"أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطِك شعباً بلا وعي"، كلما تشاهد برامج التوك شو على التلفزيون المصري تذكر هذه العبارة.
أساتذة في الأكاذيب وتزييف الحقائق وإلهاء الشعب بأخبار تافهة وسطحية، وهي أشياء ليست غريبة أو جديدة على الإعلام المصري.
تلك الجملة تجعلني أيضاً أشفق على من يصدقون الإعلام المصري وأخباره، ولا أهتم بالحديث أو الدفاع عن وجهة نظري، فكيف تقنع شخصاً بأن مَن يستمع لهم ليل نهار على مدار سنوات مجموعة من عرائس الماريونيت تحركهم الدولة.
هم أنفسهم من صدقوا أيام ثورة يناير/كانون الثاني أن الميدان "فاضي"، والكاميرا الثابتة فوق الكوبري، وبعد ذلك بأن الثورة هي مؤامرة، وأن تيران وصنافير سعودية، وأن مصر في عهد السيسي بلد الإنجازات، هم نفس الأشخاص المنتظرين مصر تبقى أم الدنيا، في ظل إدارة سياسية فاشلة، يقوم بتجميلها وتلميعها أساتذة الإعلام على القنوات المصرية.
وزارة الإرشاد القومية تلك كانت البداية لوزارة الإعلام، والاسم وحده يظهر ما خفي من بواطن الأمور، فالنظام يريدك أن تعرف، وأن تصدق فقط ما يراه هو، وأن تكره وتعارض أي فكرة أخرى يرفضها.
وأخيراً في ديسمبر/كانون الأول 2016 صدر قانون بالإعلام الموحد، وبعيداً عن مواد هذا القانون فهو كالخطبة الموحدة، أن تنشر ما تراه الدولة يستحق النشر، أما إذا كان لك رأي آخر (………)، هل إذا استطاع النظام أن يعبث ويتحكم بعقول من في مصر، يستطيع أن يتحكم فيمن هم بالخارج من أفراد أو إعلام؟
وهنا يظهر الشكل الحقيقي للدولة البوليسية قلباً وقالباً، بتشويه أي صوت يعارض الدولة، أو ذي رأي حر عن طريق إذاعة تسريبات ومكالمات مسجلة؛ لكي تنال من سمعته، والتي لا أجد بها ما يدين المتكلم، بل هي أصلاً اعتداء على حرمة حياته الخاصة، وقانونياً تعتبر جريمة وفقاً لنص المادتين 309 و309 مكرر، وتعتبر المادتان إضافة مهمة إلى ضمانات الحرية الشخصية؛ إذ إنهما يجرمان الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، عن طريق تسجيل المكالمات في أماكن خاصة، أو عن طريق التليفون، أو إذاعة هذه التسجيلات أو التهديد بها، وهاتان المادتان تتوافقان مع نص المادة 57 من دستور 2014، وعقوبتها تصل إلى السجن المشدد 3 سنوات، إلا إذا كان الأمر مقصوداً لتشويه الخصم، وحتى إن لم يكن للدولة دور في قضية التسريبات التي تخرج علينا بين الحين والآخر، وإن استحال ذلك، فأين قانون الحريات العامة وتنفيذه؟
أنا حتى لا أطالب بأن يحدث كما حدث في فضيحة ووترغيت التي انتهت بحبس من كانوا يضعون أجهزة التنصت في مقر الحزب الديمقراطي، واستقالة الرئيس نيكسون، دون الدخول في تفاصيل أي تسريبات وما تحتويه.
هل تتذكر الوجوه الإعلامية قبل الثورة والكذب المتواصل على الشاشات والتمجيد في حق الرئيس الأسبق مبارك، وتغير الحال بعدها، وأصبحوا يسبون ويلعنون تلك الأيام الظالمة في عهده، أما في فترة الرئيس مرسي كان الجميع معترضاً على الأداء، كانوا كل الإعلاميين أبطالاً على الشاشات على الرغم من أنه أول رئيس منتخب في مصر، ولا أعتقد أنه أسوأ على مصر مما يقوم به ترامب حالياً في أميركا، ولكنها الديمقراطية التي تفنن الإعلام في تشويهها مستغلاً جهل قطاع كبير من الشعب، وعاد التمجيد والتسبيح من جديد في حق الرئيس الحالي دون شيء غيره، وأصبح هبوط سعر الدولار إلى 16 جنيهاً إنجازاً، بعد أن كان الإعلام يهاجم مرسي لوصول الدولار إلى 7 جنيهات.
مكانهم دائماً في الصفوف الخلفية للدولة بعد الجيش والشرطة يصفقون للرئيس وينافقونه.
لا تصدق أي إعلام، لا إعلام الدولة ولا إعلام مكملين والشرق، ولا تصدقني أنا شخصياً، فقط اقرأ وابحث وشاهد المواقف والأحداث الماضية، وأيضاً التاريخية للإعلام في مصر، وستعلم الحقيقة وحدك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.