بينما كنت أعبث بجوالي كالعادة لا لشيء إلا لأجل أن أرى في متابعتي شيئاً يثير انتباهي فأقرأه أو أشاهده، لكن للأسف لم أجد ضالتي هذه المرة في جوالي وأنا أتابع وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لفت انتباهي حديث المدرسات اللاتي كنّ يجلسْنَ في الغرفة المخصصة للاستراحة، وكن يتكلمن مع أحد الأساتذة عن عيوب العناد وعيوب النقد لأجل النقد لا لشيء آخر.
هنا انطلقت الست نوال، مدرسة الفيزياء؛ لتحدثنا عن تجربتها عن شيء كان في الماضي مستحيلاً، وأصبح ممكناً أن تفعله، وهذا هو الإنسان النابه، الذي يستفيد من تجاربه ليحول الأخطاء إلى إيجابيات، وعلى شعار: أخطائي علم ينتفع به، إن وعى الإنسان لسلبيته واستثمرها.
الست نوال تقص علينا قصتها مع إحدى طالباتها عندما كانت تشرح لهن نظرية فيزيائية كانت قد كتبتها على اللوح، وكانت هذه النظرية فيها تعقيد كثير، وكعادة هذه الطالبة الذي كان اختصاصها على ما يبدو لي أنها مسؤولة مسح اللوحة، قامت كعادتها بمسح اللوح، لكن هذه المرة للأسف مسحتها دون إذن الست نوال، هنا غضبت الست نوال غضباً شديداً، وأخذت تنهرها نهراً شديداً، على ما فعلت ولعل صديقي القارئ، سيقول إن الست معها حق؛ لأنها تعبت في شرح النظرية وتبسيطها وتنزيلها لمستوى فهم الطلبة، لكن هنا لن يكون حديثي معكم أن الحق مع المُدرِسة أو الطالبة، حديثي معك صديقي القارئ، عن الدرس الذي تعلمته المدرسة من طالبتها، كيف استطاعت أن تستثمر هذا من سلوك سلبي إلى سلوك إيجابي.
هنا تكمل الست نوال حديثها لتقول هنا أخذْتُ أفكرُ قليلاً علامَ فعلت كل هذا مع طالبتي، لماذا صرخت عليها وربما أغلظْتُ لها القول وعنّفتَها في الكلام، وهي فعلت هذا الفعل غير قاصدة، أن تتعبني في إعادة كتابتها، الدرس بدا جلياً قررت الست أن تعتذر من طالبتها أمام جميع الطلبة في القاعة الدراسية، وتضيف أنها كانت سابقاً قلما تعتذر من أحد، إلا قليلاً، لعل شيئاً من هذا القبيل يبدو سهلاً وممكناً بالتأكيد هو سهل وغير ممتنع على الذي عادته الاعتذار من الناس، إذا أخطأ في حقهم، لكنّ الذي لم يعتذرْ سابقاً وإن كان مُخطئاً، عندما يتحول في لحظة ليعتذر ويقدم عُذره أمام الجميع، ولو رجعْتَ صديقي العزيز إلى عالمك أو عالمي أنا رُبما لوجدْنا أشياء ربما لم نستطِع إلى الآن التغلب عليها، أو تحويلها من فعل سلبي إلى فعل إيجابي، لكنّ صاحبة قصتنا اليوم انتصرتْ على سلبيتها واستثمرتها، واستطاعتْ الانتصار على (الأنا السلبية)، وتخيل معي موقف الطلبة فيما بعد ومدى تأثرهم بمعلمتهم وكيف سيكون هذا الحدث درساً عالقاً في ذاكرتهم.
صديقي ستسألني: أين دوري من كل الذي سبق؟
إليك الجواب:-
1- استثمار اللحظات السلبية وتحويلها إلى فعل إيجابي، قد تكون لحظة غضب أو انفعال أو ذنب.
2- الإنسان مفطورٌ على الأخطاء، وهي ميزةٌ له، إذا استطاع التصحيح، وربما هذه الأخطاء تكون له فيما بعد دروس يستفيد منها الآخرون.
3- لنرفع شعاراً في حياتنا: أخطائي علمٌ ينتفع به، ليس دعوة للتساهل في عمل الخطأ، وإنما دعوة للاستثمار في أخطائنا.
4- التحولات في حياةِ الإنسان فُرص، والفرصة إن لم يُحسنْ استثمارها، قد تذهب بلا عودة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.