الشلل الرعاش أو باركنسون (Parkinson's Disease)، هو مرض مزمن، ما يعني أنّه يستمر فترة زمنية طويلة، كما أن أعراضه تتفاقم بشكل أسوأ بمضي الوقت. تم وصف هذا المرض لأول مرة من قِبل الطبيب البريطاني جيمس باركنسون في عام 1817.
إذ اعتبر هذا المرض مرضاً خطيراً مصحوباً بالرعاش، وتصلُّب العضلات، وصعوبة في المشي. ويأتي هذا المرض في المرتبة الثانية للأمراض الأكثر شيوعاً بعد مرض ألزهايمر، ما دعا إلى تخصيص يوم الحادي عشر من أبريل/نيسان ليكون يوماً عالمياً للتوعية بالشلل الرعاش.
وبحسب الدراسات، فإن خطر الإصابة بالمرض يزداد بمضي العمر، حيث إن أعراضه تبدأ بالظهور بعد سن الـ50 في غالبية الحالات. ولكن الأخصائيين يؤكدون أن هذا الأمر لا يعني عدم احتمال الإصابة في سن مبكرة؛ إذ بيّنت الدراسات أن نسبة 10 في المائة من مرضى الباركنسون أُصيبوا بالمرض قبل سن الـ40، ويصيب المرض الرجال والنساء على السواء إلا أن الرجال أكثر عرضة له من النساء.
ومن أشهرِ من أصيب بهذا المرض، الملاكم المشهور محمد علي الذي أدى دوراً فعالاً في نشر الوعي حول مرض باركنسون؛ إذ قام وزوجته في عام 1997 بتأسيس مركز محمد علي لمرض باركنسون في فينيكس، بأريزونا؛ لتوفير الرعاية للمصابين بهذا المرض.
وترجح الفرضيات العلمية أن للباركنسون علاقة بالوراثة، حيث تمكن العلماء من عزل جينات مثل جين (باركين) الذي يلعب دوراً في الإصابة بالمرض. ويذكر أن مرض باركنسون يسبب ضمور خلايا المخ في المنطقة التي تسمى "المادة السوداء Substantia nigra" والتي يفرز منها الدوبامين (Dopamine) وهي مادة كيميائية سائلة تستخدمها الخلايا العصبية للاتصال ببقية خلايا الدماغ الأخرى، ما يترجم عنه في النهاية الحركة السلسة الطبيعية.
لذلك، فإن مرض باركنسون قد يحدث بسبب انخفاض في إفراز الدوبامين في الدماغ، وهذا يؤدي إلى حدوث مشاكل حركية. وتأخذ أعراض مرض باركنسون في الظهور تدريجياً، حيث تبدأ بارتعاش إحدى اليدين، ولهذا يطلق عليه اسم (الشلل الرعاش). وتبدأ عادةً الأعراضُ في جانب من الجسم، ثم لا تلبث أن تنتشر إلى الجانب الآخر من الجسم، ويجد المصاب عادةً صعوبة في المشي وقد يصبح مقعَداً، ما يضطره إلى استخدام الكرسي المتحرك، كما يجد صعوبة كبيرة في مسك القلم والكتابة بوضوح، وكذلك يفقد القدرة حتى على زر أزرار ثيابه، بالإضافة إلى بعض التغيرات الإدراكية التي قد تحدث؛ مثل: ضعف الذاكرة أو ضعف في التركيز، والتغيرات النفسية المرتبطة بتقلب المزاج، والشعور بالاكتئاب. وقد تظهر لدى بعض المرضى أيضاً اضطرابات بولية، واضطرابات النوم، ويتغير وجه المريض حيث تبدو الأعصاب في الوجه متصلبة.
وعلاج مرض باركنسون يعتمد على إيجاد بديل للمادة الكيميائية (DOPAMINE) السابق ذكرها آنفاً. وقد بدأت تجربة العلاج لهذا المرض مع مشاهد قاسية ومشاعر يكتنفها الحزن لـ"أوليفر ساكس"، طبيب الأمراض العصبية الشهير، في كتابه "الصحوات" (Awakenings) الصادر عام 1973، والذي تم تحويله إلى فيلم يحمل الاسم ذاته في عام 1990 والذي رصد فيه التجارب الإنسانية لمرضى الشلل الرعاش خلال عمله ومعاناتهم عقوداً طويلة فيصبح المريض حبيس جسده ولا يستطيع أن يتحرّك أو أن يتكلّم كما لو كان سجيناً بتابوت.
غير أن هذا المصير المؤلم قد غربت شمسه صيف 1969، حينما قام أوليفر ساكس بتجربة دوائه L-DOPA على المرضى، وفيما يشبه المعجزة عادت الحياة مرة أخرى للخفقان لدى هؤلاء المرضى، إلا أنه من المؤسف أن حالة الصحوات الجسدية كانت قصيرة الأجل.
يمكن للعلاج الدوائي أن يسهم في التغلب على أعراض المرض، وذلك برفع مستوى الدوبامين في الدماغ. يشار، هنا، إلى أن لا فائدة من تناول الدوبامين نفسه، حيث لا يستطيع الدوبامين الموجود في الدم عبور الحاجز الدماغي.
والدواء الأكثر شيوعاً لمعالجة الباركنسون، هو ليفودوبا وهو دواء يتحول إلى دوبامين في الجسم، وعادةً ما يعطَى ليفودوبا مقترناً مع كاربيدوبا، حيث يؤَخِّر الكاربيدوبا تحويل الليفودوبا إلى الدوبامين حتى يصل إلى الدماغ.
مضادات الكولين قد تساعد على السيطرة على الهزّة والصلابة. عقاقير أخرى، مثل البروموكربتين وبيرجوليد، تؤدي دور الدوبامين في الدماغ، ما يجعل الخلايا العصبية تستجيب كأن الدوبامين موجود. كما أن مضاد الفيروسات (الأمانتادين) يسهم أيضاً في تقليل الأعراض.
هناك أدوية عشبية لعلاج هذا المرض؛ ومن أهم هذه الأعشاب المستخدمة والتي ثبتت فاعليتها:
• الفول Fava bean: وهو من المصادر الطبيعية لـL-DOPA وهي المادة التي يتكون منها الدوبامين، وفي مرض باركنسون يحدث خلل في التوازن بالدماغ بين مادتين كيميائيتين وهما: الدوبامين والأسيتايل كولين؛ نتيجة تلف الخلايا التي تنتج مركب الدوبامين، فإذا كان الدماغ لا ينتج دوبامين فإن تناول الفول الذي يحتوي على (L-DOPA) يعوض هذا النقص.
وللحصول على الجرعة الكافية من (L-DOPA)، يجب تناول ما لا يقل عن رطل من بذور الفول يومياً أو ربع هذه الكمية من الفول المنبّت مع تناول دواء لعلاج الغازات التي قد تصاحب تناول هذه الكمية من الفول.
• زيت زهرة الربيع المسائية: حيث إن تناول ملعقتين صغيرتين من الزيت لمدة شهرين يؤدي إلى نتائج مشجعة مع المرض، حيث يحتوي الزيت على كمية قليلة من الحمض الأميني (تربتوفان) والذي يزيد من فاعلية مركب (L-DOPA)، إلا أن البذور المطحونة تحتوي على كمية أكبر.
• الجنكة GINKGO: والذي يحسّن الدورة الدموية في الدماغ ناقلاً كمية أكبر من مركب (L-DOPA) إلى المناطق المحتاجة له. ويمكن استخدام 3 كبسولات يومياً من الجنكة، كل واحدة تحتوي على ما بين 300 و500 ملغم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.