معظمنا ترعرع داخل أسرة مغربية، حيث التعبير عن الحب بيننا أمر نادر أو شبه منعدم، يرون في ذلك ربما انتقاصاً لهم أمام الآخرين، يحبون لكنهم يحبون في صمت، قد تجد العلاقة بين والديك قد تعدت الثلاثين سنة، لكنك ولو لمرة واحدة رأيتهما يتبادلان كلمات تعبر عن حب بعضهما لبعض أمامك، فهم -كما يقولون- يعبرون عن ذلك بوسائل أخرى، كأن تجعل أمك النصيب الأكبر من اللحم في أثناء وجبة الغداء للوالد، أو كأن يجعل ذراعه متكأً لها بعد الصلاة حتى يساعدها على النهوض.. أشياء كثيرة قد نراها -نحن جيل الفيسبوك ونزار قباني- بسيطة، لكنهم يرونها عظيمة.
فعندنا فعلاً، الحب لا يقال ولا يكتب، وإنما يعاش، من منا ينكر أنه يحب الأشخاص المقربين إليه من أصدقاء وإخوة؟ لكنه لم يتجرأ يوماً ليعبر عن ذلك الحب الذي ظل سجيناً طيلة تلك السنين.
ما العيب في أن تخرج تلك المشاعر وتَنسج منها كلمات قد تكون كبلسم على روح أقرب الناس إليك، فنحن فعلاً شعب ربما يستحيي من إظهار مشاعره ويكتفي فقط بأن يعيش على النمط الذي وجد السابقين عليه.. قد يقول البعض بأن الحب الحقيقي هو ذلك الذي يترجم أفعالاً لا أقوالاً.
فعلاً، الحب هو ما نراه في أفعال الناس تجاهنا، لكن هذا الشجن الذي نراه يومياً على وجوه الناس العابسة يلزمه من الكلمات الجميلة والمشحونة بالحب الكثير حتى تعود لهم الابتسامة.
جرِّب فقط بعد يوم شاق أن تحضن والدتك وتعبر لها عن حبك بجملة بسيطة كـ"نبغيك الوالدة" وسترى رد الفعل الذي سيترجم على وجهها بإشراقه تجعلها تبدو الأسعد على الأرض، جرِّب مثلاً، أن ترسل لصديقك المقرب الذي تتقاسم معه تفاصيل الحياة بحلوها ومرها، رسالة مضمونها أنك تحبه وانتظر آنذاك رد فعله، قد يظنك جننت حتى! لا يهم، الأهم أنك لن تجعل تلك المشاعر النبيلة سجينة عقلك وأفكارك فقط، وتكتسب ثقافة البوح، عكس ما اعتدناه داخل محيطنا.
فأفشوا الحب بينكم رجاءً، العالم به من الكآبة والحزن ما يكفي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.