انبهرت بالإمكانيات الفنية والتقنية العالية لفيلم الحسناء والوحش (Beauty and the Beast)، التي جعلتني أستمتع بكل ثانية في الفيلم، رغم تصنيفه كفيلم رومانسي غنائي خيالي، وهو ما يعتبره مزاجي مزعجاً، ولكن شخصيات الفيلم التي نطقت بالكثير في البوستر الدعائي حفزني لدخول العرض، ومن ثم متابعة كواليسه مهتماً بتفاصيلها، ومما أثار إعجابي واهتمامي أكثر أن الفيلم قد أُنتج بنفس هذه التفاصيل والإتقان عام 1971.
ورغم عدم توافر الإمكانيات المادية والتقنية في ذلك الوقت لتحويل كل ما في الرواية من خيال إلى واقع، فإن صناع الأفلام قد تمكنوا من إنتاج فيلم رائع من خلال الرسوم المتحركة، فقد سمحت تلك الرسوم بإيصال كل ما حلم به كاتب الرواية إلى المشاهد، زماناً ومكاناً وأحداثاً وشخصيات.
ليست هوليوود فقط مَن أبدع في استخدام الرسوم المتحركة في صناعة الأفلام، بتطور تقنيات CGI Computer-generated imagery، بل سبقهم بذلك اليابانيون فنياً، رغم بساطة الإمكانيات، مقارنة بالتطور الكبير لشركات الإنتاج الأميركية، حتى تمكن فيلم "Spirited Away" لصانع الأفلام الياباني "Hayao Miyazaki"، من نيل جائزة الأوسكار كأفضل فيلم أنيميشن، والذي رسم بقلم الرصاص فقط، ولون بأجهزة حاسوب بسيطة، متقدماً بذلك على الفيلم الأميركي "Toy Story"، الذي قد حقق تفاعلاً جماهيرياً كبيراً حينها.
وهذا ما دفع هوليوود مؤخراً إلى إعادة إنتاج عدد من أفلام الأنيميشن اليابانية التي حققت نجاحاً وانتشاراً عالمياً مثل فيلم "Ghost in the Shell".
إذاً الموضوع لا يتعلق بالإمكانيات المالية أو التقنية التي يحب صانعو الأفلام العرب الاعتذار بها، وأخص بهم صانعي الأفلام منخفضة التكلفة.
أين الإنتاج الفني العربي من هذا؟ أين أفلام الأنيميشن العربية التي من الممكن أن تستخدم هذه التقنيات والتي أصبحت متوافرة بشكل مزعج مؤخراً، بسبب استخداماتها الساذجة، والتي ترقى إلى الغبية في الكثير من الحالات؟
لماذا لا يوجد فيلم أنيميشن عربي واحد (طويل أو قصير)، ينتج بأفكار وتمويل وأيادٍ وأصوات عربية، ويتخطى بذلك كل المعوقات التي يعاني منها صانعو الأفلام الروائية العرب؟
والتي قد تكون مقدمة لتطور صناعة الأفلام العربية كماً ونوعاً، وانفلاتها من هيمنة الفساد الذي ربط (مع سبق الإصرار والترصد) بالإنتاج السينمائي والتلفزيوني العربي بشكل عام.
أما تجارب أفلام الأنيميشن العربية، فلم تتخطَّ كونها عربية التمويل والاحتفال، أما الكتابة، والإخراج، والتصميم، والمونتاج، وغيرها من التفاصيل الفنية، فلم تكن كذلك، بل حتى الأصوات كانت باللغة الإنكليزية في بعض تلك الأفلام!
أعتقد أنه على صانعي الأفلام منخفضة التكلفة التفكير بجدية في المرحلة القادمة على وضع الكاميرا جانباً لبعض الوقت، والإمساك بالقلم والورقة، لتنفيذ أفكارهم، خصوصاً تلك التي تمنعهم الإمكانيات الإنتاجية من تحقيقها، والتي من الممكن أن تتحول إلى فيلم سينمائي مصور ضخم إنتاجياً بعد سنوات، كما حدث في فيلم الحسناء والوحش، الذي وصلت ميزانيته إلى 160 مليون دولار أميركي، فيما تخطّت أرباحه البليون دولار أميركي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.