شهر رمضان.. شهر القرآن

ونحن نستقبل شهر الرحمة، شهر القرآن الكريم، شهر المغفرة، يطيب لكل منا أن يختلي بنفسه بعض الوقت مع كتاب الله الكريم متأملاً أو متدبراً لآيات القرآن؛ ليعيش حالة صفاء إنساني ونقاء روحي وعروج ملائكي.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/27 الساعة 09:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/27 الساعة 09:06 بتوقيت غرينتش

في عصر العولمة التقنية وكمّ المعارف المنهمر وسهولة التنقيب عن أي مجال معرفي أو علمي أو اقتصادي، قد يفاجأ البعض بأن هناك تصحراً فكرياً عند بعض الأمم أو الشعوب أو الدول أو الأفراد في بعض العلوم أو المدارك. كيف لا يستغرب الإنسان ذلك وبحور التقنية الحديثة أصبحت طاغية على كل مفاصل الحياة وملموسة في حياة الفرد منذ ولادته وفي اتساع متراكم.

ونحن نستقبل شهر الرحمة، شهر القرآن الكريم، شهر المغفرة، يطيب لكل منا أن يختلي بنفسه بعض الوقت مع كتاب الله الكريم متأملاً أو متدبراً لآيات القرآن؛ ليعيش حالة صفاء إنساني ونقاء روحي وعروج ملائكي.

وهنا يتصدى بعض من يعتقد أن لديه وصايا على طريقة تفكير وقراءة النصوص القرآنية فكرياً، ليقول للجميع وبصوت عالٍ: "إن القرآن عَصيٌّ على الفهم في الوجدان العام".

هذه النبرة الحادة بالإبعاد عن التدبر لآيات كتاب الله العظيم بقصد أو بغير قصد، تجعل الإنسان متحيراً في مقاصد رسالة ذلك الشخص ويطرح تساؤلاً بريئاً عن المتمصلح الحقيقي من مثل هذه الدعوة والحظر من تدبر آيات الله والذوبان في عطاء العظات الإلهية المنزّلة في طيات كتابه؛ بل يفهم بعض الناس أن قراءة القرآن هي لحن صوت وإجادة تلاوة من دون زرع روح وتوطيد ممارسات أخلاقية سلوكية. وهذا قد يولِّد انفصاماً في قراءة الواقع المعيش بين التنظير الأخلاقي والتعامل الفعلي اليومي.

نداء السماء الخالد هو دعوة مفتوحة للجميع للنهل من بحر كتاب الله "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" (سورة القمر: 22).

حسب فهمي أن ذلك التيسير والنداء الخالد هو خطاب للجميع موجَّه من قِبل الله -سبحانه- للوصول إلى معاني القرآن ومكنوناته كمصدر هداية أول وأساس لتزكية النفوس وتوطيد التقوى ومناجاة الله وتوطيد إنسانية الإنسان وتثبيت مكارم الأخلاق.

من الطبيعي فهماً ألا يحيط بكل معاني القرآن عقل بشري محدود ذو قدرات محدودة وذو تصورات تتناسب وزمكانه. ولكن يجب ألا يكون ذلك مبرراً للبعض بحظر استنطاق النصوص؛ لأن المخاطب هو الإنسان، كل الإنسان، ولِهجرانه تحت ستار لا يعلمه إلا الراسخون في العلم أو تحت أي غطاء آخر.

شهر رمضان هو شهر كتاب الله تلاوةً وحفظاً وتدبراً واستنباطاً وحكمةً وهدايةً.. وبحقٍّ هو كتاب كالبحر العميق لججه، فما إن اعتزلته إلا وفاتت عليك منافعه، وما إن قصدته إلا ونعمت بخيراته.

نتمنى للجميع حصاداً رمضانياً مملوءاً بالرحمة والبركة والخير والأمن والأمان والسعة في الرزق وحسن الاستجابة في الدعاء. لا نحتاج المال لنزداد جمالاً، وإنما نحتاج الأخلاق لنزداد حباً وسلاماً وانسجاماً.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد