ما بدأ كمقطعٍ مصوّر مضحك عن عيوب العمل من المنزل، تحوّل سريعاً إلى انعكاسٍ مرعبٍ على الافتراضات والانحياز المجتمعي. افترض البعض أن المرأة في مقابلة روبرت كيلي على شبكة BBC كانت خادمة أجيرة:
"أراهن أن هذه المربية ستتعرض للرفد!".
"يا إلهي، تلك الجليسة ستُغادر المنزل!".
"إلى أي درجة تشعر تلك الخادمة بالفزع؟".
عندما خرجت تلك الافتراضات..
مرحباً بكم في حياتي. لا يفترض أحدٌ أنني الأم. إما أنا المربية وإما العروس المطلوبة بالبريد، المعروفة أحياناً باسم المنقّبة عن الذهب التي لا تريد سوى المال.
لماذا؟ لأنني امرأة يتصادف أن زوجي لديه طفلان جميلان. يتصادف أيضاً كونهما من البيض، وأنا لست بيضاء.
اصطحبت الطفلين إلى الملاعب، والحفلات، والمتاجر، وواجهت بالابتسامة نظرات الناس المحمّلة بالاحتقار. وأحياناً بالشفقة. وصل إلى مسامعي عبارات مثل: "أوه! المربية هنا لاصطحاب الأولاد". أُقصيت من محادثات وتفاعلاتٍ لا تُحصى.
لا يهمّ أنني عرفت الطفلين منذ صغرهما، وأنني أحبهما وهما يحبانني. عندما نخرج، ينظر الناس إليّ بشكلٍ مختلف. كلّ مرة بلا استثناء. وهو ما يورث إحساساً مريعاً عندي وعندهما، وعند زوجي.
ليس هذا فقط لأنني زوجة الأب. نعم، هناك بعض الأنماط السامّة التي تجعلني هدفاً سهلاً. صديقتي امرأة آسيوية لديها طفل نصف آسيوي. وهي أيضاً يظنّها الناس المربية بالخطأ.
يقولون: "لأنّك تبدين صغيرة السن للغاية!". لكن هذه المشكلة لا يُمكن فصلها عن العرق.
في كثيرٍ من الأحيان، يُرى الآسيويون على أنّهم قومٌ خانعون، وينعكس هذا في مصطلحات مثل "الحمى الصفراء"، وفي تحويل النساء الآسيويات إلى فيتيش جنسي. نحن المنظفات، والمربيات، والخادمات. ليس هدفي الانتقاص من الأشخاص المضطلعين بهذه الأدوار، لكنني أتساءل: لماذا يقفز كل هؤلاء الناس إلى استنتاج أن المرأة التي تعتني بالأطفال هي الخادمة؟
نشأت في النسخة الأولى من عصر بولي هانسون، عندما كانت مشغولة باتّهام الآسيويين بـ"إغراق" أستراليا. وشجّع هذا الكثيرين على التعبير المفتوح عن عنصريتهم. تعرّضت للبصقات، والدفعات، والانتهاك العلني. قابلت الكثير من الرجال، قدّموا أنفسهم لي باستخدام كلماتٍ مثل "نيهاو" و"كونيشيوا". قيل لي إنني "سلعة قيّمة" بصفتي واحدة من النساء الآسيويات القليلات القادرات على العمل ليلاً.
إحدى الذكريات الواضحة في ذهني كانت أنني أستخدم حماماً عاماً، وأخرج من المهجع لأقابل صف الانتظار. نظرت إلى السيدة الواقفة في مقدمة الصف حين أخبرتها بأنّ الحمام خالٍ. وردّت "لا"، وهي تلوي شفتيها إلى أعلى. وقفت مرتبكة، وبدأت أفهم أخيراً.
وفي أحيان أكثر، يكون الأمر أخبث من هذا. مثل الأسئلة المستمرة عن بلدي الأصلي ومتى انتقلت إلى هنا. ونظرات المفاجأة حين أتحدّث بثقة في اجتماع، أو أتحدّث الإنكليزية فقط. سؤالٌ يوجه إليّ في مقابلة عمل عن سبب إجبار الآسيويين على الاستذكار بجدّ، أو أن أتصفّح قائمة مطعمٍ فاخر ويأتي أحدهم ليسألني عن مكان شيء ما.
اختبار مثل هذا الهراء هو ما يجعلني لا آخذ برفقٍ المجادلات بأن التعرّف على الأم كيم جونغا على أنّها المربية هو أولاً ليس حطاً من قدرها وثانياً ليس مرتبطاً بالعرق.
الناس دفاعيون بطبيعتهم. الكثير منّا لا يودّ اتهامه بالعنصرية. "لقد ظننت أنّها المربية؛ لأنّها كانت فزعة للغاية!". "أنتُم مصابون بجنون الاضطهاد!".
هذه الردود الشائعة دليلٌ على أنّ الكثيرين لا يمكنهم تقبّل حقيقة أنّهم منحازون. لست في حاجة إلى أن تكون متنمراً صريحاً تنتهك الناس لتكون منحازاً. لدينا أدلة يومية على حدوث هذا في أماكن العمل. يجب ألا تكون بالضرورة عنصرياً ضد النساء لتظن أن المرأة لا تصلح مديراً تنفيذياً بطبيعتها، أو أن الأب ليس والداً جيداً مثل الأم.
الانحياز غير الواعي منتشر. تُشير إلى هذا بوضوح إحصائيات أماكن العمل عن التنوّع العرقي والجنسي وبين التوجّهات الجنسية. أدمغتنا البشرية تلجأ إلى الطرق المختصرة طوال الوقت؛ لأنّها مضطرة إلى هذا. نحنُ نُصدر الأحكام بناءً على ما نراه ونسمعه، وبناءً على خبراتنا السابقة. بحلول عامهم السادس، يكوّن الأطفال تحيّزاتٍ على أساسٍ عرقي. زعم أن المرء لا يرى اختلافاً بين الأعراق، أو أن التعصّب العرقي ليس له علاقة بالأمر ها هُنا، هو زعمٌ مخادع مهما كان حسن النية.
عندما يقول الناس: "أنا لا أرى العرق" أو "الكل سواء تحت جلودهم"، فإنّهم يهمشون أصوات الآخرين ممن يقولون: "قد نكون سواسية، لكن المجتمع يعاملني بشكلٍ مختلف". هناك ديناميكية قوّة تُنسى بسهولة. تكبح أصوات التعدد الذي ينبغي لنا اعتناقه.
ينبغي لنا قبول أن الناس خبراتهم مختلفة عن بعضهم. خبرتي الحياتية ستكون مختلفة عن خبرتك، أو خبرة امرأة آسيوية أخرى. الأمر يتطلب تعاطفاً وعقلاً منفتحاً لرؤية الأمر. يحتاج الأمر إلى التعاطف لفهم ما تشعر به حين يظنّك أحدهم مربية بالخطأ. لكي تفهم أن العنصرية غير الرسمية ما زالت موجودة. وإنّه لأمر قاسٍ ومؤذٍ أن يُحكم عليك بناءً على مظهرك عوضاً عن هويتك الداخلية.
يتطلب هذا من الناس أن يفكروا ويقفوا في وجه تحيزاتنا وتحيزات الآخرين الضمنية. الأمر غير مريح، لكنه ضروري إن كنا نريد اتخاذ خطواتٍ حقيقية في مواجهة العنصرية في المجتمع.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.