أحلام لاجئة فلسطينية

إذا كنت فلسطينياً، فمت في مكانك أو صارع وحارب وحاول لتبقى ولتحصل على حق غيرك وحلمك أنت.. فرغبتك في التنقل بحرية حول العالم أبعد مما تتصور؛ فهناك بلاد تبقيك عند حدودها، وأخرى لا تسمح لك بالدخول أصلاً، وثالثة تسمح لك بتقديم فيزا لترفضها وأخرى لا تسمح لك بالحلم حتى أن تذهب لسفارتها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/12 الساعة 04:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/12 الساعة 04:57 بتوقيت غرينتش

الموضوع ليس عادياً، فأحلامنا ليست كأحلامكم، حقوقنا التي يجب أن تكون حقوقاً مسلَّماً بها نبقى نلاحقها لآخر يوم في حياتنا. كأحلام، حقي في المواطنة حلم. فما يعده الآخرون حقاً هو بالنسبة لنا أمنية وحلماً.

القضية ليست مجرد شعب أُخذ منه حقه في الأرض وطُرد خارج وطنه. فالشتات يعني أكثر من هذا بكثير، هذا الشتات يعني مزيداً من الحقوق المسلوبة، هذا الشتات يعني حدوداً بينك وبينك كل شيء. إذا وُلدت فلسطينياً فعليك أن تعرف أن حياتك لن تكون سهلة أبداً واحفظ ذلك جيداً. ستقاتل من أجل كل شيء، نعم كل شيء بمعنى الكلمة.

دعونا نبدأ بالحق الذي أعدُّه حلماً عملاقاً كفلسطينية؛ وهو حق كل إنسان في تقرير مصيره والمشاركة في الحياة السياسية والديمقراطية، فأنا كلاجئة فلسطينية ليس لدي الحق في التصويت أو الترشح، أو المشاركة في ذلك الشعور الجميل أن لك صوتاً سيؤثر على وطنك.

أما حقي في التعليم، فمن اللحظة الأولى لا بد أن أجاهد وأعاني وأقوي نفسي بنفسي، وإلا فسأنتهي بمجرد أخذي قيلولة صغيرة من النجاح. إذا كنت فلسطينياً، فليس لديك الحق في أن تفشل، عليك أن تنجح وتتفوق، أو تموت وتنتهي وتختفي ولا يسمع لك أحد صوتاً، لا بد أن أدفع الكثير لأحصل على ما يحصل عليه الآخرون بمجرد ولادتهم بشكل أتوماتيكي. نعم! لا شيء مجانياً ولا حق بلا تعب.. أبداً.

أما الصحة، هناك أمراض محددة مسموح لك بأن تمرض بها، أما إذا كان غير ذلك فعليك أن تموت بصمت؛ فلا علاج لك إلا بأموال طائلة أنت لا تملكها عادة أو أوراق وشروط غير قابلة للتحقيق حتى لو ملكت المال..!

وأما إذا كنت ممن يحبون السفر والاكتشاف والمغامرة أو حتى السفر خارج مكان إقامتك للعمل، فلا بد أن تكون لست فلسطينياً، فأغلب الدول قامت بإجراء إجراءاتها الاحترازية؛ حتى لا تتمكن في العيش فيها أو حتى التطاول في رغبتك في الحياة أو حتى التنزه والاستمتاع هناك.

إذا كنت فلسطينياً، فمت في مكانك أو صارع وحارب وحاول لتبقى ولتحصل على حق غيرك وحلمك أنت.. فرغبتك في التنقل بحرية حول العالم أبعد مما تتصور؛ فهناك بلاد تبقيك عند حدودها، وأخرى لا تسمح لك بالدخول أصلاً، وثالثة تسمح لك بتقديم فيزا لترفضها وأخرى لا تسمح لك بالحلم حتى أن تذهب لسفارتها.

عدم قدرتك على السفر، لا يعني فقط عدم قدرتك على اكتشاف الأماكن الجميلة في العالم، ولكن يعني عدم قدرتك على رؤية أفراد عائلتك الكبيرة، فإن تكون فلسطينياً يعني ألا تعرف كل أفراد عائلتك. فبعضهم لم تلتقه ولن تلتقيه؛ لكون الشتات فرَّقكم والأوراق منعتكم من اللقيا.

يمكنك أن تفرح في أوقات الفرح معهم عبر الإنترنت والهاتف بأصوات متقطعة وصور هنا وهناك. حتى وقت الحزن، تسمع بكاءهم عن بُعد فلا مجال للعناق والتربيت! أما المشكلة الأعظم، فهي أنك حتى فيما يخص التسمية أنت تقاوم تياراً من التضليل. تنتمي إلى وطن نسي العالم اسمه وسموه اسماً آخر، ولم يصبح بيدك إلا أن تسميه كما تؤمن أنت رغم ظلم العالم وتجاهل من حولك وعظم عددهم.
تحاول بما أتيت من هوية وثقافة وعلم ودبكة وتاريخ ومشغولات يدوية أن تقول: أنا هنا.

هذه المقالة لا تتسع لشرح مزيد من الحقوق التي تظهر على شكل أحلام، ولكن عليك أن تعرف -عزيزي القارئ- وتعلم أن حتى حق الفلسطيني في الحب وتكوين عائلة ليس بالشيء السهل أيضاً، فحبنا محفوف بجسور وجدران وصبر وانتظار وصمت وأوراق واحتلال ولجوء وشتات وهوية…

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد