إن علاقاتنا الموسومة بالخداع والمختبئة وراء أقنعة الحب والسعادة مللت منها.. لم أعد أتحمل تلك التفاهات، لم أعد أحتمل رؤية مَن يتألم ومَن يكسر حاجز العادات والتقاليد والإسلام، مبرراً ذلك بالحرية الشخصية، بالسعادة، والحياة، والجنون، وغيرها.. مقالي هذا سيكرهه البعض، وسيحبه البعض الآخر؛ لأنه سيكشف الحقيقة التي يعرفها الكل، ولكن للأسف يوهمون أنفسهم بغير ذلك، ليقعوا ضحايا قلوبهم التي تفتح لأي كان، لمن يستحقها ولمن لا يستحقها.. فتاة في سن المراهقة أو في عمر أقل تصنع ألف كذبة وكذبة؛ لتلتقي بشخص يتلاعب بمشاعرها، هو يرى فيها لعبة يتسلى بها، وبعد أن يمل منها يؤلف سيناريوهات جديدة؛ لينهي قصتهما مسرعاً بالفرار، وهي تظن أن الحب قد طرق قلبها حقاً، وتحلم بشيء لم تبلغ سنه بعد، تتعلق وتبقى معلقة وحدها في حبال الهوى، لا هي مدركة أرض الواقع، ولا هي تطير بأجنحة الحب، تبقى سجينة الاحتمالات، تؤلف أفلاماً هندية وتركية حول قصة حب لم تبدأ من الأصل، تنتهي علاقتهما، وفي كل مرة يكون أحدهما ضحية لتلك الكذبة.
القصة تعاد يومياً بعدد كبير مع الكثير والكثير، والقليل مَن يستفيد، وكل عنصر خارج عنها يصنف كمريض ومعقد وشاذ، أصبح الغلط صح والصح غلط، وتشابكت المعاني والكلمات وكل شيء، الزمن أضحى خبيثاً للغاية، أصبحت الرجولة شبه مفقودة، وأصبحت العفة عملة نادرة.
ما يحزنني في الأمر أن الأغلبية منهم تعي خطورة ما يقومون به، لكن يعطون الأولوية للتسلية، وما يفعلونه كل مرة، يلعبون مثل توم وجيري، يرغب الواحد منهما في الإمساك بالآخر من أجل إشباع رغباته، ويرميه في جحيم كلام وأحاديث الناس.
الحب بريء من كل هذا فاتركوه بسلام؛ لكي لا يتسخ بقصص كهذه، الحب شيء عظيم؛ لذا فمن تحبك لن تقبل بأن تدنس علاقتها معك بشيء يدمركما، لن ترضى بالخروج معك أو برفقتك؛ لأنها تقدر قيمتك ولا ترضى بالعيش معك إلا كزوج لها، ومن يحبكِ لن يرغب بأن يقيم معك أي علاقة فتجلبي العار لك ولأهلك، لن يقبل بك إلا كزوجة له مدى الحياة، وليس كخليلة يرميها بعد أن يأخذ ما أرادت نفسه ورغباته.
أما عن الحب الطاهر الذي ينبض له القلب دون أي تصنع، الحب الذي ما زال وسيظل السند حين يغدر الجميع ويديرون ظهرهم لتجده يطبطب عليك ويقول كل شيء بخير، حب يبقى منقوشاً في القلب تاركاً بصمة فيه شاهدة على مكانة لن ولم يطأها أحد غيرهم ليس كالحب المزيف الذي يختفي منذ أول نقاش حاد وكأنه لم يكن يوماً.
ابتعدوا عن الحرام ولا تحللوه كلما أردتم ذلك، لعل الحب الحقيقي والطاهر يسامحكم يوماً فيزوركم وتعيشوا سعداء دون عناء.
الحب الحقيقي يتولد فينا دون أن نعرف بماذا أصابنا دون أن نصنعه، الحب هو المودة والرحمة التي زرعها الله سبحانه وتعالى بداخلنا، تزهر ذات يوم، وتسكن من دق له الفؤاد فجأة، لمن تحبه ويحبك دون مقابل، لمن يكتفي بالنظر إليك أو بابتسامة منك تجعله يسعد ويطير ويحلق بجناحيه، يرى فيك الأمل رغم الدمار الذي حل بالعالم، الحب شعور نبيل وطاهر لن يأتي بتخطيط مسبق، ولا بتنقيب أو بحث معمق، لا يتطلب منا دراسة "قواعد الحب" ولا قراءة كتب "الطريق إلى قلب الرجل"، و"كيف تسقط فتاة في حبك؟"، الحب لا يقبل أي تدنيس ولا تشويه؛ لأنه بعيد كل البعد عن كل الشبهات التي أصبحت تحاول الالتصاق به، الحب ليس الإعجاب، ليس الخروج معاً، ليس إشباع الشهوات، ليس التمظهر أمام العامة بأن لديك حبيباً أو حبيبة، وجود شيء مشترك بينكما ليس حباً أيضاً، وبمعنى أوضح الصداقة الجنسية ليست حباً وانتهى.
أوقفوا تلك العلاقات الفاسدة التي تجعلكم حبيسي الألم والحزن، والتي تضركم وتضر من حولكم، وقد تضر شخصاً آخر ليس له ذنب سوى أنه كان غلطة شخصين، انتظروا قليلاً، فكل شيء يأتي في وقته المناسب، لا تسمحي لأحد أن يلقبك بعاهرة أو فاسدة، كوني أنثى تعرف ما بينها وبين الله وبين الحلال والحرام، تجملي بأخلاقك وعفويتك، تحكمي في مشاعرك وحافظي على نفسك جيداً وعلى كل ما هو ثمين، كوني معقدة، داعشية، مريضة، ومتكبرة في نظر الفاسدين، ففي المقابل ستكونين العفيفة والطاهرة والأميرة في نظر الآخرين.
أنا لست ضد الحب، لكن كل حاجة بتتعاش بالطريقة الصح، وفي الوقت المناسب، ومع الشخص الأنسب.
لكل مَن تألم يوماً، ولكل من خذل، ولكل موجوع.. تذكر أن السقوط أمر ضروري في الحياة، بداية ولدنا بأقدام لكن لم نستطِع القفز والركض، وهكذا ما يقع للبعض، لهم عقول ويعون كل شيء، لكن لا يفعلون الصواب.
حاوِر ذاتك بالأول، وحدد موقعك وموقفك من كل شيء، لا تسرع بفتح قلبك لكل شخص، تخلص من كل الأشياء التي أخذت منك، ولم تعطِك سوى الخيبات والمصائب، فكّر باللحظة وبأهميتها قبل أن تستغلها في أمور ليست لها قيمة.
أخبروا شيئاً مما فهمتم من مقالي هذا لأبنائكم، لبناتكم، وأصدقائكم ومن تعرفون، قد تكونون سبباً في تغيير مصير حياة أحد له عقل ولا يفكر، أو ما زال صغيراً على معرفة ما في ذهن الآخرين من وسخ.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.