في الآونة الأخيرة، كانت كمية تدفُّق المعلومات المهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخطر الأكبر الذي يهدد الشيخ العجوز (القنوات التلفازية)، فأصبحت أهم فئات الشعب من الشباب بين 15-29 لا يكادون ينظرون للتلفاز إلا عن طريق الصدفة، وهذا خنجر مسموم طُعنت به القنوات الإخبارية ذات التوجهات السياسية التابعة لمعلنيها غالباً.
التحدي الأكبر في الوقت الراهن هو إعادة خيول الإعلام التقليدي للواجهة مرة أخرى بعد أن انهارت وسائل الإعلام المقروءة الورقية وأصبحت لا شيء يذكر على مستوى التأثير السياسي في المجتمعات، فماذا سيفعلون بعد أن تلقى التيار ذاته المسيطر على القنوات الإخبارية صفعة تلو الأخرى، بداية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مروراً بفوز دونالد ترامب الذي كان بمثابة الصاعقة التي أيقظتهم من وهم أنهم ما زالوا متحكمين في مصدر المعلومة وكمية ما يجب أن يُعرف وكيف يجب أن يقدم؟
بدأت تلك الرؤوس بالتخطيط والتنفيذ فعلياً قبل أن يفوت الأوان ويصبح الصعب مستحيلاً، وكانت منصة اليوتيوب هي البداية؛ قناة Casey neistat صاحبة الـ7 ملايين مشترك وتعد من أهم قنوات الڤلوقات في العالم، تم شراؤها مؤخراً من قِبل الـCNN بمبلغ تجاوز الـ25 مليون دولار لتصل الـCNN لشريحة من الشباب لم تكن تحلم بالوصول لهم ولو لمدة ساعة لأسبوعياً.
توالت الخطوات للتحكم التام في صناعة المحتوى اليوتيوبي، لتقوم شبكة ديسكفري متحدة مع عدد من القنوات باستثمار تخطى حاجز الـ100 مليون دولار لشراء عدد من قنوات اليوتيوب.
على الجانب الآخر، كانت خطة منع المُعلنين -وهم وقود اليوتيوب- من الإعلان عبر المنصة، حيث نشرت (الوول ستريت جورنال) تقريراً تحذر فيه المعلنين من أن الأموال التي يدفعونها تذهب لدعم أعمال تتسم بالعنصرية وتحرض على العنف.
وبالفعل، بدأت شركات كبرى بإيقاف الإعلان عبر اليوتيوب لحين إشعار آخر، رغم أن تلك الشركات لا تمانع أبداً دعم أفلام دموية أو عروض مسرحية تقوم أساساً على السخرية من الأجناس والأعراق.
الشروط الأخيرة من قِبل اليوتيوب بعدم نشر محتوى طائفي، ديني، سياسي، عنف، (مثير للجدل) حتى يتم الموافقة على الفيديو وشموله بالإعلانات.
ومن ثم، العائد المادي قلّص من حريات صناع المحتوى بشكل كبير، وما هو إلا إعلان شبه رسمي برضوخ المنصة الحمراء ودخولها لبيت الطاعة طوعاً، طارحاً التساؤل عمن سيتبع اليوتيوب من وسائل التواصل الاجتماعي في خطة عودة الإعلام التقليدي المسيس مرة أخرى للواجهة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.