خلال 22 عاماً من السفر، كانت المرة الوحيدة التي لم أتعرض فيها للاستجواب أو التفتيش من قِبل أمن المطار أو الجمارك في بلد أجنبي هي أثناء سفري مع زوجة مسؤول حكومي أسترالي بارز. عندما هبطنا في مطار لوس أنجلوس انتظرنا شخصاً تبدو عليه الأهمية، وساعدنا على تخطي الجمارك، بعد الرحلة الماراثونية، كان الاستقبال مُرحباً، ولمرة وحيدة لم تتكرر أبداً.
لا يهم إلى أين أذهب حول العالم، في أي قارة، سواء في المدن الكبيرة أو الصغيرة، في كل مطار يتم إخراجي وحدي لإجراء فحوص أمنية إضافية، تم التحقيق معي وتفتيشي ذاتياً، وفتح حقيبتي ونثر محتوياتها في كل مكان، كما أُزيلت عناصر عشوائية مثل براية الأقلام الرصاص ومكبس رموش العيون – وكل ذلك باسم الأمن القومي. (نعم، نعم، أنا أستحق أن أُعاقب بسبب عبثي، فقد كنت أسافر مع مكبس للرموش -الآن لدي فقط ماسكارا أفضل- ولكن هذه ليست النقطة).
لا يمكن أن يكون كل هذا العناء بسبب وجودي على قائمة الإنتربول، أيمكن ذلك؟ أمزح! ربما يكون تعبير وجهي المُستفز، الذي أصبح، على مر السنين، وجهي المعتاد مصحوباً بصرير أسناني وتضييق عيني، لأنني أعرف ما الذي سيحدث لاحقاً.
حين أشاهد الزملاء أو الأصدقاء، أو شريكي (أو أياً كان من أسافر معه، حقاً) يعبرون سريعاً من خلال الأمن / الجمارك، فلا يمكنني الاسترخاء، وأنا أعلم أني على وشك أن أحظى باهتمام غير مرغوب فيه كجزء من "الفحص الروتيني"، هذا مرهق، عند يكون كل ما تريد القيام به هو الاستمرار في طريقك، الأمر مرعب تماماً.
أصبح عصبية بشكل واضح وأبدو كما لو أن بحوزتي كيلو من الكوكايين في قميصي، إنها عدم القدرة على التنبؤ بالوضع، هل سأُستدعى للتحقيق؟ هل سيتم تفتيشي ذاتياً / انتهاكي من قِبل شخص بارد بقفازات مطاطية؟ هل سيصدقون إجاباتي؟ هل سيجدون مكبس الرموش المهرب في حقيبتي؟
في الماضي حين كنت أصغر سناً، قبل أن أعرف أن هذا سوف يكون نمطاً في المطارات في جميع أنحاء العالم، وكنت أكثر تحدياً بدلاً من العصبية الحالية. أذكر المرة الأولى لي في لندن كشخص بالغ (بدون أبويّ يجيبون عني)، أقف في جمارك مطار هيثرو، يظهر عليَّ الفزع خلال الاستجواب الذي أجبرني على الإجابة على الأسئلة الشخصية عن زيارتي علناً. من سيستقبلني في المطار؟ (أختي)، أين تعيش؟ (إيلينغ – كان ينبغي أن أقول نايتسبريدج)، مهنتها؟ (طبيبة)، أين تعمل؟ (بتعجب – في أحد المستشفيات)، متى تنتهي تأشيرتها؟ (كيف لي أن أعرف ذلك؟!)، ما رقم منزلها الخاص في أستراليا؟ (انتظر، ماذا؟)، اسم رئيسها في المستشفى؟ (يا إلهي، دعوني أدخل البلد، أنا حقاً بحاجة للاستحمام).
بينما اغتاظت أختي، المنتظرة بفارغ الصبر على الجانب الآخر من البوابة، من موقفي عندما أخبرتها عما جرى. "يريدون أن يعلموا أنك لن تختفي. لندن بها الكثير من المهاجرين الهنود غير الشرعيين. يعيدون الناس مرة أخرى على متن الطائرة في كل وقت"، حسبما حذرتني. لا يزال الأمر يبدو متطرفاً بالنسبة لي، على الرغم من أنني كان عليَّ أن أعترف أن آتي كل هذه المسافة ولا أذهب لمحلات هارودز (أو أرى شقيقتي) يمكن أن يكون مزعجاً جداً.
لكن مع نضجي، وبغض النظر عن مدى الإرهاق الذي أشعر به بعد مروري بـ12 منطقة لديها 12 توقيتاً مختلفاً لكي أذهب إلى أي مكان من أستراليا، فأنا لم أعد عصبية في المطارات، ولم أفعل هذا منذ فترة طويلة، يعود السبب في هذا إلى أنني بعد مرور سنوات من "المعاملة الخاصة" التي أحظى بها، أدركت الآن أن الطريقة التي أنظر بها إلى نفسي -باعتباري مواطنة ملتزمة بالقانون ليس لديها ما تخشاه؛ لأنها لم تفعل أي شيء خاطئ- ليست هي الطريقة التي ينظر إلي بها مسؤولو الأمن والجمارك، لقد قاومت الأمر لفترة طويلة، لكنني لا أستطيع أن أن أفعل شيئاً سوى إدراك أنني أُعرَّف حسب لون بشرتي، وهو ما تسبب مراراً وتكراراً في إجراء فحص وتدقيق عالي المستوى.
والآن، أواجه أخيراً الحقيقة بأنني خائفة من السفر، لا شك أن الهراء صار حقيقياً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، ثم البريكسيت… حتى إن الأمر ازداد بعد العشرين من يناير/كانون الثاني، عندما تولى ترامب منصب الرئيس. على الرغم من أن قرار منع السفر عُدِّل، وعلى الرغم من أنني أمتلك جواز سفر أسترالياً؛ لأنني وُلدت هنا، فإنني لا أعلم ما إذا كان لدي شجاعة لدخول الولايات المتحدة خلال حكم إدارة ترامب.
تقدم تجربة الاستجواب التي تعرضت لها المؤلفة الأسترالية ميم فوكس في مطار لوس أنجلوس الدولي، السبب وراء قلقي، ويوجد مزيد من الضغط أكبر من أي وقت مضى في المطارات لفحص الزوار والتعامل معهم. قالت فوكس هذا الأسبوع إنها تتفهم الحاجة لذلك، إلا أنه ينبغي أن يحدث بطريقة أكثر لطفاً، إنني أتفق مع تلك المشاعر، ولكن دعونا نواجه الأمر: لن يحدث ذلك أبداً، لقد تدرب موظفو الأمن والجمارك على أن يكونوا مخيفين وسلطويين، ومعظمهم من المدنيين. لكنهم مسؤولون عن السماح للأشخاص ومتعلقاتهم بالصعود على متن الطائرات أو الدخول إلى البلاد، وهي مسؤولية كبيرة بما يكفي في أفضل الأحوال، ناهيك عن ذكر المناخ السياسي الحالي.
في الحقيقة أنا خائفة للغاية أكثر من أي وقت مضى، إنني لا أرغب في السفر مع ابني عندما تكون المخاطر مرتفعة للغاية؛ إذ إن لون بشرته الأبيض يتسبب في صعوبة كافية لأنني لا أبدو أمه، وهو ما تسبب في الماضي في أحداث عديدة داخل المطارات، ولا أرغب حقيقة في تعريضنا لموقف في الوقت الحالي؛ حيث سوف يجذب مظهري "المختلف" درجة غير مسبوقة من الانتباه، ومن المحتمل أن يجذب عواقب غير مسبوقة أيضاً.
لعل خبرتي جعلتني معتادة على هذا الانتباه، لكنني لست مرتاحة مع ذلك، يحزنني للغاية أن هذا هو العالم الذي ترعرع فيه ولدي، بيد أن الأخبار الجيدة تكمن في ثقتي بأنه باعتباره ذكراً أبيض، لا يزال بمقدوره اكتشاف هذا العالم دون أن يوقفه أحد، وأن يصحب مكبس الرموش في أي مكان يريد الذهاب إليه. (تقصد كاتبة التدوينة أن موظفي الأمن والجمارك يظنون أن مكبس الرموش سلاح عندما تحمله هي معها).
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية لـ "هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.