كلنا شاهد مسرحية مدرسة المشاغبين للعديد من المرات، والكثير منا يحفظ العديد من مقاطعها بتفاصيلها عن ظهر قلب، وهذا ليس مستغرباً، فالمسرحية تمثل واحداً من أهم الأعمال المسرحية في الوطن العربي؛ إذ استطاعت رد الاعتبار لأبي الفنون الفن الرابع، فمن لحظة دخول المعلمة "عرفت" المسرح في بداية المدرسة إلى لحظة تكريمها في نهايتها ستجد نفسك منغمساً في صور لا مثيل لها، تأخذك إلى عالم آخر من الضحك حتى الهستيريا، فعلاً كان عملاً فريداً من نوعه، غير أن الذي شدني هو ذلك المقطع الذي يتكلم فيه الممثل الكبير سعيد صالح (مرسي) مع عادل الإمام (بهجت) عن رحلته إلى لبنان،
رحلة لخصها مرسي في مقرر يمشي الطرقات، لا يحتاج منك سوى رفع يدك لتجده ملتصقاً بك، اللافت في القصة التي كانت سنة 1973 م أن حادثة المقررات (علاقات العشق والغرام) لم تكن ظاهرة سائدة في البلاد العربية بل كانت حالات شاذة هنا وهناك لا يقاس عليها، غير أن الواقع اليوم عكس ذلك، فالحالة الشاذة أضحت ظاهرة منتشرة بشكل لافت يستدعي الوقوف عندها وتحليلها وهذا لما لها من انعكاسات فاقمت من أزمات منطقتنا الاجتماعية.
مقرر في كل مكان
إن المتابع للساحة العربية يلاحظ أن ما تكلم عنه سعيد صالح في مدرسة المشاغبين أصبح ظاهرة ترى في كل مكان، وبشكل خاص في مدارسنا ومؤسساتنا وثانوياتنا، وصولاً إلى جامعاتنا وعلى جميع المستويات وحتى في مختلف أماكن العمل، بغض النظر عن نظرة الدين لهذه الظاهرة، إلا أن انتشارها كان يمكن أن تكون له نهايته السعيدة بتطوره من حالته الشعورية بين شابين في مقتبل العمر إلى أسرة سعيدة تنقلهما من العالم المجرد إلى عالم محسوس مملوء بأشياء جميلة، بدءاً من الأولاد وانتهاءً بالحياة نفسها، فكم هو رائع أن تكمل حياتك مع مَن تحب!
واقع يعكس فشل المقرر
بقراءة بسيطة لمختلف الأرقام التي تتكلم على مشكلة العنوسة سنجد أن المرأة العربية أكثر النساء عرضة للعنوسة بنسبة 51% لعشر دول عربية يعد لبنان (بالمناسبة لم تكن صدفة أن يتم ذكرها في المسرحية) أعلاها بنسبة 85% والبحرين أدناها بنسبة 25%، هذه الأرقام تجعلنا نقف أمام قناعة راسخة مفاده أن انتشار الظاهرة جعل الشباب بجنسيهم ذكوراً وإناثاً في حالة تشبع عاطفي، بالإضافة عامل الزمن الذي تنساه بشكل خاص الفتاة لتجد نفسها في العنوسة محطمة الفؤاد.
إن المحب لمن يحب مطيع
يقال إن المحب لمن يحب مطيع فما بالك بالفراق! فمن غير المعقول أن يكون الزواج الناتج عن حب بين طرفين مصيره الطلاق غير أن الأرقام في هذا الصدد مرعبة، فأغلب الدول العربية تتجاوز فيها نسبة الطلاق 20%، وحتى وإن كانت أغلب الأرقام لا تعزو ارتفاعها إلى فشل الزيجات الناتجة عن علاقة قبلية، إلا أن انتشار ظاهرة الطلاق بهذا الشكل يجعلنا نفتح نقاشاً حول فشل زيجات كهذه.
لا يختلف اثنان في أن انتشار ظاهرة العلاقات خارج الزواج يعد من أكبر العوامل التي تسبب الكثير من المشاكل للمجتمع، خاصة مع تعميمها بهذا الشكل الذي نراه في مجتمعاتنا، فمشكلة العنوسة في ارتفاع، ونِسَب الطلاق في تزايد فظيع، بالإضافة إلى ظاهرة التسرب المدرسي، فقد أصبح الكثير من تلاميذ المدارس لا يكملون دراستهم بسبب انشغالهم عن الدراسة بالعلاقات الغرامية، الأمر الذي يفرض علينا الوقوف عندها؛ لكي نوجهها التوجيه الصحيح.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.