ألا ليت الطفولة تعود يوماً

من أجمل ما عشته في تلك الأيّام، ولا زالت، حين كان لا يأخذني التفكير ولا التخطيط للغد، فأعيش ليومي ولسعادتي فقط، وإذا أساء إليَّ اليوم أكون في الغد قد نسيت، وإذا أسأتُ إلى صديق أو قريبٍ، فوحدها الكلمات من تتكفل بمحو تلك الإساءة ذلك بسبب قلوبنا الصافية النقية الطاهرة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/25 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/25 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش

أيام كانت ولا زالت من أجمل أيام مررت بها في هذه الحياة رغم عشرينية عمري، أيام حيث كنت لا أقلق لوهلة على شيء وأفعل بإرادتي أي شيء، لم يكن عليّ عتب ولا لوم بما أننّي كنت صغير ذاك البيت، الابتسامة كانت لا تفارق وجهي البريء في زمن كانت القلوب فيه صافية بيضاء كثوب عريس ينتظر زِفاف عروسه لا تحمل حقداً على أحد ولا أحد.

كنت أعيش اليوم بيومه، الساعة بساعتها، بل حتى اللحظة بلحظتها، وضعت كلّ ذلك في جزء من ذاكرتي، أفتحها أحياناً، وأحياناً أخرى أحاول غلقها دون سبب.
من أجمل ما عشته في تلك الأيّام، ولا زالت، حين كان لا يأخذني التفكير ولا التخطيط للغد، فأعيش ليومي ولسعادتي فقط، وإذا أساء إليَّ اليوم أكون في الغد قد نسيت، وإذا أسأتُ إلى صديق أو قريبٍ، فوحدها الكلمات من تتكفل بمحو تلك الإساءة ذلك بسبب قلوبنا الصافية النقية الطاهرة.

كم يشدني رباط الشوق إلى زمن البراءة والأحلام الجميلة! اشتقت إلى ذلك الزمن، زمن كانت فيه مشاكلنا لا تنتهي، لكنّ حلولها كانت بسيطة لا تحتاج إلى تعقيد في الغالب، مشاكل كانت من روعتها وبساطتها يأخذنا الحنين إلى إعادتها مرّات ومرّات، لا لشيء سوى للتمتع بحلولها، حلول في غالبها، اعتذار، حبّة حلوى، وعلى أكثر وأقصى عقابٍ، منع من الخروج من المنزل أو منع من الهدايا واللعب.

كنّا أطفالاً نبكي إذا كسرت ألعابنا أو إذا امتلكت أخي أو أختي شيئاً لا أملِكه، أو أخذ صديق الدراسة علامة أحسن.

عندما أمرّ إلى أماكن تذكرني بطفولتي أتوقف طويلاً ويأخذني الزمن والشوق لتلك الأوقات، بل أشتاق إلى صغري، إلى صورتي وأنا طفل كيف كنت، حين ذاك أشتاق لأعود إلى تلك التصرفات من جديد، وأعيشها ولو لحظة عابرة من هذا الزمن الذي يأبى التريّث في مسيره نحو النهاية، أعلم حينها أن هناك أياماً لن تأتي وسنين قد مضت، في ذلك الوقت ستشعرني رغبة قوية للعودة للطفولة عودة بلا قيود ولا هموم؛ لكي أعيش على براءة وطهارة القلوب.

في كلماتي هذه أحببت أن أضعكم على جزءٍ من طفولتي، في الماضي كانت هناك لعبة مميزة عندنا اسمها "المارّة" كنا نشتري أكياس الحليب، ونعبئها بالتراب وقليل من الأكياس المستعملة لنصنع بها كرة صغيرة، ثم نضع مجموعة من العلب، ويقوم اللاعبون كل ودوره باصطياد العلبِ بالكرة في ثلاث محاولات، وحين يصيبها يقوم بالجري والاختباء، أذكر حينها أني كنت سريع الاصطياد، لكني كنت دائماً ما يلقى عليّ القبض بعدها مباشرة؛ لهذا أطلقنا على هذه اللعبة "حرب الكرة البلاستيكية"؛ نظراً لاحتواء اللعبة على ما تحتاجه الحروب من صبر واختفاء وركض ورميّ، وكنّا نتسلق جدران البيت لا أعتقد أن هناك جداراً لم نتسلقه بعد.

لطالما رددت في نفسي ليت تلك الأيام تعود حاملة معها الكثير من الذكريات، زمن الطفولة ولّى ولن يعود، ولكن لن ننسى تلك الذكريات الرائعة المليئة بالتشويق، فشكراً لكل من غمرني بلحظة سعادة في صغري.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد