"هيام" كتابي الأول، هو عبارة عن قصة وخلاصات، فتجد نفسك تقرأ في نسق روائي ثم تميل إلى كسرات خواطر ثم تولج مرة أخرى نحو الرواية وهكذا.
القصة تدور حول مراهقة أحبَّت وانكسرت، ثم قررت أن تحافظ على اتزانها النفسي فلجأت إلى معالجة نفسية.. في الوقت الذي كانت الفتاة فيه تذهب للمعالجة وتحكي لها، انفتح جرح مماثل لدى المعالجة نفسها، وهنا بدأنا نستمع للفتاة مع المعالجة من جهة وللمعالجة مع نفسها من جهة أخرى.
فأصبحت المعالجة أو الدكتورة تكتشف نفسها وتغور في أعماقها بدورها؛ لتعالج نفسها من خلال تلك المراهقة، وقررت المعالجة اللجوء إلى الكتابة، كما نصحت الفتاة أيضاً باللجوء إلى الكتابة، التي هي دائماً ما تكون الحل الأمثل للتنفيس عن الدواخل ومعالجة الجروح القديمة بالذات.
فأصبح لدينا 3 أصوات تحكي؛ أنا الكاتبة و"هيام" الصبية العاشقة، والدكتورة التي تحكي بدورها آلامها التي وارتها خلف الكتب وترفَّعت عنها لتبلُّد أحاسيس لم تقوَ على مواجهتها.
تعكس لنا القصة أن الدكتورة هي البطلة الحقيقية، وأن الرزق قد يكون في حل مشكلة تأتيك عن طريق غير مباشر لتمهد لك الحياة نحو الأفضل، وأن مواجهة الأحزان في وقتها هي الخيار الأصعب والأسلم، وأن العمر لا يأتي مرتين ولكن أي شيء آخر قد يأتي أكثر من مرة عدا الأيام.
عدَّدت شخوص روايتي الأولى، التي -باعتقادي- ما انتهت بعد؛ فما زالت الصبية في حيرة من أمرها تائهة بين نفسها ونفس تلومها ونفس تذوب عشقاً بالسراب. فأحسست باللوم أن أتركها هكذا بعدما اطمأن مَن صحبها بالصفحات، فقررت ألا أدع روحاً في مقتبل العمر تتوه، أفكر في الفتاة ويؤنِّبني القلم، فقد أنهيها لأصلَ بها لنهاية تشبه أفلام (أول) ذات اللونين.
في صغري، تمنَّيت الكتابة، وأن يتلبَّسني الإلهام حتي أخمص قدميّ، وأنطلق.. تمنيت أن أصبح ذلك الاسم الجميل وذلك التوقيع الأنيق، وأن أرمي بها بثقلي الذي يحمل وزره الثقلان، وأن أدفن نفسي شبه وحيدة، بين اليراعات المختلفة والمحابر المعتَّقة المداد، والأوراق التي وإن تناثرت فخطها من جديد سيكون من السهولة أن "أسيب" الكلمات من رأسي حتي أخمص الورقين البردي والأبيض الحديث.
وتمنيت أن أفكر قليلاً وأكتب كثيراً، وأن تدرّ عليَّ الكتابة المال وأن يتعرف كل من في الأرض على وجهي على أغلفة الأدب، وأن أجول حول العالم، وأن أتعرف على نفسي في المطارات حيث الأحاسيس متطايرة بين مودع ومستقبل.
بعد قراءتي كتاباتي، أخاف الآن أو عساني أحب.. أن قد بدأت توقعاتي بالتحقق، فما زلت وحيدة مليئة بالمتاهات التي "تشوشر" على عقلي بين الخواء الآمن واحتمالات ذات البين والتي لن أطيق "فجرها" إن لم تطاوع أمنياتي العذبة بالتواري خلف رجل بحجم البحر وهدوء البحر وغموض البحر وشفافية البحر ونقاء البحر وغضب البحر وسيطرة البحر وعطاء البحر وتفهم البحر وبهجة البحر وحديث البحر وغناء البحر وقوة البحر ولين البحر، وعطف البحر وعصف البحر وزرقة البحر…
فالخوف كل الخوف ألا يكون للبحر شبيه! فأبحر وحدي بين أسطري البراقة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.