سأروي لكم قصَّتي مع الحجاب وهي الأحب إلى قلبي.
أكثر ما أحبه فيها هو أنه كان قراري وحدي، اتخذته مع نفسي ثم قمت به، هكذا دون ضغط من أحد أو دفع أو تقليد أعمى لزيّ اجتماعي أو موضة أو عادة.
فأنا لم آتِ من بيئة الحجاب فيها أمر مفهوم ضمنياً ولا عادة مألوفة للصبايا الصغيرات بالسن، لكني كنت محظوظة جداً إذ جئت من بيت "ديمقراطي"، إن صح التعبير.. يتركني أفعل ما أؤمن به، والداي الحبيبان -أسعد الله قلبيهما- هيَّآ لنا في البيت بيئة نختار فيها ما نشاء، نعم لطالما شجَّعاني على أمور كثيرة لأجل مصلحتي، لكن لم يُكرهاني يوماً على فعل شيء قط، الأمر مع الحجاب كان مختلفاً، فهو لم يكن على الطاولة أصلاً، كانت الروح العامة حينها بأن الأخلاق والإيمان بالقلب أهم من اللباس والمظاهر الخارجية، وأنكِ تستطيعين أن تكوني مسلمة جيدة بأخلاقك وعباداتك دون الحاجة لأن تكوني محجبة، ثم جئت أنا لأقول لمَ لا أكون الاثنتين؟!
وإذا تحدثت عن الحجاب فلا يمكن لي ألا أذكر الشخص الذي يعود الفضل الكبير له -بعد الله- في حبي للحجاب وهو الداعية عمرو خالد.. كانت له لمساته المحفورة في قلبي في رسم وعيي الديني ببرنامجه "ونلقى الأحبة" مع بدء اهتمامي وتعرفي على الدين، أيام الزمن الجميل، حتى وقعت في حب هذا الدين، ولا تزال ذاكرته محفورة في قلبي ولن أنساها له ما حييت.
الحجاب جهاد كل يوم.. أن تطلب من المرأة، التي حُب التزين جزء من فطرتها، أن تخفي شعرها وجمالها.. إذا لم يكن هذا جهاداً فماذا إذن؟ لقد علمني الحجاب أن أكون أقوى وأن أتحكم بنفسي.. مثل التي ترى أنواع الحلوى الشهية أمامها وتختار بإرادتها ألا تمد يدها؛ لأنها تعلم أنه من المهم أيضاً أن تحافظ على رشاقتها.
في الحجاب شعرت بثقة لا توصف، صحيح أني كنت أصوم وأصلي وكنت مؤمنة قبله، لكني معه شعرت بأني قد أثبتّ حبي لله بالأفعال.
في الحجاب شعرت بالمسؤولية الكبرى على كتفي، فأنا شئت أم أبيت أصبحت أمثل الدين بمظهري، لكن مَن أنا لأمثله؟ مجرد إنسانة تريد أن تعيش بمعتقداتها في مجتمع متنوع دينياً وثقافياً ومركب جداً لا بد سيحكم من خلالي على الإسلام، فأصبحت أعمل حساباً أكثر لما أفعله.. فكيف لمحجبة أن تعبر الشارع بالسيارة على الإشارة الحمراء مثلاً؟ هذا لا يليق بالحجاب، وكيف لمحجبة أن تغش في امتحان مثلاً.. لا هذا لا يصح أبداً.
الحجاب جعلني إنسانة أفضل، وامرأة ذات هيبة ووقار، الحجاب لم يقربني من الله فحسب، بل قربني من نفسي، إن الذين لا يروق لهم التعامل أو رؤية امرأة محجبة ناجحة سواء في الأماكن العامة أو غيرها هؤلاء هم من يذكّرونني مراراً وتكراراً بأنني محجبة.. فأنا أنا.. نفسي مع الحجاب ودونه، هم من يذكرونني، مشكورين، بالقرار الكبير المصيري الذي اتخذته مع الله ونفسي منذ أحد عشر عاماً.. والذي أراه اليوم أفضل قرار اتخذته في حياتي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.