الأسباب التي تقدّمها الصحف لتعب جيل الألفية هي كالتالي: التقاط الكثير من صور السيلفي، وكثرة البكاء على الفجوة بين ما يرون أنَّهم يستحقونه وبين الواقع، كما أننا متهورون إلى حدٍ مفزع كما يقولون.
لكن ما هي الأسباب الحقيقية لإصابتنا بالتعب؟
بكل صدق، هناك قائمةٌ طويلة من الأسباب. نحنُ متعبون لأنَّ جيلنا يتلقَّى مساعدةً أقل مما تلقَّى آباؤنا وآباؤهم من قبلهم، ومع ذلك يتوقعون منَّا أن نكون أكثر نجاحاً. تعبنا من المشاركة في سباقٍ لا ينتهي ولن يفوز به أحد. تعبنا من قراءة الأكاذيب في الصحف، وكيف حوَّلت الديمقراطية بلادنا لشيءٍ لم نصوّت لصالحه.
وتعبنا لأنَّه لا أحد يسمعنا، أو يفهمنا، حتى حين نعبر عن وجهة نظرنا بوضوح.
وتعبنا من السعي تجاه النجاح لنجد جهودنا تمر دون أن يلاحظها أحد.
وتعبنا من النظر إلينا كجيلٍ كامل، وليس كأفراد.
وتعبنا لأنَّه قيل لنا إنَّه بإمكاننا فعل أي شيءٍ ونحن صغار، ثم حُرِمنا من تلك الحرية عندما أصبحنا بالغين. وتعبنا من دفع ضرائب لا نرى أي فائدةٍ لها، ومن الحياة في ظروفٍ مزرية ندفع أكثر من نصف أجورنا للعيش بها.
وتعبنا من تناقض وسائل الإعلام، ومن تعديل أجسادنا حتى تلائم معايير الجمال الغربية. وتعبنا من أن يُقال لنا إنَّنا قصيرون أكثر مما يجب، أو ممتلئون أكثر مما يجب، أو عاديون أكثر مما يجب، ومن كوننا أذكياء أكثر من اللازم، أو غير أذكياء بما يكفي، وأنّنا خبراء مهووسون بالتقنيات الجديدة، لكن ليس بطريقةٍ جيدة طبقاً لما يرون.
تعبنا من قراءة أخبار مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية وتقاعدهم في منازل تبلغ قيمتها مليون جنيه إسترليني بمدينة لندن، اشتروها بقروضٍ عقارية مولتها البنوك بالكامل، وشهاداتهم الجامعية التي لم يدفعوا مقابلها، حتى تذاكر المهرجانات كانت مجانيةً آنذاك.
تعبنا من تحمّل الوضع المزري الذي تركته لنا الأجيال السابقة، ومن لوم جيلنا على سلوكنا، مع أنّنا لم نكن المسؤولين عن تربية أنفسنا.
تعبنا من امتلاك شهادةٍ جامعية والعجز في نفس الوقت عن الحصول على وظيفةٍ لا تتطلب خبرة مسبقة، وتعبنا من المنافسة الشديدة، ومن أن يكون أفضل ما لدينا ليس جيداً بما يكفي، ومن التفرقة على أساس السن، أو الجنس، أو العرق.
لقد تعبنا حتى من كوننا متعبين.
ومع ذلك، نستيقظ كُل يوم، ونتجمّل، ونذهب إلى العمل حيث نبتسم ونعمل بجِد. ونترقّى في مناصبنا لنكتشف أن أجراً أعلى لا يعني الحصول على مالٍ أكثر، لأنَّه دائماً ما يظهر شيءٌ جديد ندفع له المزيد من المال، أو شيءٌ يجب أن ندّخر المال لأجله. وهذه الزيادة في المسؤوليات تعني زيادةً في الضغوط، وهذا حِملٌ آخر يُلقَى على صحتنا العقلية التي أصبحت هشةً بالفعل.
وبجانب ذلك، نقضي أوقات فراغنا في ممارسة التمارين الرياضية، والمواظبة على العلاقات الاجتماعية؛ لأننا نريد كُل شيءٍ بالفعل. لم يكن الطموح شيئاً سيئاً بالنسبة لكم حتى بدأ جيل الألفية بالتحلّي به. ويمكنكم ملاحظة أنَّ أفراد جيل الألفية ليسوا هم من يجلسون في المنازل ويشاهدون المسلسلات الدرامية، نحنُ بالخارج نحاول تطوير ذاتنا مهما كان ذلك مرهقاً.
يُطلَب منا أن نعيش اللحظة، وأن نسعى في نفس الوقت بجدٍ أكبر، ولمسافةٍ أبعد، وأسرع من كل مَن سبقونا. ثم يُقال لنا إنّنا جشعون، وأنانيون، وإنَّه من المفترض بنا أن يدعم أحدنا الآخر بشكلٍ أكبر بدلاً من التركيز كلياً على أنفسنا؟
لا يقوم جيل الألفية بأيّ عملٍ صائب، ومع ذلك فإنَّنا ننهض كُل يوم، ونحاول مجدداً. وهذا، يا صديقي، ما يجعلنا متعبين. أنا آسفةٌ لإحباطك، لكن هذا ما نفعله نحن، أبناء جيل الألفية.
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة البريطانية لهافينغتون بوست؛ للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.