التطرف والإرهاب المعاصر في العالم العربي – الإسلامي ظاهرة عمرها حوالي أربعة عقود.
أعرج هنا على الخلفيات وبعض الأسباب التي ساهمت في تشكلها وتطورها:
1- فشل المشروع السياسي العربي:
تعثر سياسي، اقتصادي، اجتماعي وثقافي – فكري، وتحديداً خلال العقود الـ4 الأخيرة، مما أوجد شرائح اجتماعية وشبابية مهمَّشة، ساخطة (أي بيئة خصبة للاستقطاب – الحاضنة الاجتماعية المفترضة).
ومع الفشل الذريع للأنظمة والتيارات القومية، الناصرية، والبعثية واليسار في تحقيق العدالة السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، بدا جلياً أن الاستقطاب نحو الأيديولوجية الدينية خيارٌ جذاب وبديل لتحقيق العدالة المأمولة (ومتفق ظاهرياً على الأقل مع الإرث الحضاري الديني العميق).
2- فشل النظام الرسمي العربي ومن خلفه النظام الغربي – الأميركي (المتحيز لإسرائيل) بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية (القدس)، مما زاد من الاستقطاب السياسي والأيديولوجي الديني ليصب في تأزيم العلاقة بين المجموعات المتمردة وأنظمة الحكم.
3- فشل اندماج شرائح واسعة من المهاجرين المسلمين في المجتمع الغربي لأسباب كثيرة، واكبه الظلم الواقع من الغرب تجاه القضايا العربية والإسلامية، مما عمق أزمة الهوية والانتماء وسهل الانجذاب نحو تيارات الجهادية السلفية (القاعدة، داعش وأخواتها)، وقد سهلت ثورة الاتصالات وقنوات التواصل الاجتماعي عملية الجذب والحشد.
لاحظ أن الشريحة العظمى من الإرهابيين الأوروبيين المسلمين لم يكونوا من رواد المساجد! (تفجيرات فرنسا وبلجيكا خير دليل).
4- ظهور المشروع السياسي الإيراني المؤدلج دينياً (طائفياً) عام 1978م:
مشروع سياسي ذو أهداف طائفية، وتارة مشروع طائفي ذو أهداف سياسية، هذا قابله مشروعات إيجابية ومتطرفة من التيارات السنية (التصدي للمشروع الإيراني بات حتمياً مع تراجع المشروع الرسمي العربي! ولكن مَن الذي صدع لذلك التحدي؟).
5- إرث ومآلات الحقبة الجهادية في أفغانستان وقبلها وبعدها: تطور فكر وحركة الجماعة الإسلامية وحركة الجهاد في مصر وهي نتاج كل التداعيات السابقة.. وعلى وقع حقبة السادات ومبارك في ظل اتفاقية كامب ديفيد وإرهاصاتها.
6- عامل التدخل الغربي في استثمار كل ما ورد ذكره أعلاه لتحقيق مصالحه المتعددة، سواءً كانت سياسية، أو اقتصادية، أو تقسيمية.
7- حقبة احتلال الأميركان للعراق (2003م)، وما أعقب ذلك من اختراق إيران للكيان العراقي واستفحال الظلم ضد أهل السنة من قِبل حكام العراق الجدد المتحالفين مع ملالي إيران.
(لم تكن القاعدة ولا وريثتها داعش متواجدة في العراق قبل احتلاله من قِبل الأميركان!).
8- تراجع "دور وجاذبية" المؤسسات الدينية الرسمية المترهلة لصالح التيارات المتطرفة والإرهابية، مما أدى إلى انكفاء شرائح شبابية (في الشرق والغرب) صوب أنصاف العلماء والمجموعات المتطرفة في العالم الحقيقي والافتراضي (هلا راجعت المؤسسات الدينية رسالتها، دورها وأداءها على ضوء الأحداث والتحديات الجسام؟).
9- الحالة السورية:
"لا المنطقة الآمنة تحمي الشعب السوري.. ولا منطقة الحظر الجوي تحمي الناس من عشرات آلاف البراميل المتفجرة فوق رؤوس العباد.. لا لصواريخ أرض جو تحمي الناس من طيران النظام وحلفائه الروس".
(بل تساهل وتجاهل أميركي – غربي لإرسال إيران قواتها من الحرس الثوري وعشرات الآلاف من عناصر الميليشيات الشيعية من لبنان، والعراق، وباكستان وأفغانستان). ألا يتعارض ذلك مع القانون الدولي (وقرار مجلس الأمن) الذي يحظر على إيران تصدير أسلحة، ناهيك عن إرسال قواتها وميليشيات طائفية من كل حدبٍ وصوب؟ ألا يتعارض وجود تلك الميليشيات الشيعية المدارة من قِبل إيران في سوريا (مثل حزب الله اللبناني، حزب الله العراقي، أبو الفضل العباس، عصائب أهل الحق، الفاطميون والزينبيون..) مع القانون الدولي وقوانين ودساتير لبنان، والعراق، وباكستان وأفغانستان؟
فلمَ ركزت المفاوضات الأميركية – الروسية فقط على التصدي للمجموعات السنية المتطرفة (داعش وجبهة النصرة – فتح الشام لاحقاً)، وتغاضت عن عشرات الآلاف من العناصر الإرهابية الشيعية (اللاشرعية الوجود على التراب السوري)؟
"لو كنت أنت مواطناً عادياً في حلب، دوما، داريا، معضمية الشام.. ورأيت البراميل المتفجرة تنهال عليك وأهلك كل يوم من كل حدب وصوب.. هذا غير القنابل العنقودية والفراغية والحصار والتجويع! ألن تصبح مشروعاً محتملاً للتطرف؟ ورأيت العالم قد تخلى عنك وتركك وحدك لتواجه مصيرك؟
بل تآمر عليك الأميركان والروس وتخلى عنك العرب والمسلمون.. كما تواطأ عليك محور الممانعة وميليشياته الشيعية!
ألن تكون مشروعاً محتملاً للتطرف؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.