ملحوظة: التدوينة بالعامية المصرية
"إيه ده.. انتي مش طالعة حلوة لماما ليه؟!"
طوال الـ27 سنة، وهو عُمري الحالي، وأنا بسمع الجُملة دي من أي حد يشوف ماما ويشُفني.. وكان آخرها النهارده، وأنا بعدّي على واحدة صاحبتها آخد منها حاجة، ومن أشهر الجُمل المتكررة:
"انتي مش حلوة زي ماما ليه؟".
"انتي طالعة وحشة كده لمين دي؟".
"ده ماما قمر، انتي مش شبهها ليه؟".
"فين الألوانات؟! إيه السواد ده؟".
وللي ما يعرفش مامي أو ما شفهاش، فهي blond حسناء، شعر أصفر بقى وبياض وعنين عسلي وحركات.
فكان تعجُب الناس ديماً إنه إزاي البجعة البيضاء الحلوة دي تجيب البطة السودا دي..
هتقعدوا تقولوا لا انتي مش وحشة ده انتي أمّوره والكلام ده.. هي الفكرة مش دلوقتي، الفكرة زمان وأنا طفلة، الرسالة اللي كانت وصلاني عن نفسي من كل الناس اللي بتشُفني ولو حتى صدفة في الشارع إني مش حلوة وإني وحشة، وكطفلة لسه بتبني شخصيتها وثقتها بنفسها، اتهزيت.. وبقى عندي إحساس دائم بالقُبح، وإن الجمال ليه مواصفات خاصة لا أتمتع بيها نهائياً، ولا أنتمي ليها بصلة، ببشرتي السمرا وعنيا السودا، وشعري الأسود الغجري إلى ما كانتش التّوَك ليها حكم عليه ولا سُلطة.
فقضيت طفولتي ومراهقتي كلها بجيب من ورا ماما وبحط على وشي طبقات من fair&lovely اللي من اسمه لوحده يؤكد عليكي إنك لازم تبقى fair علشان تبقي lovely غير كده لا! ومحاولات الفرد اللي مريت بيها على لفاليف شعري الغلبانة من أول اختراع الـperminant للأعشاب للبروتين للكيراتين لكل الهباب الأزرق اللي بيدمر الشعر ده.. عينيا السودا اللي بقيت بحلم إني أكبر بس علشان أقدر اخبيها ورا لينسيز ملونة فتبقى حلوة..
الناس حصرت الجمال في البشرة البيضا والشعر الأصفر الناعم اللي على خدود بيهفهف، والعينين الملونة، وما عادى ذلك فهو مش حلو، ونقلب وشنا عليه.
كل المؤثرات الخارجية زي التلفزيون والأفلام وحتى الإعلانات بنلاقي فيها البنت الطيبة لازم تبقى بالمواصفات دي، والشريرة تبقى السمرا أُم شعر كيرلي، العرايس الباربي اللي كنا بنشتريها زمان كانت بعنيها الزرقا والشعر الأصفر الناعم هي مثال الجمال.. كل الرسايل اللي بتوصل للناس والأطفال إن السمار قُبح، والبياض هو جمال.
عندي بنت زي القمر في الفصل وشعرها طويل وكيرلي
ورائع الله أكبر عليها، جيت الترم ده لقيتها قصته بناء على طلبها، ولما سألتها ليه عملتي كده؟ قالت لي علشان كيرلي يا ميس ووحش، ولما بسيبه زي فلانة وفلانة همّا بيبقى شعرهم ناعم وحلو وأنا شعري بيهيش.
نسينا ندعم أطفالنا، نسينا نحسسهم إنهم أحلى ما على الأرض، نسينا نعلمهم تقبلهم لشكلهم اللي ربنا خلقهم عليه، وإنه أحلى حاجة.. يعني تبقى الأم بتقول لبنتها: لا ده انتي حلوة وشعرك جميل، وتلاقي فيه فرح أو عيد ميلاد، تقوم تاخد بنتها اللي عندها 5 ولّا 7 سنين تفرد شعرها عند الكوافير، علشان تبقى أحلى! وكل اللي يشوف شعرها مفرود يقول لها إيه القمر ده إيه الحلاوه دي.. طب بالله عليكو إحنا كده وصلنا لها إيه؟؟ غير إن شعرها قبل كده وهو على طبيعته وكيرلي كان وحش، وأنا بقول لك أي كلام أنا مش مقتنعة بيه، ولما اتفرد بس بقيتي حلوة وقمر!
إحنا ليه مجتمع مكعبل كده، وما عندوش تقبّل لشكله، ولا لشكل الناس اللي حواليه بفطرتهم اللي مخلوقين عليها؟! "اللي بتبقى أحلى أصلاً".
أنا بعتز بجمال مامي جداً، وبشوفها قمر فعلاً، بس اتعلمت أعتز بجمالي برضه جداً.. بقيت بحب شعرى الكيرلي، وبطلت حتى لما يبقى فيه حنة ولا حفلة أروح أفرده، بقيت بروح بيه زي ما هو كده علشان حَبّه شكلي بيه أكتر مما لما بعمله وينزل مسهوك على وشي، بقيت بحب أقعد في الشمس وآخد لون وأسمّر أكتر منا سمرة!! بقيت أشوف طبيعتي اللي ربنا خلقني بيها وأتقبلها من غير ما أحس إني عايزه أغير فيها حاجة.
I learned to accept and love my self just the way i am
stop stereotyping beauty
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
