فلسفة الأمور أو شخصنتها، تحويرها أم تطويعها، كلها مصطلحات تدور في دائرة مغلقة كالأفلاك والأجرام السماوية في دورانها، وبالطبع الهدف الأساسي من استعمال هذه المصطلحات والتلاعب بها هو لخدمة أهداف خاصة ولتحقيق مآرب شخصية، الأمر الذي أدى لتكريس هذه الأساليب والطرق حتى أصبحت نهج حياة في كثير من الأماكن والمواقع، وغدت بمثابة معضلة حقيقية تواجه الناس في تعاملاتهم وتصريف أمورهم، لا بل وعمدت إلى خلخلة التركيبة الاجتماعية والخلقية لدى البعض، مما أثر وبشكل مباشر في سلوكهم، ونتج عن هذا كله في نهاية المطاف تقنين للأساليب المستخدمة بما يتناسب وهذه المصطلحات، أي بدت وكأنها تسعى لتثبيت نفسها كبديل عن الأساليب الرئيسية والمتاحة.
بشكل عام، أحياناً يكون البحث عن بدائل أفضل بكثير من بعض الأمور التي تكون متربعة على عرش الأولويات، فالتغيير والتبديل أسلوب ناجح لإدخال التحسينات وعمل مراجعة شاملة يتم من خلالها تطوير لبعض القضايا الموجودة والآليات التي يتم التعامل بها، لكن مسألة البحث عن بدائل أيضاً يجب أن تكون ضمن نطاق خلقي يتوافق وكثير من المسائل التي تحدد قيم ومبادئ الناس، والتي منها الدين والأعراف والقوانين، وحتى في أحيان كثيرة العادات والتقاليد، والتي بمجملها تشكل الأسس والقواعد الرئيسية في بناء المجتمع وفق منهج الحق والعدل.
إلا أن ما يحدث في نطاق حياتنا هو العكس تماماً مما يجب أن يكون، أي أن البعض يعمد وبكل الوسائل المتاحة له، سواء المشروعة وغير المشروعة، إلى شخصنة القضايا أو تحويرها وتطويعها بما يتوافق مع أهدافه الشخصية التي تتعارض بنفس الوقت مع مصالح وأهداف العامة، وللأسف مَن يقوم بمثل هذه الأمور يعتبرون بأنهم حققوا انتصاراً ساحقاً، ولكنهم وفي قرارة أنفسهم مدركون لخطر ما اقترفوه، ومدركون لتلك النتائج الصادرة عن أفعالهم، والتي قد تسبب ظلماً للآخرين.
وفي هذه النقطة بالذات يكمن الجرم الناتج عن سوء التصرف رغم معرفتهم بحقيقة الأمر وتجاهله، ومع هذا فلربما تكون هي لحظات يغيب بها الشيطان العقول ثم تعود إلى صوابها، أو تستمر على ما هي عليها.
وينطبق هذا الأمر على التعاملات الفردية والجماعية، أي لا تنحصر ضمن حدود معينة، وإنما تتشكل مع كل العلاقات التي تحدث داخل المجتمع.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.