ظهور لافت للوشاح العربي الهولندي في أدب الرواية

المتنقل بين تناغيم الأدب الهولندي يعرف جيداً أن للرواية الأدبية وافر الحظ والنصيب وحصة الأسد من هذا الأدب؛ إذ يستولي الروائي الهولندي وإلى حد بعيد على أهواء الوسط الثقافي الهولندي.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/17 الساعة 03:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/17 الساعة 03:18 بتوقيت غرينتش

المتنقل بين تناغيم الأدب الهولندي يعرف جيداً أن للرواية الأدبية وافر الحظ والنصيب وحصة الأسد من هذا الأدب؛ إذ يستولي الروائي الهولندي وإلى حد بعيد على أهواء الوسط الثقافي الهولندي.

لكن الصراع البديهي بين القديم والجديد، أو كما سماه البعض الصراع بين التليد المتجذر المتأصل والحديث المتطور هو أمر متوقع.

ولهذا لا شيء يثير الدهشة إذا ما صادفتك أعيرة ثقافية قادمة من ميدان الورق الهولندي، فهذا ليس بجديد.

ومن الطبيعي أن نسمع قولاً من الناقد الهولندي الأبرز بيتر دريهمانس، الذي وصف الكتاب الجدد بأنهم "كتاب صغار غير خطرين وقد حولوا الأدب من عمل تعبوي إلى عمل نجومي شعبوي، ويظهرون على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر مما يكتبون"، بعد أن أعاد بوصلة الرواية إلى عهد الروائي الهولندي الشهير هاري مولش، صاحب رواية اكتشاف السماء، التي تعتبر أفضل عمل أدبي.

تساؤلات عدة طرحت حول هذا التصريح الناقد، وما الذي قصده بيتر من مصطلح (خطرين)؟

واللافت للانتباه أن هناك وفي السنوات السابقة حضوراً عربياً لا بأس به في الرواية الهولندية سواء كان ذلك في باب التزكية والإطراء أو التأثر سلباً وإيجاباً.

فالروائية الهولندية كوني بالمان، صاحبة الرواية الرائدة "أنت قلت"، قامت بترجمتها إلى اللغة العربية في خطوة ثمّنها المثقفون العرب، وقد زارت القاهرة والأماكن التي كان يرتادها نجيب محفوظ، ثم توجهت إلى مقهى القاهرة الثقافي الذي احتفى بها كثيراً لتطلعهم على روايتها التي أهدتها للشاعر البريطاني الشهير هيوز، والمتزوج من الشاعرة الأميركية سليفيا بلاث، التي انتحرت بعد أن وضعت رأسها في الفرن حتى ماتت خنقاً بالغاز، ثم التزم هيوز الصمت بعدها؛ لأنه اعتبر نفسه هو مصدر الاكتئاب الذي دفع زوجته إلى الانتحار.

وفي الثامن والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، صدرت عن دار النشر الهولندية أربيدسبريس في 353 صفحة، رواية الفتى الشقي للكاتب الهولندي من أصل مغربي عبد القادر بنعلي، والتي استهلها بعبارة دافعة إلى الفضول والتساؤل: ولد أمير ثلاث مرات.

فالولادة الأولى هي ولادته من أبويه فاطمة ومحمد سليم، والثانية ولادته على حلبة الملاكمة، والثالثة ولادته عام 2012 كمرشد سياحي في المغرب.

وفي الرواية يطلب المدير من أمير مغادرة أمستردام والتوجه إلى المغرب للبحث عن ابنته جينا المفقودة مع مجموعة سياح هولنديين في المغرب، ويكون الزمن السردي أسبوعاً بدءاً من مغادرة أمستردام إلى عودة السياح إلى هولندا، وذلك في 36 فصلاً.

وقد ترجمت الرواية إلى اللغة الهولندية وتم تقديمها إلى الجمهور الثقافي.

وفي السادس عشر من شهر يناير/كانون الثاني عام 2014 نشرت إحدى الصحف حواراً مع الكاتب السوداني محمد جمال الدين، حول روايته حرب الأنهار، التي صهرت أحداثها بين سيليفيا الهولندية وأحمد سند السوداني، والتي تحولت فيها الحرب إلى سلام حذر.

وقد دافع محمد جمال في المقابلة عن روايته رافضاً المزاعم التي تقول بأن روايته ماهي إلا سيرة ذاتية خالية من عناصر الرواية.

وفي تحول مثير للاستغراب ركزت رواية بلا رحمة للروائية الهولندية ناتاسزا تارديو على قضايا سياسية تتعلق بالشرق الأوسط؛ حيث حملت ناتاسزا الشرق الأوسط وأنماطه المعقدة مسؤولية تطرف الشباب الأوروبي المسلم، مما دفعه للتوجه نحو الشرق الأوسط من أجل القتال.

ربما يكون هذا هو الظهور الأول للكنة السياسية في الرواية الهولندية في العصر الحديث.

وفي آخر أشكال المزاوجة في الرواية بين العربية والهولندية وفي عام 2016 ترجمت رواية مياه متصحرة للروائي والمسرحي العراقي حازم كمال الدين إلى اللغة الهولندية، وهو علماني يساري يحمل العلمانية مسؤولية نكوص الشعوب وانتشار سرطان الطائفية، موجهاً نقداً ساخراً لضمور القوى العلمانية.

وقد لقي حازم كمال الدين حتفه في ظروف غامضة لم تعرف تفاصيلها.

إذاً لا بد من الاعتراف بأن هناك نوعاً من التقارب إلى حد ما بين الروائيين العرب والهولنديين في العصر الحديث، ولكن السؤال المطروح: هل سيستمر هذا التقارب؟ وإلى أي حد؟ وهل سيدع جانباً كل التطورات الجارية في الشرق الأوسط أم أن سيناريو ناتاسزا سيتكرر؟

وهذه قصيدة كتبتها في التغني بحروف وطني فلسطين، فلكل حرف منها حكاية، وإليكم هذه الحكاية.. حروف فلسطين، كلمات عبد السلام فايز.

تظل حروفها ذهبا
ونور الشمس والشهبا
فلسطين التي أهوى
يفوق سموها السحبا
لـ(فاء) بلادنا فجر
أراه اليوم مرتقبا
ويحمل في محياه
وشاح النصر والقصبا
وحرف اللام ليمون
يعطر غصنه التربا
ويحلو رغم حمضته
فيمسي التمر والرطبا
وأما السين من سيف
يحز الهام لو طلبا
ومن يحمله في غزو
مع الأعداء ما غلبا
وحرف الطاء طابور
من الفتيان يا عربا
وكل فتى سيصدح: لن
يظل العرض مغتصبا
ويشحذ مديةً صغرى
يقطع خصمه إربا
وأما الياء ينبوع
وفيه الماء قد عذبا
إذا يأتيه مكلوم
لعمرك طاب لو شربا
ونون بلادنا نور
من المشكاة قد جلبا
يشع فتصبح الدنيا
ربيعاً يافعاً عجبا
تحول النون أحياناً
إلى نار لتلتهبا
فتحرق كل مغتصب
من الأقصى قد اقتربا
سلام الله أرسله
إلى وطني الذي سلبا
ويوماً سوف نأتيه
نقيم الحفل والطربا
ونسمع كل محتل
بأن النصر ما كذبا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد