التغيير أمل وطموح والكل يدَّعي فيه رغبة
ولكن كم من طالبي التغيير يحققه واقعاً وينقل أحلامه ورغباته إلى حياته وواقعه، سواء الشخصي أو مؤسسته أو وطنه أو طريق غايته؟!
التغيير يعني الانتقال من حال حاصل "فكرة أو سلوك أو قناعة أو حال أو مشهد" إلى آخر، من المفترض ضمناً أنه أفضل وأكثر نجاحاً وتوفيقاً وراحة، وإن لم تشترط كلمة التغيير هذا.
كم من طالبي التغيير يستطيع بداية تحديد شكل التغيير الذي يريده لينتقل إليه؟
أولى الخطوات عادة تكون هي المشكلة أو مربط الفرس، فالكثيرون يتحدثون عن فرضية التغيير ورغبة التغيير وحتمية التغيير، فإذا سألتهم عن شكل وماهية هذا التغيير، توقفوا أو كانت ردودهم عامة بلا تحديد، التغيير أن نصبح أفضل، أن ننتقل مما نحن فيه، كيف وما شكل هذا التغيير؟ لا يعرفون، وبالتالي لا يستطيعون الانتقال إلى مجهول لا يعرفونه!
فإن علم الشخص أو المؤسسة شكل ونوع التغيير الذي يريدون الانتقال إليه واستطاعوا تحديد مواصفاته بدقة "عمل جديد لا بد أن أنتقل إليه براتب أعلى وأكثر احتراماً لخبراتي أو إمتاعاً لعقلي، شكل مؤسسي واضح المعالم للمؤسسة أو الجماعة أو الشركة، ببنود كذا، وأهداف كذا، ومسارات محددة..".
إذا ما تحدد شكل التغيير جاء السؤال الثاني: كيف نفعل؟
كيف ننتقل لهذا الشكل ونحقق هذا التغيير؟
فلا تتحقق الأحلام بمجرد رغبات صادقة ونوايا طيبة، ولا تتحقق بمجرد أن نريد، فإن لم نحدد مسارات واضحة ودقيقة وخطوات محددة بكيفية نعرف احتياجاتها كاملة من موارد بشرية ومادية وآليات واضحة وزمن متوقع معلوم، إن لم نفعل ذلك بدقة، ستظل رغباتنا وأحلامنا لا تراوح عقولنا وأمنياتها.
فإذا ما علمنا كيف؟ ومتى؟ ننتقل إلى صافرة البدء التي تلي تحديد المطلوب لنبدأ في تجهيز وإعداد كل ما يلزمه التغيير، تجهيز النفس أو المجموع بالتدريب والتأهيل، تجميع ما يحتاجه التغيير من معلومات ودراسات وفكر، فلا تغيير يحدث في أي مكان أو أداء دون أن يقوم على فكر واضح المعالم، وعلم محدد المصادر، قائم على بحث، ودراسات تتناسب واحتياج الحالة.. إعداد، تدريب، دراسات، عمل وبناء محدد الزمن.. كل هذا ضمن خطة واضحة يديرها راغب "أو راغبو" التغيير الحقيقي.
وهل بعد السير بهذه الخطوات نضمن نتائج ناجحة وأكيدة لصانع أو صانعي التغيير؟
للأسف.. قد لا تخرج النتائج بنفس الدقة أو حتى بجزء مما كتب على الورق، وتم التخطيط له، ببساطة لأنها خطة بشرية قائمة على جهد بشري، تعتريها عوامل خارجية تؤثر على كفاءة المنتج.
خطة تعتمد على دقة الدراسات والمعلومات التي وضعت لها، تعتمد على مهارة وكفاءة هؤلاء البشر الذين تم تدريبهم وتحميلهم بالمهام "مهما كانت نواياهم طيبة وصادقة"، تعتمد على جودة وحرفية ومناسبة التدريب للاحتياج، تعتمد على همة العاملين وعزيمتهم في الاستمرار في العمل، وتحمل أعباء التغيير ومقاومة أي مجموع أو بيئة للتغيير "فالإنسان عدو ما يجهل وكل تغيير بالضرورة مجهول له من الأعداء أضعاف ما له من مريدين وعاملين"، تعتمد على توافق من اجتمعوا على التغيير أنفسهم على نفس الأهداف ونفس مسارات الوصول للهدف "فكثيراً ما يجتمع أشخاص على رغبة التغيير يقيناً بضرورته، ولا يتفقون على شكله النهائي أو مساراته، أو ما يدفع فيه من أثمان يقبلها البعض، ولا يستطيعها الكثيرون"، فبقدر التوافق في كل الخطوات بقدر نجاح التغيير، وقد يتعطل التغيير قي إحدى خطواته بانسحاب البعض الذي لم يتحمل أو اختلف مع المجموع، أو بإعادة تغيير جزئي للمسار..
أحسب أن أحداث التغيير هي أصعب مساحات الحياة وتقلباتها، فبقدر ضرورته والاحتياج له بقدر المقاومة والعوائق والمتطلبات التي يحتاجها، وبقدر صعوبته بقدر نشوة الانتصار التي يشعرها من نجح في تحقيقه، سواء على مستوى شخصي أو مستوى مؤسسات وأمم..
التغيير هو جزء من ثقافة المقاومة التي يجب أن نتعلمها ونتقنها.
التغيير هو الانتقال للمستقبل الأفضل.. فمتى نتقن فنونه ونعرف طريقه الصحيح؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.