بحثتُ عنها طيلة عامين ونصف مرت عليّ كعِقدين ونصف مما لقيته من حَيْرة ووحشة، كنت أعيش بنصف روحٍ في جسدٍ أبحث عن النصف الآخر، كنت أشعر أنها هناك في مكانٍ ما تنتظرني.. ولكن أين؟ لا أعلم.
كنت أبكي أحياناً، وأدعو الله كثيراً حتى استجاب لي.. ورأيتُها في بيتها ووسط أهلها بصحبة رجل فاضلٍ أرجو الله أن يتغمده برحمته، وأن يجازيَه عني كل خير.
رأيتُها فأحببتُها – عرفتُ فيما بعد أنه الحب فهذا شعور لم أشعر به من قبل – وكنت أنتظر موافقتها وأهلِها حتى جاءت الموافقة وجاء معها كل شيء جميل.
منذ عرفتُها عرفتُ الوردَ ورائحتَه وصرتُ أرى كل شيء جميلاً، لم أعرف للورد رائحة من قبل، بل أظنه كان بلا رائحة، واكتسى الكون بألوان الزهور، بعد أن كان رمادياً.
ما هذا الشعور الذي يدفعني للذهاب لأخطف نظرة عابرة لها وهي ذاهبة للعمل في الصباح؟ لم أتحمل الانتظار حتى نهاية الأسبوع كي أراها، وأنا في انتظار مرورها فوجئت بجرس هاتفي والمتصل… هي. عرفت منها فيما بعد أنها أيضاً كانت تريد سماع صوتي، ما دفعها هو ما دفعني.. إنه الحب.
نعم أحببتها، ما أجمل أن تجد من تحبُّه، والأجمل أن تجد من تحبُّه يحبُّك. مذ عرفتُها عرف قلمي طريقه للكتابة.. كنت أكتب لها كل يوم وأتصل بها لأُسمعها ما كتبت من زجل.
وبعد الخطوبة وجدت فيها من العقل ما زاد من حبي لها، فلا أنسى أنها اقترحت إلغاء حجز القاعة التي كنا ننتوي إقامة عرسنا بها لنقيمه بقاعة مجانية، ونحن أولى بالتكاليف.
ولم أنسَ لها ولأهلها أن وافقوا على إتمام زواجنا بأثاثٍ وأجهزة كهربائية ليست جديدة أهداها لي والداي، لم يشترطوا عليّ ما يرهقني وأنا أبدأ حياتي، هذا الأثاث وهذه الأجهزة التي ما زلنا نستعملها إلى الآن.
وسجدت لله شاكراً بعد إتمام عقد الزواج في بيته، واتفقنا على القاعدة التي أخبرتكم بها في تدوينتي الأولى "القاعدة الذهبية للعِشرة".
صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين أخبر أنك إذا كنت صادقاً في البحث عن العفاف في الزواج أعانك.
ونصيحتي لكل شاب أن يبحث لا عن زوجة فحسب وإنما يبحث عن أم لأبنائه، قادرة على تحمل المسؤولية، وأن يبحث أيضاً عن أهل بيت قريبين من أهله في المستوى الاجتماعي والأخلاقي والمادي فهذا ييسر لك حياتك فيما بعد، وادخل البيوت من أبوابها، وارضَ لهم ما ترضى لأختك.
وأهمس في أذن الأهل الكرام أن ييسروا الزواج، فإنكم إذ تفعلون يصير الحلال سهلاً، ولا يضطر الشباب إلى إفناء زهرة شبابهم في الغربة لجمع المال حتى لا يكونوا أقل من فلان أو فلان. من أجل ماذا؟ إنها كماليات ستبلى ومظاهر كاذبة، وليس الغنى عن كثرة العرَض وإنما الغنى النفس.
وإذا جاءكم من رضيتم خلقه ودينه فزوجوه، وسوف يغنيهم الله من فضله.
وبعد الزواج وجدت في حبيبتي أُماً لأبنائي، وهو ما كنت أطمحُ إليه وإن كنتُ قد تسرب إليّ اليأس من وجود ذلك في فتاةٍ في هذا الزمن، ترعاهم ولا تقصر في حقي، حقاً لقد أكرمني الله بها.
وجدت فيه الأخت والصديقة، تقف بجواري في أزماتي وتبشرني بالفرج، وتجدد ثقتها بي ولا تحمّلني ما لا أطيق، وكلما اشتركنا في عملٍ معاً زاد اللهُ حبَّنا.
أَوشك أن يمر عِقدنا الأول وكأنه عام واحد، ما زال الورد يزيّن مناسباتنا، وما زالت هي تزين حياتي، ولا أملُّ من سؤالي لها "أين كنتِ؟"، ولا تمل من إجابتي: "كنت أنتظرك".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.