في راحة نفسية لم ترَ لها مثيلاً وتقرر الثبات على هذا الطريق، طريق الاستقامة، متجِهاً نحو هدفك وهو القرب من الله، وليس المهم متى تصل، المهم أن تموت على هذا الطريق…
وختاماً، مع حلول هذا الشهر المبارك الذي أُنزل فيه القرآن أعيدوا حساباتكم مع أنفسكم؛ فهو أيام معدودات فقط، لا تجعلوه يمر عليكم دون أن يترك فيكم بصمته أو دون أن تتغيروا، استغلوا قدومه وتوبوا وتقربوا إلى بارئكم، عسى الله أن يغفر لنا ولكم ويتقبلنا وإياكم ويكتبنا من بين عباده الصالحين..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.