هل نحن النساء فعلاً غبيات؟

المشكلة عالمية وليست فقط في عالمنا العربي، هذا وبطبيعة الحال هناك التعميم الجارف -لا ينظر الجميع بهذه الطريقة إلى النساء على أنهن مثل الأطفال- ولكن، هناك مستوى مما لا شك فيه من الخضوع (والقبول الهادئ) بين النساء بشكل غير معلن في مجتمعنا لهذه النظرة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/05 الساعة 01:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/05 الساعة 01:28 بتوقيت غرينتش

يزعجني حقاً ما أقرأه هذه الأيام، ومنذ فترة ليست بقصيرة، على مواقع التواصل الاجتماعي من نكت أو اقتباسات ساخرة تصور الأنثى على أنها غبية، سطحية ولا تهتم بشيء في الحياة سوى أظافرها، وزينتها وحبيبها.. حمقاء، نمامة، عديمة الثقافة، وحاقدة على النساء الأخريات، لا تعرف شيئاً في أمور الحاسوب ولا تفقه شيئا بالسياسة.

لا شك في أن الإعلام والجو العام الحالي قد أثرا في نسبة من الفتيات وجعلا اهتماماتهن موجهة نحو جمالهن وشكلهن بالإضافة إلى حياتهن العاطفية، منتجَيْن جيلاً غير مثقف وغير مهتم بقضايا مجتمعه، تاركاً المجال للمحبطين بالسخرية وانتهاز الفرصة لإظهار هذه الفئة وجعلها تبدو كأنها الغالبية، كلها أمور أدت إلى جعل المجتمع لا يأخذ الأنثى بجدية أو احترام وينظر لها نظرة دونية مضافة إلى جعبة المرأة من تسميات لا تليق بها ولا بدورها في المجتمع، فالجميلة غبية، والشقراء منحرفة، والجامعية غير مثقفة، والمخطوبة عديمة الشخصية، والصديقة ثعبان متخفٍّ.

المشكلة عالمية وليست فقط في عالمنا العربي، هذا وبطبيعة الحال هناك التعميم الجارف -لا ينظر الجميع بهذه الطريقة إلى النساء على أنهن مثل الأطفال- ولكن، هناك مستوى مما لا شك فيه من الخضوع (والقبول الهادئ) بين النساء بشكل غير معلن في مجتمعنا لهذه النظرة.

تستفزني بعض الأقوال التي يتبناها البعض على أنها حقائق صحيحة. يقول أحدها: إن الفتيات لا يلعبن كرة القدم؛ لأنهن لا يرغبن في لبس القميص نفسه. وآخر يقول: إن الفتاة عندما تلقى صديقتها فإنها تخبرها كم تحبها وتشتاق إليها بينما في داخلها تضمر لها الشر والحسد والغيرة، في محاولة لإظهار النساء أنهن نمامات يكره بعضهن بعضاً حتى أضحت فكرة وجود صداقة بين معشر النساء أمراً مستحيلاً.
يصر الإعلام على عدم تصوير الصداقة بين النساء في معظم الأعمال الفنية؛ بل يصر أحياناً على جعلهن يبدين كأعداء، حقدهن ينصبّ على بعضهن بسبب رجل، حتى أضحت الفكرة مستنسخة ومكررة بشكل مقزز في الكثير من المسلسلات والأفلام لدرجة أنها دخلت عقول بعض "ضعيفات الثقة" اللاتي اتخذن من الموضوع نمط حياة.

بهذه الطريقة، فإن بعض الرجال يرون المرأة امتداداً لأنفسهم وحياتهم الجنسية دون الشعور بالذنب. يحتاج بعض الرجال لإبقاء النساء كشيء ليتمكنوا من أن يقودوه؛ لأنهن بنظرهم عاجزات وجاهلات وغير قادرات، ومن ثم يمكن أن يبقى الرجال يعيشون مع وهم أن المرأة ليست أكثر من قدرتها على الإنجاب. فقط حاول أن تقرأ بعض التعليقات عندما ينشر خبر عن امرأة ناجحة أو مشهورة، شاهد كم الشتائم والسخرية عما تقوم به، سواء كان ذلك بأيدي رجال أو نساء! لذلك، فإنه من المنطقي أن الكثير من الرجال يعممون هذه الصورة النمطية: أن المرأة لا يمكنها أن تعتمد على نفسها ولا يمكنها التفكير وحدها. لا أقول إن هذه الأمور غير موجودة، ولكن جعلها تبدو معممة على الجميع يجعلني أشعر كأنثى بالإهانة.

وأكثر ما يثير حفيظتي، هو عندما أجد أنثى تروج لمثل هذه الأفكار العنصرية التي تصورها على أنها حمقاء وسطحية ويصوَّر الرجل على أنه المجبر على تحمل غبائها، لدرجة صرت أتساءل بيني وبين نفسي عن الحقيقة المُرة! هل نحن النساء فعلاً غبيات؟! هل هذه هي الطريقة التي تفكر بها الإناث؟! أم أنها مجرد حالات فردية لا تمثل الجميع.. للأسف، فإنه في عصرنا الحالي طغت الماديات على كثير من الأمور الأخرى نتيجة البطالة والفراغ والانفتاح الثقافي المسموم، كلها أمور ساعدت في جعل المرأة تحول جل عاطفتها التي هي جوهر حقيقتها إلى شكل مشوَّه وفارغ.

لا أعلم كيف طفت هذه الظاهرة على السطح وكيف تحولت إلى شيء طبيعي يتم تداوله بشكل يومي على أنه فكاهة وسخرية، قد لا يأخذ البعض الأمر بجدية، ولكنه مثل غيره من الأشياء التي عندما يستمر العقل في تلقيها بشكل يومي فإنها ستتحول إلى فكرة وسيتقمصها العقل ويبني عليها تفسيرات وتأويلات وستتحول في النهاية إلى حقيقة وأمر واقع يصدقها ويرددها الجميع.

المرأة لن تكتسب احترام المجتمع ومن حولها إلا إذا كانت تحترم نفسها وتقدر عقلها، فهي من يجب أن تفرض نظرة الآخرين لها لا أن تدع الآخرين يقررون نظرتهم تجاهها.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد