الهوية

دارت مناقشة حامية الوطيس كنت طرفها الثاني، أما طرفها الأول فصديق عربي الأصل فرنسي الجنسية، وثارت بشأن صراع الهوية وما تعانيه الجاليات المسلمة في الغرب، خاصة في الأقاليم بعيداً عن عواصم الدول الأوروبية من تغير ثقافي ديني لغوي مع تعاقب الأجيال

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/30 الساعة 07:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/30 الساعة 07:39 بتوقيت غرينتش

دارت مناقشة حامية الوطيس كنت طرفها الثاني، أما طرفها الأول فصديق عربي الأصل فرنسي الجنسية، وثارت بشأن صراع الهوية وما تعانيه الجاليات المسلمة في الغرب، خاصة في الأقاليم بعيداً عن عواصم الدول الأوروبية من تغير ثقافي ديني لغوي مع تعاقب الأجيال.

سبقت هذه المناقشة سفري في رحلة أوروبية شملت مجموعة من الدول الأوروبية هي الأولى من نوعها بالنسبة لي.

والهوية هي حقيقة الشيء من حيث تميزه عن غيره، وقال الفارابي في تعريف هوية الشيء إنها "وجوده المنفرد له، الذي لا يقع فيه اشتراك"، وبناءً على ذلك فإن هوية الإنسان لا تشمل المشخصات الحسية الجبلية فقط، وإنما تتعداها إلى الخصائص الفكرية والاعتقادية والسلوكية والأخلاقية المكتسبة، وتعتبر هذه الخصائص المكتسبة مناط التمييز والتمايز للفرد والأمة.

تبنيت أنا وجهة نظر تقول إن الصراع على الهوية نوع من الترف، بينما أطفال المسلمين يموتون قتلى في سوريا وجوعاً في اليمن، وتبنى صديقي رأيه الذي دافع عنه بلسان الحكيم عن أن صراع الهوية لا يقل دموية عن الموت، وإن كان الأخير له بشاعته وحلول غير ممكنة، أما الأول فله دواؤه وإن كان صعب الشفاء. هاجمته هذه المرة مباشرة معتدا بتقرير لمنظمة العفو الدولية يقول فيه إن كل عشر دقائق يموت طفل في اليمن جوعاً، وتساءلت: هل خوفي على لغة ودين أبنائي يتساوى مع قتلهم أمامي بالصواريخ أو تتسرب أرواحهم جوعاً من بين يدي.

رفضت المساواة ولو عبثاً.. انتهى النقاش الذي ما كان منتظراً أن يؤدي إلى نتيجة ترجح كفة أحدنا فكلانا متعصب لقضيته، إذا صح التعبير.

فعملي الصحفي يجعلني أكثر منه إحاطة بما يحدث في الوطن، وهو بوجوده المكاني في أوروبا وملامسته لمشكلته الشخصية أولاً والعامة ثانياً في مجتمعه المسلم يجعله ملماً بمشاكل وطنه البديل.

في بداية رحلتي تغيرت العديد من مفاهيمي للحياة في الغرب، بداية من قوانين خاصة بالأطفال والتي تتيح مصادرة حق الأم أو الأب برعاية أطفالهم، وانتزاعهم من عائلاتهم، هو أمرٌ قانوني وشائع في بعض البلاد الأوروبية مثل إيطاليا والسويد، عندما تقرر السلطات الاجتماعية، أن كلا الوالدين، أو أحدهما، غير قادرين على رعاية وتربية الأطفال، فتقوم الدولة بتدبير أمور تربية الأطفال والبحث عن عائلات بديلة.

الأطفال يصادرونهم بمجرد خطأ في التربية مثل معرفة المدرسة أنك ضربت ابنك أو أسباب مثل عراك بين الوالدين وصل إلى الشرطة، بالإضافة إلى صراع داخلي خارجي بين قيم الأسرة العربية وبين قيم المجتمع الغربي بين ما لا يجوز دينياً وهو يحيط بك مجتمعياً.. بين تربيتك لابنك وبين تربية المجتمع له.. بين لغة بلادك ولغة المجتمع، وغالباً ما تفوز لغة المجتمع، وأنك لن تستطيع محاربة الزمن، فحتى لو استطعت أن الحفاظ على ابنك لن يستطيع الابن أن يحافظ على ذلك مع أبنائه.

حكى لي صديق عن رؤيته لبنت محجبة كاملة الحجاب وفضفاضة الملابس، وهذه ثقافة أسرتها، لكن مع ذلك رقصت مع أصدقائها الشباب حتى ساعة متأخرة من الليل وهذه ثقافة المجتمع التي طغت عليها.

محاولات إجبار المسلمين في الغرب على ما يسمونه الاندماج في مجتمعاتهم ما هي إلا مخطط لسلب المسلمين هويتهم الثقافية الصادرة عن حضارتهم الإسلامية، وتهدف إلى تحويل المسلمين عن الإسلام، أو أن تنسحق هوياتهم، ويتحول الإسلام إلى مجرد صفة لا مدلول لها كان ذلك بقوة ناعمة تحولت إلى مضايقات مؤخراً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد