انشروا الحب كي تعيش العنكبوت

عندما تنغرس مخالب الظالم في نفسك، فهو لا يصنع لنفسه مَجداً بانتصاره بعد أن رسم على مُحَياك كل معاني الذل والهوان والانكسار، بانتصاره ذاك هو يحاول أن يشوه صورتك وشخصيتك فتصبحُ ظالماً ومستذئباً يَعوي بالظلم كما فعل، بنفس طول الأنياب والمخالب تلك.. حتى إنها قد تصير أطول مما يمتلك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/02 الساعة 07:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/02 الساعة 07:22 بتوقيت غرينتش

عندما تنغرس مخالب الظالم في نفسك، فهو لا يصنع لنفسه مَجداً بانتصاره بعد أن رسم على مُحَياك كل معاني الذل والهوان والانكسار، بانتصاره ذاك هو يحاول أن يشوه صورتك وشخصيتك فتصبحُ ظالماً ومستذئباً يَعوي بالظلم كما فعل، بنفس طول الأنياب والمخالب تلك.. حتى إنها قد تصير أطول مما يمتلك.

كل ظالم هو بالضرورة مريض، يحمل تحت جلده ولحمه كائناً مشوهاً، مليئاً بالثقوب من ماض مؤلم أو تجربة ظلم كان فيها الضحية، أو إحساس بالنقص يترجمه هجومه الشرس على ضحايا دون قوته ومكره.

لا مجال أن تصادف عنكبوت الحب بداخله، وهي تَحيك شباكاً حريرية حول قلبه؛ كي تتصدى لهجمات نفسية كالتي جعلت من قلبه عَضلة لا جدوى لها إلا ضخ لِترات الدم الفاسد في عروقه.

وكتلك الحقنة الملوثة التي تنشر المرض بين مدمني المخدرات، يحاول الظالم أن يغرس أنيابه فيمن هم دون قوته حتى لا يعيش العزلة في ظلمته، فهو يبني مجداً من الظلمة، وجيشاً من المرضى حوله؛ كي لا يبقى وحيداً في صقيع عالمه المظلم، فنجاح الظالم في أن يجعل منك صورة له بمعايير قد تزيد فيها هشاشة خيوط العنكبوت التي تحمي قلبك الصغير.

هشاشة خيوط العنكبوت توازيها هشاشة علاقاتنا الاجتماعية، سلسلة غذائية يأكل فيها قوينا الأضعف فالأضعف، تلك الدموع التي صنَعَت من أرضيتنا الصلبة وتربتنا الصالحة وحلاً لن يسعفنا في أي ردة فعل تجاه تلك الذئاب غير التخَبُّط الذي يزيدنا انغماساً أكثر فأكثر في وضعيتنا الأقل من أنها تكون دفاعية.

الحالة التي تصنع منا كائنات تبحث عمن تفرغ فيه ذلك الظلم الممارس عليها، أشخاص تتربص بمن هم دونها قوة وحجماً في زحمة الحافلات، وفي الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى داخل دور العبادة، الكل يتربص بالكل، والضعيف يكون هو الضحية التي لا محال ستبحث عن الأضعف في هذه السلسلة التي يقودها ذلك الظالم الذي بدأها بكلمة نابية في حقك هذا الصباح، أو بصفعة على وجهك، أو بحق سلبه إياك ظلماً وعدواناً.

وحتى لا تستمر الدائرة في التوسع، حتى تعيش تلك العنكبوت طويلاً، حتى نُخرج أقدامنا من بقعة الوحل تلك، انشروا الحب أينما ولّيتم وجوهكم، انشروا التسامح والتعايش، فكل ابتسامة في وجه عدو قد تُذيب تلك الرصاصة الموجهة نحوك، كل كلمة طيبة قد تكون ترياقاً لعضة الظالم.

انسلخوا من جلباب الضحية، وثوروا في وجه الظلم بالحب والضربة التي لا تقتلك لا تجعل منها ثقباً أسود في قلبك فيتوسع، بل اجعل منها ابتسامة عدّاء يقترب من خط الوصول.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد