وأعِدُّوا لرمضان

على الصائم أن يدرك تماماً أن وضع الخطة الرمضانية لا يعني بالضرورة أنه قد نجح فيما أراد، وأنه زاد من رصيد حسناته، الأمر ليس مقتصراً فقط على وضع الخطة، إنما تنفيذ الخطة والإصرار على التنفيذ، رغم المعوقات والمغريات. هنا يستطيع الصائم أن يُقَيِّمَ نفسه هل نجح أم لا؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/28 الساعة 02:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/28 الساعة 02:58 بتوقيت غرينتش

يستقبل المسلمون شهرَ رمضانَ المباركِ استقبالاً يليق بمباركة هذا الشهر وقدسيته، ويُحضِّرُ الجميعُ خطةً يستطيع من خلالها استغلاله استغلالاً موفقاً، ويُضَمِّنُ خطته بعدد الأجزاء التي سيقرأها خلال اليوم، وعدد المرات التي سيختم فيها القرآن الكريم، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال الإيمانية العظيمة التي سيتقرب بها إلى الله عز وجل.

غير غافل عن الكتب التي سيقرأها، أو البرامج التلفزيونية الدينية والهادفة التي سيتابعها، التي ستزيد من رصيده خلال الشهر الفضيل، عاملاً وبجد على أن يُهَذِّبَ سلوكه خلال الشهر حتى يكون سلوك حياةٍ كاملةٍ على صعيد بقية العام، مستغلاً في ذلك تصفيد الشياطين وغيابها عن الساحة في رمضان.

لكن على الجهة الأخرى من التحضيرات والاستعدادات لاستقبال رمضان، واضعين في الاعتبار تصفيد الشياطين، هناك من يسعى جاهداً لتفعيل دور الشياطين طوال رمضان، رُغم تصفيدها، من خلال عملٍ دؤوب طوال الأشهر السابقة لرمضان، عَمِلَ من خلالها على تحضير وجبات دسمة لتفطير الصائمين في نهار وليل رمضان دون إدراك منهم.

كثيرةٌ هي المسلسلات التلفزيونية التي سيتم بثها خلال الشهر الفضيل، وكثيرة هي برامج التسالي وغيرها من البرامج المليارية التي سيكون رمضان بدايةً لانطلاق بثها للأسف.

والأكثر مدعاة للأسف هو قيام الفضائيات الإسلامية باتباع منهجية القنوات العادية في جعل رمضان موسماً لبث برامجها، ربما تختلف نوعية برامجها عن برامج القنوات الأخرى، لكنها تتفق معها في مضمون تضييع الوقت الذي من الممكن استغلاله في شيء آخر مفيد وأكثر إفادة، فمثلاً أن تقوم قناة تلفزيونية هادفة ببث برنامج تسالي خلال الشهر مدة ساعة كاملة، أليس من الأفضل لو تم استغلال تلك الساعة في الدعاء أو قراءة القرآن أو الصلاة أو زيارة الرحم؟!

تجد الأمر في حقيقته خطة ممنهجة تسعى لتشتيت الصائم وانحرافه عن تنفيذ خطته التي رسمها قبل بدء الشهر، هذا الأمر يؤدي قطعاً لانحراف الأداء.

لذا على الصائم أن يكون حذراً من وقوعه في شَرَكِ تلك القنوات، ويعمل جاهداً على ألّا يقل نصيبه من الحسنات مقابل الزيادة في أرباح من ننعتهم بالغزاة.

كما على الصائم أن يدرك تماماً أن وضع الخطة الرمضانية لا يعني بالضرورة أنه قد نجح فيما أراد، وأنه زاد من رصيد حسناته، الأمر ليس مقتصراً فقط على وضع الخطة، إنما تنفيذ الخطة والإصرار على التنفيذ، رغم المعوقات والمغريات. هنا يستطيع الصائم أن يُقَيِّمَ نفسه هل نجح أم لا؟

أما على صعيد القنوات التلفزيونية صاحبة الغزو، ونازعة الحسنات، وقاتلة البركة في الوقت، التي تنطبق عليها الآية القرآنية الكريمة "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ"، فعليها أن تدرك أن رمضان ليس هو الشهر الوحيد الذي يتفرد به العام، فالسنة تحوي أحد عشر شهراً غيره، فلتجعل من إحداها موسماً لها تعمل فيه على رواج منتجاتها الإعلامية.

لكن هذا الأمر لا يعفي المسلم من أن يكون حذراً في رمضان وغيره؛ لأن الخطأ يبقى خطأً، ولا يرتبط بشهر دون الآخر.

يبقى الوعي والإدراك والحذر أمراً واقعاً، لا بد منه طوال العام، مع ازدياده خلال رمضان كونه شهر العبادات والفضائل.

رمضان الشهر الهدية الممنوحة لنا من الله، علينا أن نحسن استغلاله ونكثر من الطاعات والعبادات ونتسابق الخير فيه، ليتقبل منا الله، ولنحبط مخططات الغزاة الفكريين.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد