"أرجوكِ لا تبحثي عن هذا الأمر في جوجل عندما تعودين إلى المنزل" هكذا ينهي طبيبي عادة لقاءاتنا.
من الواضح أنه لا يتوقع الكثير منّي، لا أنتظر حتى أصل إلى المنزل لأبحث عن الأمر في جوجل، أبحث عن الأمر على هاتفي بينما أنتظر موظف قاعة الاستقبال ليوقّع على مطالبتي بالرعاية الصحية.
ليس وكأنني لا أثق في طبيبي، أنا أثق به بشكل ضمني، هو منفتح على أي قدر من الأسئلة أوجهه إليه وهو صادق وكريم في إجاباته، مع ذلك فالوسواس بداخلي يدفعني للتأكد من إن كان قد نسي شيئاً حيوياً يجب عليَّ معرفته، لا يمكنك أن تكون متأكداً أبداً من أنه لا توجد أعراض نفسية لم تظهر عندي بعد.
أفهم أن البحث عن الأعراض في جوجل أمر خاطئ، في الأساس لأني أدرك أن أي شخص بإمكانه أن يكتب ما يشاء على الإنترنت بغض النظر عن الحقيقة أو البحث العلمي الرصين، مع ذلك فلديَّ حاجة قهرية لأن أبحث بشأن الأدوية التي وُصفت لي.
لهذا في ذلك اليوم عندما وُصف لي علاج آخر (الأرق ممتع حقاً) كتبت اسم الدواء وبحثت، أنا حريصة بخصوص اختياري لكلمات البحث والروابط التي أضغط عليها؛ لأنني أعلم أنه لم يحب أحدهم الدواء أو مر بتجربة سيئة معه يكون سريعاً في كتابة ذلك ومشاركته مع العالم.
للأسف على خلاف ذلك إذا حصل أحدهم على النتيجة المتوقعة -توقف المرض دون أعراض جانبية- لا يقوم بإزعاج الناس وإخبار الإنترنت أنهم راضون. في الحقيقة فإن المرأة العجوز الحكيمة بداخلي تعامل التقييمات الإيجابية باعتبارها مدفوعة الأجر أو مكتوبة من قِبَل الشركة المصنعة للدواء.
لذا عندما بحثت عن آخر المنضمين إلى خزانة أدويتي اخترت بحرص الروابط الذي سيخبرني بتقرير عملي وغير متحيز، قادني الرابط الأول إلى موقع يدَّعي أنه أفضل مصدر للمعلومات الطبية في البلاد.
بالكاد قرأت عن كيفية عمل الدواء وما هي آثاره الجانبية ومتى يجب أو لا يجب عليَّ تناول الدواء، عليَّ أن أعترف أنه كان مملاً لكن عندما تبحث عن أمر يخص صحتك فإن "ممل" ليست كلمة سيئة.
لكن عندما وصلت إلى نهاية المقال ووصلت إلى الفقرة التي كانت تبدو وكأنها متنكرة على شكل موقع اللايف ستايل. "ربما يعجبك أيضاً" أخبرني الموقع بفخر وبعد ذلك بدأت بعرض ثلاثة روابط لـ Roxithromycin من ثلاث صيدليات مختلفة. اعتراني الفضول؛ لأنني لا "تعجبني" الأدوية فعلاً. كنت محتارة لأن الـRoxithromycin يبدو مخصصاً لمعالجة التهاب الحلق ولا أشعر حتى بحكة في حلقي. في الحقيقة فإن الدواء الذي أبحث عنه لا تربطه علاقة بالحلق الملتهب إلا كتلك التي تربط بين الكراسي الجلدية المريحة ومطاعم الوجبات السريعة.
بالطبع فهذا موقع تجاري يحتاج المال للاستمرار في إعطائنا معلومات مجانية، كل الناس تحتاج للمعلومات خصوصاً المصابين بالوسواس القهري. موقعهم مجاني الدخول ويتم تمويله من قِبَل الإعلانات وتراخيص المحتوى، لكن بالتأكيد ليس أمراً مريحاً أو ذكياً أن تقترح للناس أدوية ربما تعجبهم، ليس من الغريب أن مهووسي الصحة يظنون أنهم أطباء.
لا أريد دواءً آخر لذا عدت إلى قائمة البحث ودخلت إلى رابط مؤدّ إلى مصدر صحي تابع للحكومة، تلخيص ممل آخر للدواء مع رابط مؤدّ إلى المصدر سابق الذكر في آخره، ناهيك عن أن لديهم مؤشر أعراض مفيداً للغاية بارزاً على موقعهم.
"اختَر عرضاً" صرخ فيّ، وناشدني "ما العرض الذي يزعجك أكثر؟"، ليست مشكلتي أن عرضي المخصوص ليس مدرجاً في قائمتهم الأنيقة. (إذا كان بإمكان أي أحد إخباري بعلاج للكوابيس المتكررة سأكون شاكرة حتماً)، لكن شيئاً ما بخصوصه يشعرني بعدم الارتياح.
هل المواقع الطبية مثل هذه تستخدم من قِبل الناس العاديين أم فقط من قِبل المصابين بالوسواس القهري؟ هل الهدف أن تخبر الطبيب بهذه المعلومات أم أنه يجب عليك أن تكون قادراً على معالجة نفسك؟ هل هو مفيد أم مضر أن تخبر الناس بأمراضهم دون أن تكون قادراً على مساعدتهم؟
أقدر فعلاً التكنولوجيا لكن أظن أنني أفعل الصواب عندما أقوم بالبحث في غرفة الطبيب، لكن ربما في المرة القادمة عليَّ فعل ذلك خلال الجلسة وليس بعدها.
– هذه التدوينة مترجمة عن نسخة الأسترالية من هاف بوست. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.