الربو (حساسية الصدر) مرض شائع يصيب الرئتين ويعاني منه ملايين الناس حول العالم، وبحسب منظمة الصحة العالمية هو مرض مزمن يتسم بحدوث نوبات متكررة تتراوح بين عسر التنفس والأزيز، وهي تختلف في شدتها من شخص إلى آخر، وقد تظهر أعراضه عدة مرات في اليوم أو في الأسبوع لدى الأفراد المصابين به، وتصبح أسوأ لدى البعض أثناء مزاولة النشاط البدني أو في الليل، وأثناء نوبة الربو، تتورم بطانة أنابيب الشعب الهوائية، مما يؤدي إلى تضييق المسالك التنفسية والحد من تدفق الهواء إلى داخل الرئتين وخارجها، تنجم نوبة الربو عن الجزيئات المعلقة في الهواء الناتجة عن عوادم السيارات أو غيرها من الملوثات وكنتيجة للتوتر النفسي والزكام والبرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة، كما يمكن لبعض الأدوية مثل الأسبرين أو الإيبوبروفين أن تحرض نوبة الربو أيضاً.
كثيراً ما تسبب أعراض الربو المتكررة الأرق والإرهاق أثناء النهار وانخفاض مستويات النشاط والتغيب عن المدرسة والعمل، هذه الأعراض نتيجة لتقلص الشعب الهوائية بفعل الهستامين، وهي المادة المسؤولة بشكل رئيسي عن أعراض الحساسية؛ حيث تعمل على انقباض عضلات الشعب الهوائية بالرئتين، مما يؤدي إلى تضييقها، وما يتبع ذلك من نوبات ربوية.
تشتق كلمة Asthma وهي التسمية الإنكليزية لمرض الربو من اليونانية وتعني (أزمة أو لهاث) وهو المرض الذي دفع الكاتب الفرنسي الشهير مارسيل بروست إلى وصف الطب بـ"علم مضحك"؛ لأنّه لم يشفِه من مرض الربو الذي قضى ردحاً طويلاً من عمره يعاني منه، مما فرض عليه سياجاً من العزلة؛ إلا أن المرض كان ملهماً له في كتابة واحدة من أطول الروايات في التاريخ الإنساني، وهي رواية البحث عن الزمن المفقود في 7 مجلدات، يبلغ مجموع صفحاتها 3200 صفحة، وضمت مليوناً ونصف المليون كلمة، وهي الرواية التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وفقاً لعدد حروفها التي وصلت إلى ما يقارب 10 ملايين حرف في اللغة الفرنسية، ومن الطريف أن أرنستو تشي جيفارا الثائر الأرجنتيني النبيل صاحبه هذا المرض المزمن طوال حياته.
يهدف علاج مرض الربو إلى الوصول إلى مرحلة استقرار المرض، وتقليل عدد النوبات الحادة للربو، واستخدام أقل عدد من موسعات الشعب الهوائية، واستمرار المريض في ممارسة حياته الطبيعية دون أي معوقات، واستعمال البخاخات بشتى أنواعها هي أكثر الأدوية فاعلية في التحكم بنوبات الربو شرط استعمالها بشكل صحيح وفي الوقت المناسب.
وقد أثبت علاج الربو بالأعشاب الطبية نجاعته ببعض الحالات، ومن أشهر هذه الأعشاب: عشبة الايفيدرا، وهي واحد من أقدم العلاجات على مستوى العالم؛ حيث استخدمها الصينيون الذين يسمونها ماهوانج لآلاف السنين لعلاج الربو، وعلى الرغم من أن العلماء تمكنوا من فصل المادتين الفعالتين الايفيدرين والسودوايفيدرين عام 1887 فإن بداية وصفه طبياً كان بعد الحرب العالمية الأولى، وذلك بعد اكتشاف أثره الموسع للشعب الهوائية وإزالة احتقان الأنف، ومن هذا الحين والسودوايفيدرين ذائع الصيت كمزيل للاحتقان؛ حيث يعمل على مستقبلات ألفا التي توجد في جدران الأوعية الدموية في بطانة الممرات الأنفية والجيوب الأنفية، فيعمل على تقليص الأوعية الدموية في الأنف، وهذا النشاط محصور في الأنف فقط، ومن الأهمية بمكان توخي الحذر عند استخدامه؛ حيث يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم واحتباس البول لدى مرضى تضخم البروستاتا، كما يوصى بعدم استخدامه لعلاج الربو لدى الأطفال أقل من عامين بدون استشارة الطبيب، وتجنبه في مرضى السكر.
وبحسب الدراسات، فتناول القهوة والشاي ومشروبات الكولا المحتوية على مادتي الثيوبرمين والثيوفيلين بجانب الكافيين وهذه المواد تنتمي إلى عائلة الزانثينات التي تساعد في إيقاف تقلص الشعب الهوائية وتوسعة المسالك التنفسية.
عرق السوس أيضاً ينصح به غير أن استخدامه بكميات زائدة يؤدي إلى الصداع وارتفاع ضغط الدم، كما ينصح بالينسون والشمر، ومن المهم كذلك ممارسة الرياضة لتحسين الوضع العام للرئتين والقلب والجسم كله.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.